على الرغم من استبعاد تمرير مجلس النواب الأمريكي ومن بعده البيت الأبيض لمشروع القانون الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي أمس الأول، والقاضي برفع الحصانة عن 192 دولة لمقاضاتها في المحاكم الأمريكية، في حال كان لأي منها شبهة ارتباط بعمل إرهابي، إلا أن خيار الإقرار من شأنه أن يضع علاقات واشنطن بتلك الدول على المحك، وذلك لكونه سيسمح لأي مواطن أمريكي مهما كانت أدلته واهية بمقاضاة أي دولة، مما سيدخل هذا النوع من القضايا في خانة التعقيدات وإطالة الأمد، وهو الموضوع الذي أعاد الحديث عن إمكانية مقاضاة السعودية نتيجة أحداث 11 سبتمبر إلى الواجهة على الرغم من حصول الرياض على 4 شهادات براءة من تلك الأحداث.
الخبير السياسي في العلاقات الدولية رئيس لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية (سابراك) سلمان الأنصاري يتكئ في استبعاده لتمرير هذا المشروع لعاملين رئيسيين أولهما أن جميع تلك الدول سترفع الحصانة عن أمريكا، وستسمح لمواطنيها المتضررين من أي أعمال أمريكية على أراضيها بمقاضاة واشنطن، أما العامل الثاني فيعود لكون أن تمرير ذلك القانون سيجعل من أمريكا بلدا غير جاذب للاستثمارات السيادية لدول العالم، لا سيما الصين واليابان ودول النفط، التي تعد ثالث أكبر قوة اقتصادية داخلها.
وعن التركيز في الإعلام الأمريكي والتصريحات السياسية على السعودية لفت الأنصاري إلى أن القانون سيتيح لأي مواطن أمريكي مهما كانت أدلته واهية وضعيفة مقاضاة السعودية وأي دولة أخرى، وفي حال رأى القاضي أن بعض الأدلة يمكن أخذها بعين الاعتبار فسيطلب تجميد أموال تلك الدولة، مفسرا تمرير مجلس الشيوخ للقرار بعلو كعب السعودية في المنطقة وتوثيق علاقتها بدول كروسيا وفرنسا والصين وصفقات التسلح الضخمة.
اكتوينا بالإرهاب
يقول عضو الشورى الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية فيه الدكتور خضر القرشي، إن البريء
لا يقلق، وإن السعودية فضلا عن براءتها من أحداث 11 سبتمبر فهي أول المكتوين بنيران إرهاب القاعدة وداعش، ومشهود لها مكافحتها للإرهاب، فالملك عبدالله أنشأ مركزا لمكافحة الإرهاب، والمملكة عضو المنظمة الدولية لمكافحة الإرهاب.
لدينا أوراق ضغط
وأشار الدكتور خضر إلى أن القانون مناورة سياسية بين الكونجرس والرئاسة الأمريكية، وضغط غير مشروع على الدول، مشددا أن السعودية لديها من أوراق الضغط الاقتصادية والسياسية، مما يجعلها في موقف قوة، ولعل آخرها ما أفصحت عنه صحيفة نيويورك بوست الأمريكية والتي ذكرت في تقرير حديث للخزينة الأمريكية وضع السعودية في المركز 13 من حيث حجم الديون الأمريكية المستحقة لها من خلال السندات الأمريكية البالغة 116.8 مليار دولار أمريكي.
معركة قانونية
المحامي عضو لجنة الهيئة السعودية للمحامين الدكتور ماجد قاروب أكد لـ»مكة» أن كيفية التصدي لدعاوى تحميل المسؤولية والمطالبة بالتعويض عن الضرر، تعتمد على القضية نفسها، إذ إن لكل قضية ظروفها المختلفة، وهل هي مرفوعة ضد الدولة، أو ضد مؤسساتها أو ضد أفراد فيها، وسيتطلب مواجهة ذلك خوض معركة قانونية قوية، ولا بد أن يسبقها تشكيل لجنة قانونية استشارية على أعلى مستوى، لاختيار الأجدر والأكفأ والأكثر دراية بهذا النوع من القضايا تحديدا، فالقضاء الأمريكي معقد ويتمتع بخصوصية تتفق مع قوانينه وتشريعاته وخصوصيته الدستورية.
وشدد قاروب على أهمية التعامل مع الأمر بهدوء شديد على المستوى الإعلامي، لأن التصدي العلني لهذا النوع من القضايا سيحولها لقضية رأي عام تضغط وتربك مجريات الأحداث، مما سيكون في غير مصلحة الجانب السعودي، كون الآلية الإعلامية الأمريكية قوية جدا ومؤثرة على الأمريكيين، ولن يكون باستطاعة إعلامنا الناطق بالإنجليزية مواجهتها وإحداث ذات القدر من التأثير.
مكة السعودية-