الأمير الثلاثيني الذي يتصدر المشهد في الرياض يتطلع لاستخدام السلاح والنفط لاستعراض عضلات بلاده، الممملكة العربية السعودية.
تقع المملكة العربية السعودية، أقدم حليف لأمريكا في الشرق الأوسط، في خضم بحر من التغييرات الجذرية. فالقيادة تمر بحالة تغيير أجيال لم يسبق لها مثيل، وقد اعتمدت سياسة خارجية عدوانية، وقائد التغيير هو الابن المفضل للملك، ولي ولي العهد ووزير الدفاع، «محمد بن سلمان».
«محمد بن سلمان»، 30 عاما، ذو نشاط ملحوظ، وطموح للغاية. هيأ الملك «سلمان» له مجموعة من المواقف القوية. وقد نجح الأمير الشاب في تركيز السلطة في يديه بسرعة كبيرة. وبالإضافة إلى كونه الثالث في خط الخلافة وراء الملك وابن عمه ولي العهد الأمير «محمد بن نايف»، فهو في كثير من الأحيان يبدو السياسي الأبرز في البلاد كما أنه يرأس اللجنة التي تحدد السياسات الاقتصادية والطاقة. ويكتسب عناوين ومسؤوليات جديدة كل أسبوع. على سبيل المثال في وقت متأخر من أبريل/نيسان، أصبح الأمير الشاب ممثل السعودية في مجلس التعاون الجديد مع الأردن.
كما أنه يعد صاحب رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030،وهي الخطة الطموحة التي وضعتها البلاد لإنهاء اعتماد البلاد على عائدات النفط وخلق اقتصاد أكثر تنوعا.
أصدر الملك يوم 7 مايو/أيار 51 أمرا ملكيا هدفت إلى إعادة هيكلة الحكومة لتنفيذ خطة نجله، بما في ذلك إقالة وزير النفط «علي النعيمي» الذي كان يدير الملف لعقدين من الزمن. ويسعى أيضا إلى تشجيع المزيد من الأجانب لزيارة المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة من خلال تسليط الضوء على فرصة السياحة، ليس فقط خلال الحج وشهر رمضان، بل رحلات العمرة والسياحة على مدار السنة كذلك. حيث تمثل السياحة جزءا رئيسيا من «رؤية 2030»، ويبدو أن كل التغييرات تحمل طابع «محمد بن سلمان».
ويتولى «محمد بن سلمان» زمام الأمور في تحديد السياسة النفطية للبلاد. وقام بإفشال محاولات النعيمي «تجميد» أو خفض إنتاج أوبك في الشهر الماضي بسبب تمسكه بمشاركة إيران في أي اتفاق. كما إن خطته لفتح شركة أرامكو للاستثمار الخارجي هي محور «رؤية 2030»، وذلك من خلال النفط الذي يتم استخدامه كسلاح عن طريق الحفاظ على مستويات إنتاج عالية لمنع إيران من الحصول على فرصة بعد رفع العقوبات إثر الاتفاق النووي.
لدى الملك عدد من الأبناء الآخرين كبار السن الذين يحملون المزيد من الخبرة أكثر من الأمير «محمد». أحدهم هو رائد الفضاء الوحيد في المملكة العربية السعودية والآخر هو حاكم المدينة المنورة. ولكن الملك «سلمان» على ما يبدو لديه ثقة فريدة من نوعها في الأمير الشاب الذي يسيطر على والده ويتحكم في الديوان الملكي.
وتولي سعوديون آخرون مسؤوليات كبيرة في سن مبكرة من قبل. فمؤسس المملكة الحديثة، «عبد العزيز بن سعود»، سيطر على الرياض عندما كان فقط في أواخر العشرينيات من عمره. وابنه «فيصل» مثل المملكة بعد الحرب العالمية الأولى في لندن وباريس في سن الـ 14 وقاد الجيش بعد ثلاث سنوات في المعركة. وأصبح الأمير «بندر» سفيرا في الولايات المتحدة في أوائل الأربعينات من عمره. لكن صعود «محمد بن سلمان» يبدو فريدا من نوعه مقارنة بورثة العرش في النصف الأخير من القرن الماضي. وهو رمز للشباب في دولة معظم سكانها في سنه أو أصغر.
يقف الأمير أيضا من ناحية أخرى وراء إنشاء تحالف عسكري إسلامي جديد مقره في المملكة. وقد انضم إليه بعض البلدان. ويبدو هدف الأمير محمد من التحالف ذو طابع مزدوج. حيث يهدف إلى شن حرب ضد الجماعات الإرهابية مثل ما يسمى «الدولة الإسلامية» و تنظيم القاعدة، وكذلك ضد إيران وحلفائها مثل حزب الله و«بشار الأسد». وقد عقد الحالف تدريبات عسكرية كبيرة مثل «رعد الشمال» في المملكة هذا الشتاء.
مهندس الحرب في اليمن
«محمد بن سلمان» هو أيضا مهندس حرب المملكة العربية السعودية منذ عام في اليمن. في البداية كان يطلق عليها عملية عاصفة الحزم ولكن بعد ذلك فقد وصلت الحرب إلى طريق مسدود لذلك فقد تم تغيير الاسم.
وقد استولى السعوديون وحلفاؤهم، وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، على ميناء عدن ولكن لم يتمكنوا من انتزاع السيطرة على العاصمة صنعاء من المتمردين الحوثيين وشريكهم، الرئيس اليمني السابق «علي عبد الله صالح».
وقد بدأ وقف إطلاق النار الهش في الشهر الماضي. من خلال المحادثات السياسية الجارية في الكويت بين الجماعات اليمنية المتنافسة، لكن لم يحدث تقدم يذكر.
وقد دفع الشعب اليمني تكلفة هائلة. وقد تورط كلا طرفي الصراع في ارتكاب أعمال عنف مروعة. وقد ترك الحصار السعودي الملايين من اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية وانعدام المساعدة الطبية. وقد جوع المتمردون الحوثيون مدينة تعز لعدة أشهر أيضا.
ويأتي تصرف السعودية بهذا الشكل بهدف منع إيران من إنشاء نظام «دمية» على الحدود الجنوبية للمملكة. حيث تشعر المملكة بالقلق بسبب وجود وصلات جوية مباشرة من صنعاء إلى طهران، وأيضا بسبب محاولات استخدام ميناء الحديدة من قبل إيران. وقد وفر حزب الله وإيران بعض المستشارين العسكريين للحوثيين، ولكن تأثير ذلك على المتمردين يبدو محدودا.
الخلاف مع الولايات المتحدة
يوالي الملك وابنه الولايات المتحدة أيضا، حيث إنهما ليسا على وفاق تام مع الرئيس «باراك أوباما»، الذي باع المملكة أسلحة بقيمة 100 مليار دولار في عهده، وفقا لخدمة أبحاث الكونغرس.
وقد زود «أوباما» الحرب السعودية في اليمن بكافة أشكال الدعم الاستخباراتي والدبلوماسي واللوجيستي. ويتواجد الآن مستشارون من الولايات المتحدة على أرض اليمن لمكافحة تنظيم القاعدة.
لكن السعوديين لا يمكن أن يغفروا لـ«أوباما» تخليه عن الرئيس المصري «حسني مبارك» في عام 2011. حيث شعروا أن الدور سيصلهم، وهم بالتأكيد غير راضين عن الصفقة النووية مع إيران ويعتقدون أن «أوباما» غير حاسم في سوريا. وقد صرح «محمد بن سلمان» وهو يغازل الصحفيين الأمريكيين ومؤسسات الفكر والرأي أنه يريد من أمريكا أن تفعل أكثر، وليس أن تقلل وجودها المنطقة.
وقد أزاح الملك سلمان أخيه غير الشقيق، ولي العهد الأمير «مقرن» من منصبه قبل عام دون سابق إنذار أو تفسير. ويمكن للملك البالغ من العمر 80 عاما أن يزيل ولي العهد الحالي، ابن أخيه الأمير «محمد بن نايف»، ويرفع «محمد بن سلمان» في أي وقت.
الحرس القديم في العائلة المالكة، الذي يعتقد أن «محمد بن سلمان» طائش وعديم الخبرة، سوف لن يرغب في ذلك بكل تأكيد، ولكن لديهم خيارات قليلة للمقاومة. إذا أقدم الملك على وضع ابنه في منصب ولي العهد في المملكة فسوف يتم تخطي جيل كامل. وستكون بالفعل خطوة رائعة لـ«حمد بن سلمان».
دايلي بيست- ترجمة أسامة محمد - الخليج الجديد