علاقات » اميركي

(قانون رعاة الإرهاب) معيب وينتهك القانون الدولي

في 2016/09/16

انتقدت جامعة الدول العربية والبرلمان العربي وخبراء في القانون الدولي ودبلوماسيون ومتخصصون في شؤون الجماعات الإسلامية قيام الكونغرس الأمريكي بإقرار قانون ما يسمى "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي يسمح بمقاضاة المملكة من قبل أهالي ضحايا أحداث 11 سبتمبر 2001.

وأكد هؤلاء أن هذا القانون يتضمن أحكاما لا تتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة أو مع القواعد المستقرة في القانون الدولي ومن شأنه إضافة المزيد من التوتر على الأوضاع غير المستقرة في المنطقة ويتعارض مع مبدأ السيادة التي تتمتع بها الدول وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وأشاروا إلى أن هذا القانون سيقوض الحرب الدولية ضد الإرهاب في ظل التبعات الخطيرة المرتبطة بتطبيق هذا القانون على المبادئ الدولية الراسخة والمرتبطة بمبدأ السيادة، والتي تمثل ركنا أساسيا في العلاقات الدولية.

وطالبوا الحكومة الأمريكية بوقف مثل هذا القانون حماية لمبادئ القانون الدولي وتحقيقا للمصلحة الدولية، مشيدين بجهود المملكة في الحرب ضد الإرهاب.

قانون داخلي

وبدوره، أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن "قانون العدالة ضد رُعاة الإرهاب"، الذي أصدره الكونغرس الأمريكي لا يتعدى حدود الدولة التي صدر فيها.

وقال سلامة إن أي تشريع في أي دولة لا يستطيع أن يتخطى حدودها لأن القانون الدولي هو الأسمى والأعلى.

وأشاد سلامة بجهود المملكة ضد الإرهاب، مشيرا إلى أنه منذ الثمانينات تعتبر المملكة من أكبر عشر دول في العالم تكافح وتسعى لاجتثاث الإرهاب ولا زالت تكافحه حتى الآن.

فكر 11 سبتمبر

وبدوره، قال السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إن هذا القانون يمثل إجراء لاستمرار لفكر 11 سبتمبر الأمريكي نفسه، وهو إظهار أن الإسلام والدول الإسلامية خصوصا المملكة، لأنها مقر الأماكن الإسلامية المقدسة، متورطون في الإرهاب.

وأضاف أن الغموض مازال يحيط بأحداث 11 سبتمبر 2001، والتخطيط لها وتنفيذها بهذه الدقة والإحكام يؤكد تورط أجهزة مخابراتية في تنفيذها.

وأشار إلى أن هجمات 11 سبتمبر كانت بمثابة "سحر انقلب على الساحر" حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتأسيس تنظيم القاعدة لمحاربة القوات السوفيتية التي كانت تحتل أفغانستان في الثمانينيات، وقدموا لهم الدعم المادي واللوجستي والتدريب، واتخذوا من الشباب المتدين المتزمت نواة لها، وبعد انتهاء الاحتلال السوفيتي أطلقت أمريكا يد تنظيمي القاعدة وطالبان في أفغانستان، إلا أنهم اتخذوا منها نقطة انطلاق للعالم العربي لمحاربة الدول الاسلامية.

ولفت إلى أن أحداث 11 سبتمبر كانت نقطة تحول كبيرة في السياسة الأمريكية وتغيير وجه العالم العربي، إذ أكدت الولايات المتحدة الأمريكية أن معاركهم المقبلة ستكون "انتصارا بلا حرب"، حسب تصريحات الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون.

وأشار إلى أن أحداث 11 سبتمبر فتحت الباب أمام الولايات المتحدة الأمريكية لغزو أفغانستان، ومنه قامت بغزو العراق عام 2003، ومنذ هذا التاريخ والعالم العربي يتمزق، فالولايات المتحدة الأمريكية حينها ادعت ان العراق سيكون نموذجا للحرية والديمقراطية والتقدم، وهو ما لم يحدث، وهذا يؤكد أن أحداث 11 سبتمبر كانت مبررا للتدخل الأمريكي الغربي في الدول العربية، وما نحياه الآن تبعات لهذه الأحداث.

وأكد أن ذلك لم يتحقق بعفوية أو وليد الصدفة، ولكن تم رسمه وتنفيذه من قبل المخابرات الأمريكية والغربية، والدليل على ذلك وجود 25-30 ألف مقاتل أجنبي في سوريا، ويمدونهم بالإعاشة والعدة والعتاد.

ورقة ضغط

ومن ناحيته، قال ماهر فرغلي الخبير والباحث في شؤون الحركات الإسلامية إن الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة بدأت تتبع سياسة الانسحاب للداخل والفوضى الخلاقة والحرب بالوكالة، حيث إنها تسعى لغلق قنوات القتال التي فتحتها بعد الهجمات، لتنيب عنها دولاً أخرى، كما تفعل الآن مع إيران.

مشيرا إلى أن هذا القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي يمثل ورقة ضغط على المملكة لتسمح للنفوذ الإيراني بالتمدد.

ولفت إلى أن تلك السياسة انعكست على موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما من الحرب السورية إذ إنه كان قادرا على التدخل المباشر في سوريا وإسقاط بشار الأسد كما فعل بوش الابن مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين، لكنه فضل الحفاظ على رجاله واقتصاده ودعم حركات أخرى تعمل على تحقيق الطموحات الأمريكية في المنطقة.

وأشار إلى أن هجمات 11 سبتمبر تسببت في هجمة غربية شرسة على العرب والمسلمين، وخدمت المصالح الأمريكية خصوصا في انتهاج سياسة الفوضى الخلاقة حيث قامت باحتلال أفغانستان والعراق، ووضعت سياسة جديدة في دعم الحركات المتطرفة لدمجها في المجال الديمقراطي، معتقدة أن دمجهم سيخفف من تعنتهم ضد الغرب وترصدهم له، ففرضت على العالم العربي حصارا اقتصاديا وفكريا حيث طالبت بدمج الإسلاميين وإشراكهم في الحكم كما تم مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس، وطالبت بتغيير المناهج التعليمية والتربوية، وعلى الجانب الآخر ازداد حنق هذه الحركات على أمريكا وأتباعها الغربيين لأنهم رأوها شريكا أساسيا في خراب العالم العربي والإسلامي بعد سقوط العراق، وبدأوا في استقطاب العناصر والجماعات المشتتة، إلى أن وصلنا لظهور تنظيم "داعش" الإرهابي.

رفض عربي

ومن جانبه، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط في بيان عن اندهاشه إزاء قيام الكونغرس الأمريكي بإصدار تشريع تحت اسم "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب".

وقال أبوالغيط: إن هذا القانون يتضمن أحكاما لا تتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة أو مع القواعد المستقرة في القانون الدولي، كما أنه لا يستنِد إلى أي أساس في الأعراف الدولية أو القواعد المُستقرة للعلاقات بين الدول ولا تُقر، تحت أي ذريعة، فرض قانون داخلي لدولة على دول أخرى.

وعبر أبوالغيط عن أمله في أن تتمكن الإدارة الأمريكية من وقف هذا القانون المعيب الذي سيكون من شأن تفعيله توتير العلاقات بما لذلك من تداعيات محتملة على الأوضاع الإقليمية البعيدة أصلا عن الاستقرار.

وأكد أبوالغيط على الموقف الثابت والواضح للجامعة العربية من رفض وإدانة الاٍرهاب بكل أشكاله واحترام القانون الدولي والتمسك به.

وبدوره، استنكر رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان في بيان إقرار الكونغرس الأمريكي، ما يعرف بقانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب"، معتبرا أن هذا القانون يتعارض مع مبدأ السيادة التي تتمتع بها الدول وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وأكد الجروان أن هذا القانون يعتبر سابقة خطيرة في مبادئ وأسس العلاقات بين الدول وذلك بتطبيق قانون داخل دولة يحق له التدخل بشؤون دول ذات سيادة، وهو ما تستنكره ليس فقط الشعوب العربية، بل كافة شعوب العالم.

وحذر الجروان من أن تطبيق هذا القانون سيؤدي لمزيد من التوترات بين الدول ويقوض الحرب الدولية ضد الإرهاب في ظل التبعات الخطيرة المرتبطة بتطبيق هذا القانون على المبادئ الدولية الراسخة والمرتبطة بمبدأ السيادة، والتي تمثل ركنا أساسيا في العلاقات الدولية، معربا عن أمله في أن توقف الحكومة الأمريكية مثل هذا القرار حماية لمبادئ القانون الدولي وتحقيقا للمصلحة الدولية.

ودعا الجروان الدول العربية وجامعة الدول العربية في ظل هذه الأوضاع الى المزيد من التكاتف والتعاضد للتصدي لمثل هذه الاجندات التي تحاول زيادة التوترات في المنطقة.

وكالات-