تتجه العلاقات الأمريكية السعودية لمزيد من التأزم ما قد يؤدي إلى سحب استثمارات سعودية في الولايات المتحدة تصل قيمتها إلى 750 مليار دولار أمريكي في حال سارت واشنطن بمشروع قانون يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر / أيلول بإقامة دعاوى قضائية ضد الحكومة السعودية للمطالبة بتعويضات.
وكان مجلس الشيوخ الأمريكي صوت مساء الثلاثاء بالإجماع على ما أسماه «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب»، ليفتح مواجهة محتملة مع البيت الأبيض الذي هدد بالاعتراض على مشروع القانون، وسينتقل المشروع إلى مجلس النواب حيث تعتزم اللجنة عقد جلسة استماع لمناقشته في المستقبل القريب كما أفاد مساعد في اللجنة القضائية.
ويعارض السعوديون مشروع القانون بشدة وينفون أي مسؤولية عن الهجمات التي وقعت عام 2001، ويهددون ببيع سندات أمريكية وأصولا تصل قيمتها إلى 750 مليار دولار إذا أصبح المشروع قانونا كما نقلت صحيفة «النيويورك تايمز الأمريكية».
الحصانات السيادية
وقال وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» إن اعتراض بلاده على مشروع القانون يستند إلى مبادئ العلاقات الدولية، مشددا في بيان أصدره على أنّ «ما يقوم به الكونغرس يلغي مبدأ الحصانات السيادية الأمر الذي سيحول العالم من القانون الدولي إلى قانون الغاب».
وإذا أصبح مشروع قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» قانونا فإنه سيرفع الحصانة السيادية، التي تمنع إقامة دعاوى قضائية ضد الحكومات، عن الدول التي يثبت أنها متورطة في هجمات إرهابية على الأراضي الأمريكية.
وسيسمح القانون للناجين من الهجمات وأقارب القتلى بالمطالبة بتعويضات من الدول الأخرى، وفي هذه الحالة سيتيح إقامة دعاوى في محكمة اتحادية في نيويورك يسعى من خلالها المحامون إلى إثبات أن السعوديين كانوا ضالعين في الهجمات على مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).
الخليج أكبر مستثمر في السندات الأمريكية
ويطرح الخبراء تساؤلات حول مصير الحلف القائم بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي النفطية في حال تأزمت العلاقات بين واشنطن والرياض في ظل توقعات بأن تقف العواصم الخليجية والعربية إلى جانب السعودية ما يهدد بأزمة أكبر وبتشكيل معسكرين بسبب مشروع القانون الذي يشكل سابقة في تار يخ العلاقات الدولية.
وكان تقرير بيانات التدفقات الرأسمالية الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية أظهر الإثنين شراء المستثمرين الأجانب 23.6 مليار دولار من إصدارات ديون الخزانة الأمريكية في مارس/آذار مقابل 9.9 مليارات دولار في فبراير/ شباط، حيث تصدرت المملكة العربية السعودية حيازات المصدرين الخليجيين بمبلغ 116.8 مليار دولار، وحلت الإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني بحيازتها أدوات خزانة قيمتها 62.5 مليار دولار، بينما بلغت حيازات الكويت 31.2 مليار دولار.
بوادر تأزم العلاقات
وأكد البيت الأبيض أن «أوباما» لا يزال يعتزم الاعتراض على مشروع «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» الذي وصفه المتحدث باسم البيت الأبيض «جوش إيرنست» بالقول: «هذا التشريع سيغير قانونا دوليا قائما منذ أمد بعيد فيما يتعلق بالحصانة السيادية.. لا يزال رئيس الولايات المتحدة يشعر بمخاوف جدية من أن هذا التشريع من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة عرضة للخطر في نظام المحاكم الأخرى في مختلف أنحاء العالم».
وأضاف: «في ضوء المخاوف التي عبرنا عنها .. من الصعب تصور أن يوقع الرئيس على هذا التشريع».
وفيما يمثل مزيدا من الضغوط على «أوباما» الذي دخل في الأشهر الأخيرة لولايته، توقع جيمس كريندلر وهو المحامي الذي يمثل أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول أن يقر مجلس النواب الأمريكي مشروع القانون وأن يصبح قانونا في نهاية المطاف.
وأضاف المحامي الذي كسب تعويضات كبيرة لضحايا تفجير طائرة فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية عام 1988 «سيكون جنونا من الرئيس أوباما أن يعترض على تشريع يحظى بتأييد الحزبين ويفتح المحاكم أمام ضحايا أسوأ هجوم إرهابي في تاريخ الولايات المتحدة».
لا يستهدف السعوديين
من جانبه وصف السيناتور الديموقراطي «تشارلز شومر» وهو أحد رعاة «مشروع قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» أنّه «متأخر».
وأضاف «شومر» الذي يمثل ولاية نيويورك: «قال مجلس الشيوخ بعلو صوته وبالإجماع إن عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية سيكون بمقدورهم محاسبة الجناة حتى لو كانوا دولة»، فيما رأى السيناتور الجمهوري «جون كورنين» أن مشروع القانون لا يستهدف السعوديين على الرغم من أنه أشار إلى جزء لا يزال سريا في تقرير عن هجمات 11 سبتمبر/آيلول يقول منتقدون إنه قد يتضمن الرياض، وأضاف كورنين: «ما زلنا بحاجة إلى أن نرى 28 صفحة لم تصدر بعد عن تقرير 11 سبتمبر/آيلول وقد يكون ذلك مفيدا».
لكن مشرعين آخرين أطلعوا على تلك الصفحات رأوا أن إصدارها من شأنه تهدئة مثل هذه الشائعات.
ولفت «كورنين» إلى أن الأمر متروك للمحكمة أن تقرر ما إذا كان السعوديون يتحملون المسؤولية، مضيفا: «لا أعتقد أن هذا سيكون مدمرا لعلاقتنا بالمملكة العربية السعودية».
سي إن بي سي عربية-