انتقد سياسيون وكتاب وإعلاميون عرب، موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي، على تشريع يسمح للناجين من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وذوي الضحايا، بإقامة دعاوى قضائية ضد حكومة السعودية للمطالبة بتعويضات.
واعتبر المغردون على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، القرار محاولة ابتزاز أمريكية ضد السعودية، مطالبين بمواجهة هذا الابتزاز باستراتيجية خليجية موحدة.
وتسائل الكاتب الصحفي «عبد الباري عطوان»: «ماذا يحدث.. بعد يوم من كشف أمريكا لحجم استثمارات السعودية في سندات الخزانة الأمريكية، مجلس الشيوخ يصوت على جواز مقاضاة السعودية في أحداث سبتمبر».
بينما قال الكاتب الصحفي «جمال خاشفجي»: «الكونغرس يصوت لصالح قرار يجيز لعوائل ضحايا ١١ سبتمبر، بمقاضاة المملكة.. تطور خطير يهدد العلاقة بين البلدين».
أما الإعلامي «محمد عبد الرحمن»، فغرد: «موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع قانون يسمح للناجين من هجمات سبتمبر وذوي القتلى بالمطالبة بتعويضات من الحكومة السعودية، هو جريمة ابتزاز».
وأضاف الدبلوماسي القطري «ناصر الخليفة»: «تمرير مجلس الشيوخ الأمريكي قانون يسمح لعائلات ضحايا ١١ سبتمبر، مقاضاة السعودية، وفي حال عدم مصادقة الرئيس عليه، بداية ضغط جديد يمارس على العرب».
وتابع: «أتمنى أن تتخذ دول مجلس التعاون موقفا، موحدا، وأن يعملوا على تطوير استراتيجية قصيرة المدى وبعيدة المدى، لإسقاط هذا القانون ومواجهته قانونيا وسياسيا».
أما رجل الأعمال المصري «حسن هيكل»، فكتب: «لو اتفتح الباب في أمريكا لمقاضاة السعودية، كدولة، على أحداث سبتمبر ٢٠٠١ يعني زلزال مالي وسياسي غير مسبوق للمنطقة كلها».
ووصف الكاتب الفلسطيني «ياسر الزعاترة» القانون بأنه «نموذج آخر لغطرسة أمريكا»، وقال: «هذه ذروة الغطرسة والابتزاز».
وقال الإعلامي «فيصل القاسم»: «واضح أن الأمريكيين يتربصون باستثمارات السعودية، بأمريكا ويبحثون عن طريقة للسطو عليها».
واتفق معه الكاتب المصري «مصطفى بكري»، فكتب: «المملكة تتعرض الآن، لعملية نصب كبري يلعب فيها بارك أوباما دور القرصان، المطلوب باختصار هو تعويض الناجين والضحايا بمليارات الدولارات من قيمة الأموال السعودية في البنوك الأمريكية، هذه فضيحة أمريكية جديدة تذكرنا بعمليات المافيا».
وأقترح الكاتب «أمجد المنيفي»، مخاطبة المجتمع الأمريكي، وغرد: «لكي تخاطب المجتمع الأمريكي؛ يجب أن تستخدم الأدوات الإعلامية التي تؤثر بالمتلقي الأمريكي، وليست التي تخاطبنا نحن!».
وبحسب وكالة «رويترز»، فقد جرى إقرار التشريع، اليوم، بمجلس الشيوخ، الذي يعرف باسم «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب»، بموافقة جماعية من أعضاء المجلس.
وتعد هذه خطوة أولى للإقرار القانون، حيث يستلزم بعدها موافقة مجلس النواب على التشريع، وتوقيع الرئيس «باراك أوباما»، ما قد يتيح بعدها المضي قدما في دعاوى بالمحكمة الاتحادية في نيويورك، لإثبات أن السعوديين كانوا ضالعين في تلك الهجمات على مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» في 2001.
وفي 11 سبتمبر/ أيلول 2001، نفذ تنظيم القاعدة هجمات على أهداف داخل الولايات المتحدة باستخدام طائرات مدنية، شملت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، ومقر «البنتاغون» في العاصمة الأمريكية واشنطن، ما أدى لمقتل أكثر من 3 آلاف شخص، ما دفع الكونغرس الأمريكي إلى تشكيل لجنة للتحقيق في الأسباب التي أدت إلى وقوع الهجمات، وعدم تمكن الأجهزة الأمنية في البلاد من منعها.
وكان البيت الأبيض، قال الشهر الماضي، إن الرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، سيرفض مشروع القانون، وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض، «جوش إيرنست»: «من الصعب أن نتخيل توقيع الرئيس مشروع قانون بالطريقة المصاغ بها حاليا».
وأضاف «إيرنست»، أن رفض «أوباما» التوقيع على مشروع القانون «لا علاقة له بتأثير ذلك على علاقتنا ببلد معين»، في إشارة إلى السعودية، التي يؤكد تقرير الكونغرس عن أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، أن «الحكومة السعودية كمؤسسة أو أفراد من كبار المسؤولين السعوديين لم يقوموا بتمويل المنظمة (القاعدة)».
وكانت تقارير صحفية قد ذكرت مؤخرا أن السعودية أبلغت إدارة «أوباما» وأعضاء الكونغرس بأنها ستبيع وتُصفّي أصولا أمريكية تملكها المملكة - وتُقدر بمئات المليارات من الدولارات- إذا ما أقر الكونغرس مشروع قانون من شأنه أن يسمح للمحاكم الأمريكية بأن تُسائل ممثلي الحكومة السعودية عن أي دور لهم في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001. لكنّ وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» نفى في وقت سابق أن تكون السعودية تفكر في مثل هذه الخطوة ووصف تلك الأنباء بأنها «هراء».
وكشف موقع «ذي هيل» الإخباري الأمريكي أن هناك تزاحما كبيرا بين نواب الكونغرس على تقديم طلبات الإطلاع على مضمون 28 صفحة سرية، كانت ضمن تقرير من مئات الصفحات أعدته لجنة تحقيق مستقلة في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2011، وتدور تلك الصفحات حول العلاقة المحتملة للنظام السعودي بتلك الهجمات.
وحسب تقرير نشره الموقع المتخصص في متابعة شؤون مجلس الشيوخ والكونجرس الأمريكيين، خرجت لجنة التحقيق هذه، والتي شكلها الكونغرس، بعد نحو عامين من العمل الدؤوب، بتقرير ضم أكثر 800 صفحة، وأجاب عن كل الأسئلة الممكنة بخصوص الهجمات.
إلا أن إدارة الرئيس السابق «جورج دبليو بوش» ارتأت بعد استشارة وزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية (سى أى إيه) عدم نشر فصل صغير من التقرير يتكون من 28 صفحة، ويتناول دور الحكومات الأجنبية فى الهجمات لاعتبارات تتعلق بـ«الأمن القومى».
ونفى المسؤولون السعوديون منذ فترة طويلة أن يكون للمملكة أي دور في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول.
وقد وجدت لجنة التحقيق الأمريكية الرسمية في أحداث 11 سبتمبر أنه «لا يوجد أي دليل على الحكومة السعودية كمؤسسة أو أن كبار المسؤولين السعوديين كأفراد قد قاموا بتقديم تمويل إلى المنظمة».
ولكن بعض النقاد قد رأوا أن صيغة اللجنة قد تركت الباب مفتوحا للتكهن بأن يكون بعض الموظفين الأقل رتبة ربما يكونون قد لعبوا دورا في ذلك. وقد بقيت الشكوك قائمة بسبب استنتاجات لجنة تحقيق الكونغرس في عام 2002 أن بعض المسؤولين السعوديين الذين كانوا يعيشون في الولايات المتحدة في ذلك الوقت كان لهم دور في المؤامرة.
الخليج الجديد-