علاقات » اميركي

الجرأة الإقليمية السعودية تعكس قلق المملكة بشأن انهيار النظام الإقليمي

في 2016/06/02

وصف خبير بمعهد «كارنيغي» للسلام في الشرق الأوسط، الجرأة السعودية غير المسبوقة في التعامل مع ملفات الإقليمية مثل التدخل في اليمن وسوريا، بأنها «ليست علامة على الثقة، وإنما تعكس القلق العميق بشأن انهيار النظام الإقليمي».

وقال الخبير«بيري كاماك» محلل شؤون الشرق الأوسط في «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي»، أنه وبرغم التوتر الحالي في العلاقات السعودية الأمريكية، فإنه لا يمكن للرياض أن تتخلي عن هذه العلاقة تظرا لحاجتها لواشنطن كشريك أمني ولوجود العديد من المصالح المشتركة بين البلدين.

ويرى الخبير «كاماك» أن اتباع المملكة لما وصفه بـ«نهج سياسة خارجية أكثر عدوانية» هو «رد فعل من قبل العائلة المالكة السعودية على الاستراتيجية الإيرانية القائمة على التحريض على الحرب الأهلية، وتشجيع الطائفية، وتقويض الاستقرار».

وأكد على أن الجرأة غير المسبوقة في المملكة العربية السعودية «ليست علامة على الثقة، ولكنها تعكس قلق عميق للسعودية بشأن انهيار النظام الإقليمي حولها».

وقال إن السعوديين يحملون إيران المسؤولية عن جزء كبير من هذا الاضطراب، بسبب تحريضها على الحرب الأهلية في المنطقة، وتعزيز الطائفية وتقويض الاستقرار في أماكن مثل سوريا ولبنان والعراق.

لا بديل عن واشنطن كشريك أمني

وأوضح «كاماك» أنه على الرغم من فتور العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية في السنوات الأخيرة، فإن الرياض «ليس لديها بديل حقيقي لواشنطن كشريك أمني أساسي في المنطقة».

وبالرغم من شعور الرياض بالإحباط من رد الفعل الأمريكي المتخاذل تجاه الاضطرابات في المنطقة، واستمرار تدخل الرياض 14 شهرا في اليمن وسط تقدم قليل نحو أهداف سياسة الرياض، إلا أنه الرياض تعتبر واشنطن شريكها الاستراتيجي الأمني في المنطقة.

ويصف المحلل الوضع الحالي للعلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في كلمة واحدة بأنها «معقدة»، وهو نفس الوصف الذي سبق أن استخدمه الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» للعلاقة، ولكنه يوضح أن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية مبنية على المصالح المشتركة لا القيم المشتركة.

هذه المصالح تشهد تغييرات مهمة، بعد أكثر من 25 عاما من شبه استقرارها، حيث ترفض واشنطن التورط في أعمال عسكرية في الشرق الأوسط كما كانت تفعل سابقا، برغبة سعودية.

ويقول المحلل إن واشنطن والرياض لهما وجهات نظر متباينة بشأن أسباب عدم الاستقرار في المنطقة، وماذا يجب فعله حيال ذلك، خاصة فيما يتعلق بإيران. كما أن هناك خلافات على خلفية ثورة الزيت الصخري الأمريكي المنافس للنفط السعودي، وخلاف حول مسألة الـ 28 صفحة السرية من تحقيق الكونغرس في هجمات 11 سبتمبر/أيلول، التي يسعي البعض لإيجاد صلة بين مسؤولين سعوديين وبعض المهاجمين السعوديين الـ 15 لبرجي التجارة العالمي.

ومع هذا، فقد وقع السعوديون عقودا لشراء سلاح أمريكي تبلغ قيمتها أكثر من 100 مليار دولار منذ عام 2010، ولا يزال هناك تنسيق أمن ثنائي وتنسيق استخباري قوي، كما عقد الرئيس «باراك أوباما» أربعة لقاءات مع ملوك السعودية ويتشاور وزير الخارجية «جون كيري» مع وزير الخارجية «عادل الجبير» في كثير من الأحيان.

هل تتحالف المملكة مع روسيا أو (إسرائيل)؟

وحول احتمالات لجوء المملكة لبناء تحالفات قوية مع جهات فاعلة دولية أخرى، مثل روسيا ومصر، وربما حتى (إسرائيل)، يري «كاماك» أنه: «نظرا للاعتماد المفرط التاريخي على الأمن الاستراتيجي الأمريكي، فمن المنطقي بالنسبة للسعوديين أن يسعوا إلى تنويع محافظهم وتحالفاتهم».

ولكنه يري أيضا أن هناك حدودا لمدى هذا التحرك السعودي، فالعلاقات بين موسكو والرياض متوترة بسبب تدخل الروس في سوريا، كما أن المأزق الفلسطيني الإسرائيلي يضيق كثيرا نطاق التعاون بين (إسرائيل) والسعودية، أما بالنسبة للتحالف مع مصر، والرغم من أن القاهرة تعتمد على سخاء الخليج ماليا، فإن لديها تطلعات قيادية للمنطقة خاصة بها.

ويشير إلى أن كل هذه البدائل لا يمكن أن تتطابق مع القدرات العسكرية والدبلوماسية الأميركية، وبالتالي فإن الرياض ليس لديها بديل حقيقي لواشنطن كشريك أمني أساسي.

تحسن العلاقات مع الرئيس الأمريكي القادم

ويتوقع محلل «كارنيغي» أن تتحسن العلاقات بين الجانبين السعودي والأمريكي مع قدوم الرئيس القادم إلى منصبه في يناير/ كانون الثاني، ولكنه يري مع هذا أن العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية لن تعود إلي «الوضع الطبيعي» ولكن سيستمر التعاون بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، وسوف تستمر الاختلافات حول مجموعة متزايدة من القضايا الإقليمية والدولية.

ويقول الخبير السياسي أنه «يجب على واشنطن مواصلة طمأنة الرياض على دعمها في الدفاع عن نفسها، وأن الاستمرار في تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني لا يشكل تأثير علي توسع نفوذ إيران في الشام». وأنه يجب على واشنطن أيضا أن توضح للرياض أن الاستقرار الحقيقي في الشرق الأوسط يتطلب تغييرا في نهج الرياض، لأن التحدي المباشر هو نزع فتيل التوتر بين السعودية وإيران، والذذي يمكن أن تقلل من الطائفية وتسهل الحلول الدبلوماسية سياسية في سوريا والعراق واليمن وغيرها.

تأثير أسعار النفط على السعودية

وحول تأثير أسعار النفط على معيشة السعوديين وانخفاض القوة الشرائية السعودية خصوصا لمعدات الدفاع، وتأثير كل هذا على السياسة الخارجية للبلاد، يري خبير «كارنيغي» أن جواب هذا السؤال يتوقف على معرفة هل انهيار أسعار النفط ظاهرة دورية أم غير اعتيادية، مشيرا لأهمية حديث الأمير «محمد بن سلمان» بصراحة عن «اقتصاد ما بعد النفط»، كجزء من «رؤية السعودية عام 2030».

وتقدر نفقات السعودية علي الدفاع في عام 2015 بحوالي 82 مليار دولار، وهو إنفاق يزيد حتي علي إنفاق قوة عظمي مثل روسيا.

ولكن الخبير الأمريكي يري أنه الاحتياطي المالي الاستراتيجي الذي يقرب من 600 مليار دولار يدعم هذه النفقات الحربية واستمرار العمليات العسكرية في اليمن والتوسع في ذات السياسات الإقليمية لبعض الوقت.

 لكن العجز في الميزانية السنوية الذي تضخم إلى ما يقرب من 90 مليار دولار وتخفيض وكالات التصنيف الكبرى جميع التقييمات الائتمانية للمملكة في الشهور الاخيرة، «يقلص خيارات السياسة الخارجية والداخلية».

بيري كاماك- معهد «كارنيغي»-