ترجمة عن صحيفة «واشنطن بوست»- الخليج الجديد-
كشفت صحيفة «واشنطن بوست» عن أن السعودية تنفق الملايين من الدولارات على شركات الضغط والمحاماة والعلاقات عامة؛ وذلك في سياق «الترويج لسياساتها في الولايات المتحدة وأمام الأمم المتحدة في هذه الفترة الحرجة».
وقالت الصحيفة في تقرير لها، نقلا عن سجلات وزارة العدل الأمريكية، إن عددا من أبرز شركات المحاماة والضغط والعلاقات العامة في واشنطن مكلفة حاليا بمهام من قبل مؤسسات حكومة سعودية، ومنها شركات «Podesta Group» و«BGR Government Affairs» و«DLA Piper» و«Pillsbury Winthrop».
وكشفت السجلات ذاتها أن الرياض تعاقدت مع خمس شركات ضغط وعلاقات عامة خلال عام 2015 فقط؛ ما «يعكس اهتماما متصاعدا من الأخيرة بتعزيز علاقاتها مع واشنطن».
وتعمل هذه الشركات الخمس على تنسيق الاجتماعات بين رجال أعمال ومسؤولين سعوديين والإعلام الأمريكي، كما تحرص على التشجيع على الاستثمار الأجنبي في السعودية.
وبعضها تم تكليفه بإعداد محتوى لحسابي السفارة السعودية في واشنطن على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وموقع تشارك الفيديوهات «يوتيوب».
وبدأت الحكومة السعودية وسفارتها، منذ أكثر من 30 سنة، في التعاقد مع شركات علاقات عامة ومحاماة وضغط في الولايات المتحدة، حسب «واشنطن بوست».
ويتراوح عمل هذه الشركات بين «اتفاقات تدوم لسنوات» من أجل الحصول على مشورة قانونية، أو «اتفاقات المرة الواحدة»، وتكون أثناء الزيارات التي يجريها كبار الشخصيات السعودية إلي واشنطن ونيويورك؛ حيث مقر الأمم المتحدة.
على سبيل المثال، عمل مستشارو شركة «إديلمان» (Edelman) للعلاقات العامة على تنظيم زيارة الرئيس التنفيذي لـ«شركة الثقة الدولية المميزة للإنشاء والتعمير»، «عبد العزيز الحربي»؛ حيث رتبوا للأخير لقاءات مع رجال أعمال ووسائل إعلام في واشنطن.
ودامت هذه الزيارة 12 يوما، خلا شهر يونيو/حزيران الماضي، وحصل مستشارو «إديلمان» على 10 آلاف دولار نظير أتعابهم.
وفي عام 2014، طورت شركة «كورفيس» (Qorvis) للعلاقات العامة محتوى حسابات السفارة السعودية في واشنطن على موقعي «تويتر» و«يوتيوب»، كما أدارت حساب «ائتلاف المعارضة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
وحول ذلك، قال المتحدث باسم «مؤسسة سان لايت» (Sunlight Foundation)، التي تتتبع تأثير المال على السياسات في الولايات المتحدة، «جوش ستيوارت»، إن «السعودية على الدوام تعد واحدا من أكبر اللاعبين عندما يتعلق الأمر بالتأثير الأجنبي في واشطن»، ويشمل ذلك بناء علاقات مع الإدارة الأمريكية، وجماعات الضغط السياسي.
علاقات متوترة
وتشير «واشنطن بوست» إلى أن تزايد التعاقدات السعودية مع شركات الضغط والمحاماة والعلاقات عامة في الولايات المتحدة يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات السعودية الأمريكية توترا ملحوظا.
وتجلى ذلك في المقابلة التي أجراها الرئيس الأمريكي، «أوباما أوباما» مع مجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية؛ حيث انتقد فيها حليفه السعودي.
وتأتي هذه الانتقادات في أعقاب سنوات من العلاقات المتوترة بين البلدين خاصة بعد الاتفاق النووي مع إيران التي تعتبر عدوا لدودا للسعودية؛ الأمر الذي دفع بالعديد من المسؤولين السعوديين إلى التساؤل حول مكانة بلادهم بالنسبة للولايات المتحدة.
وعبّر كل من «هيلاري كلينتون» و«بيرني ساندرز»، اللذين يتنافسان حاليا على الفوز بترشيح «الحزب الديموقراطي» للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، عن مساندتهما لمشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 من سبتمبر/ أيلول 2011 أو أي هجمات إرهابية أخرى بمقاضاة حكومات أجنبية مثل السعودية.
وكرد فعل، هددت السعودية ببيع أسهمها الموجودة في الولايات المتحدة والتي تقدر بحوالي 750 مليار دولار؛ وذلك في حال تمّت الموافقة على القانون.
ومن غير الواضح ما إذا ستقوم مجموعات الضغط وشركات العلاقات العامة بالتأثير على أعضاء الكونغرس في ما يتعلق بمشروع القانون.
استئجار ديمقراطيين وجمهوريين
وتعليقا على السياسات السعودية في الولايات المتحدة، قالت مديرة التحرير والاتصالات في «سنتر فور رسبونسف بوليتتكس»، وهو مجموعة رقابية حكومية، «فيفيكا نوفاك»، إنه «من خلال توظيف عدد من الأشخاص لتمثلها في واشنطن، تسعى السعودية للتركيز على كونها حليفا جيدا للولايات المتحدة بدل التركيز على وضعية المرأة في السعودية».
وأضافت: «عادة، ما يقوم بلد مثل السعودية باستئجار ديمقراطيين وجمهوريين لحماية مصالحه».
على سبيل المثال، فإن شركة «بوديستا» (Podesta Group) لديها عقد مع مركز الدراسات والشؤون الإعلامية في الديوان الملكي السعودي بقيمة 140 ألف دولار شهريا. ومؤسس هذه الشركة، هو «توني بوديستا»، وهو ديمقراطي، وأحد المساندين الرئيسيين لـ«هيلاري كلينتون»، كما لمركز الدراسات نفسه عقدٌ مع شركة «بي جي آر للشؤون الحكومية» (BGR Government Affairs) التي أنشأها الجمهوري، «هالي باربور».
وتم أيضا إبرام عقد مع شركة المحاماة الأمريكية «دي آل آي بايبر» (DLA Piper) عام 2015؛ وذلك «لمساعدة السفارة السعودية على تعزيز مصالح الأمن الوطني بين كل من السعودية والولايات المتحدة».
وفي عام 2013، عمل مستشارو شركة «إديلمان» (Edelman)، في واشنطن ونيويورك مع البعثة الدائمة للسعودية في الأمم المتحدة لدعم مصالح المملكة لدى المنظمة الدولية، وحصلوا على 190 ألف دولار نظيرا لأتعابهم.
وتعاملت السعودية، أيضا، مع شركة المحاماة «بيللسبوري وينثروب» (Pillsbury Winthrop) سنة 2015 حيث جمعت الشركة أرباحا تقدّر بحوالي 135 ألف دولار على خلفية توفير المشورة القانونية وخدمات العلاقات العامة للسفارة السعودية والسفير في وقتها، «عادل الجبير، (التي تم تعينه لاحقا وزيرا لخارجية السعودية).
وحصلت الشركة ذاتها ما بين عامي 2011 و2014 على 2.64 مليون دولار من «مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة»؛ نظير تقديم نصائح لتطوير برنامج تجاري للطاقة النووية.
وفي عام 2013، تعاقدت الشركة السعودية للبتروكيماويات «سابك» (حكومية) مع شركة «إنتربابلك» (Interpublic) من أجل خدمات تسويقية، شملت: إصدار بيانات صحفية، وتقديم بيانات عن الصحفيين في مجال الأعمال، وإقامة لقاءات في مدينة نيويورك، وحصلت الشركة الأمريكية في مقابل ذلك على أكثر من 140 ألف دولار.