علاقات » اميركي

نعم سيأتي يوم محاكمة الأميركيين على جرائمهم!

في 2016/05/30

هل سيأتي يوم محاكمة الأميركيين على جرائمهم؟ لم يكن سؤال الصحفيّة العربية مفاجئاً بل جاء بعد مقدمة طويلة عدّدت فيها جرائم المؤسسة الأميركيّة في بلدها وبعض البلدان. وحين سمعتْ جوابي السريع بنعم سألتني بسرعة: وما الذي يجعلك بهذا اليقين؟ فقلت لها: ما قلته لك هو أقرب رد منطقي جواباً لتساؤلك المنطقي وهذه ليست تخمينات أو أمنيات بل هو إيمان وتصديق بسنن الله ووعده بأن للظلم والظالم حساب ونهاية.

مشكلة الأميركيين اليوم مع بقيّة شعوب الأرض ليست في الصراع التقليدي على الحدود والموارد، بل باتت مشكلة حضاريّة ثقافيّة عميقة تتأسس مرتكزاتها على الضيم والغيرة والحقد. هناك من ضامهم الطيش الأميركي، وآخرون تقتلهم الغيرة من هذا المتجبر المتحّكم بالمصائر منذ أكثر من سبعة عقود. والعصر الأميركي لم يبدأ بالعدل والإحسان بل بالظلم والعدوان حينما ألقى الجيش الأميركي القنبلة النوويّة على "هيروشيما" و"ناجا زاكي" سنة1945. وهكذا تتابعت فظائع الحروب الأميركيّة في فيتنام وكوريا ودعم كيان إسرائيل وتهشيم العراق جيشاً وشعباً. وحتى اليوم ها هو "الكاوبوي" يقف منتصباً بصلف وسط برك دم ومجاميع بكاء في ساحات "الفوضى الخلاقة" التي صنعها في عمق مجتمعات الشرق الأوسط.

كيف لم يعد الحلم الأميركي "محوراً" مهمّاً في النشرات الدعائيّة الأميركيّة، وكيف غاب الحلم الأميركي عن أي برنامج انتخابي وقبل الشعب الأميركي استبداله بالحماقات تجاه الأديان والشعوب؟ كيف لم تعد القيم المهنيّة في الإعلام الأميركي واضحة المعالم بعد ذوبان القيم في أفران المصالح؟ وكيف يحاسب المسلمون على نتائج خطف المشروع الأميركي في أفغانستان لعقول شباب محسوبين على المسلمين بعد أن أقنعوهم بأنهم وحدهم من دحروا الروس - أعتى قوة على وجه الأرض. كيف تحاسب أمة على ثمار اندفاع شباب غرّرت بهم الوكالات الاستخباريّة فجربوا قوتهم في عقر دار الوكيل الأميركي.

لا تستطيع أميركا اليوم أن تتحدث عن القيم بشكل أخلاقي فهي توظّف الحقوق وملفات الحريّات بحسب ميزان المصالح والتوظيف السياسي والأمني. لقد رأينا كيف تحولت إيران الطائفيّة من ضلع رئيس في "محور الشر" إلى حليف ضامن لفلول القاعدة وتجارب "داعش" لخدمة المشروع الأميركي في المنطقة. والمؤسسة الأميركيّة تعلم جيداً تربص العالم بها حتى من جهة القانون الدولي والمحاكمات. ولذلك نجد أنه بخصوص جرائم الحرب الأميركيّة في العالم فإن قانون جرائم الحرب لعام 1996 War Crimes Act يسمح بمتابعة جرائم الحرب في أي مكان، ولكن الحكومة الاتحاديّة في الولايات المتحدة أصدرت قوانين لا تقبل اختصاص المحكمة الجنائيّة الدوليّة (ICC) على مواطنيها وهي المحكمة التي لم تنضم الحكومة الأميركيّة لعضويتها أيضاً.

نعم لا جدوى لأحد في مخاصمة السياسة الأميركيّة ولكن ليس من المصلحة أيضاً الاحتفاظ بالصديق الأحمق. يقول التاريخ بأن الظلم والطغيان آخر مراحل القوة، فهل هذا كله بدايات رحلة الانسحاب الأميركي الحضاري والصناعي من قيادة العالم. لا شك أن الأميركيين ماهرون جداً في إدارة الحاضر، وهم أيضاً مفتونون بالمستقبل وشجونه، ولكنهم بكل غباء لا يقرأون التاريخ جيّداً ليعتبروا منه، وهذه الورقة من كتاب التاريخ تحمل رسالة لعل أميركياً صالحاً يقرأها.

قال ومضى: من قال لك إني أبغضك، ولكن لا تصدق من يزعم أني أحبّك.

فايز الشهري- الرياض السعودية-