تشهد مدينة جدة السعودية، حراكا سياسيا دوليا في سبيل الخروج بحل للنزاع المتصاعد في اليمن، منذ أكثر من عام، بالتزامن مع عودة المعارك بشكل غير مسبوق على أكثر من جبهة في أنحاء البلاد.
وأفادت مصادر في الحكومة اليمنية أنه من المقرر أن تحتضن مدينة جدة اليوم اجتماعا دوليا لمناقشة النزاع بين القوات التابعة للحكومة اليمنية من جهة، والحوثيين وقوات موالية للرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح، من جهة أخرى.
ووفقا للمصادر، فإن الاجتماع ستعقده في جدة ما تسمى بـ«اللجنة الرباعية» (تضم وزراء خارجية أمريكا، وبريطانيا، والسعودية، والإمارات)، بجانب اجتماع آخر يضم وزراء خارجية دول الخليج العربي، مع وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري»، بعد تعذر إقامته مساء الأربعاء لعدم وصول جميع وزراء خارجية الخليج.
ومن المتوقع، أن يخرج اجتماع الرباعية بخارطة طريق لحل الأزمة اليمنية، تكون بديلا للخارطة التي طرحها مبعوث الأمم المتحدة، «إسماعيل ولد الشيخ أحمد»، في مشاورات الكويت التي استمرت لأكثر من 90 يوما، ورفضها وفد الحوثيين-صالح لعدم تضمينها تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وهذا هو الاجتماع الثاني للرباعية بشأن الملف اليمني، عقب الاجتماع الذي احتضنته مدينة بروكسل في 21 يوليو/ تموز الماضي، وخرج بمقترحات لم يتم تقديمها بشكل رسمي للأطراف اليمنية المتصارعة (الحكومة والحوثيين وحزب صالح).
وفي بيان لهم عقب اجتماع بروكسل الشهر الماضي، قال وزراء خارجية دول اللجنة الرباعية، إنهم بحثوا تسلسل اتفاق محتمل للأزمة اليمنية، وأكدوا أن الحل الناجح يشمل ترتيبات تتطلب انسحاب الجماعات المسلحة من العاصمة صنعاء ومناطق أخرى، واتفاق سياسي يتيح استئناف عملية انتقال سياسي سلمية تشمل الجميع.
وأجمع الوزراء في بيانهم، آنذاك، على ضرورة ألا يهدد الصراع في اليمن دول الجوار، كما أكدوا أن إعادة تشكيل حكومة ممثلة للجميع هو السبيل الوحيد لمكافحة جماعات إرهابية كتنظيمي (القاعدة) و(الدولة الإسلامية) بفعالية، ومعالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية بنجاح.
واستبق الحوثيون اجتماع جدة، وما سيخرج به من قرارات، من المتوقع أن تكون مُلزمة وتحظى بتأييد وإجماع من مجلس الأمن الدولي، بوضع شروطهم للعودة للمشاورات.
وقال الناطق الرسمي للجماعة، «محمد عبدالسلام»، في تغريدة مقتضبة على تويتر، إن الحل السياسي الشامل هو الخطوة الصحيحة لعودة مشاورات السلام اليمنية المعلقة منذ السادس من أغسطس/ آب الجاري، إلى مسارها الطبيعي.
فيما قال عضو وفد الحوثي و«صالح» التشاوري، «ياسر العواضي»، في تغريدة فجر اليوم «نتائج اجتماع الخميس بجدة والذي دعا إليه ولد الشيخ قد تكون أساس في التعامل مع المبعوث من عدمه في المستقبل»، في إشارة إلى أنهم سيقطعون التعامل معه في حال ما صدرت المخرجات بالشكل الذي لا يروق لهم.
كيري في السعودية
وأجرى «جون كيري» محادثات مع ولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» استمرت حتى الساعات الأولى من صباح الخميس تناولت سبل إنهاء الصراع في اليمن واستئناف محادثات السلام بين الجانبين المتحاربين.
وسيجتمع «كيري» مع العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» في وقت لاحق الخميس ثم ينضم إلى وزراء خارجية السعودية والإمارات ووزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية «توبياس الوود» لبحث سبل إنهاء الصراع المستمر منذ 16 شهرا في اليمن والذي أودى بحياة 6500 شخص نصفهم من المدنيين.
يذكر أن الكويت احتضنت جولتي مشاورات يمنية، استمرت لأكثر من 90 يوما، دون تحقيق أي اختراق جوهري في جدار الأزمة، ما جعل المبعوث الأممي، يرفعها في 6 أغسطس/ آب الجاري، ويعلن عن جولة قادمة بعد شهر ـ منذ ذلك التاريخ ـ في دولة لم يتم تحديدها حتى اليوم.
وتضاءلت فرص انعقاد الجولة الجديدة في موعدها، بسبب تصعيد عسكري غير مسبوق شهدته الجبهات اليمنية خلال الأسبوعين الماضيين، وكذلك الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية.
وحققت القوات الحكومية، منذ رفع المشاورات، تقدما عسكريا مهما على الأرض، ففي حين استعادت عددا من المدن من قبضة القاعدة في محافظة أبين جنوبي البلاد، تمكنت من تحقيق انتصار على الحوثيين وقوات صالح في شمالي البلاد، وفي مدينة تعز (وسط)، وتخوم العاصمة صنعاء.
وتشهد اليمن حربا منذ أكثر من عام بين القوات الموالية للحكومة مدعومة بقوات التحالف العربي من جهة، ومسلحي الحوثي وقوات الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من جهة أخرى، مخلّفة أكثر من 6 آلاف قتيل، فضلًا عن آلاف الجرحى وأوضاع إنسانية صعبة.