علاقات » اميركي

المملكة ورحى الإعلام الأمريكي الجائر

في 2016/09/22

عام 1966 قام الرحالة الأمريكي توماس جي أبورومبيل الذي سمى نفسه بعد إسلامه بعمر بجولة في المملكة العربية السعودية ختمها بزيارته لمنطقة الحجاز حيث أدى فريضة الحج وذكر في مذكراته أن عدد الحجاج لذلك العام بلغ 250 ألف حاج قدموا من كل أنحاء الدنيا (جريدة الوطن، 17 سبتمبر 2016، ص 18)

كما ذكر أنه كان هناك طريق بأربع مسارات وبطول بلغ 45 كيلو يربط جدة بمكة مع لوحات واضحة باللغتين العربية والإنجليزية توضح حظر هذه الأماكن على غير المسلمين.

في السنين الأخيرة تجاوز الحجاج في معظم السنين المليونين ونصف وتم تسخير كافة الإمكانات المادية والبشرية لأعمال التوسعة والتنظيم والتطبيب والإشراف والإدارة والتسهيلات والنقل والدعم والمراقبة فوقفت دولتنا بكل مفاصلها لخدمة حجاج الله الذين شرفنا الله بخدمتهم خدمة لبيته العتيق.

ورغم كل هذا الزخم الإسلامي ورغم ضخامة الدور المنوط بهذه الأمة إلا أن المتابع يرى أن المملكة اليوم تتعرض لكثير من الأخطار وخاصة الخارجية منها؛ فمع اشتداد فوضى النزاعات في منطقة الشرق الأوسط وتغير معادلات التحالفات مع الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة ظهرت معادلات جديدة علينا، ربما يجب أن نكون أكثر هدوء ودقة في قراءتها بدل أن يلتهمنا وهم الصداقة والأخوة التاريخية الذي يبدو أنه لا يبقي ولا يذر عند المصالح السياسية التي تحدد الحلفاء في هذا العصر.

صدور قرار جستا وإقراراه من قبل الكونجرس الأمريكي يعطي مؤشراً واضحاً على العمل الخفي للوبي الصهيوني والكاره للمسلمين والعرب والشرق بشكل عام داخل أروقة الصناعة السياسية الأمريكية وعلينا الآن أن لا نكتفي بالشجب والرفض بالكتابة في الصحافة المحلية (وهذا جيد لشرح خطورة هذا القرار على كياننا كدولة) إلا أن الولايات المتحدة أولاً وأخيراً دولة مؤسسات وعلينا أن نعمل بشروطها المتاحة وأولها فهم العقلية الأمريكية والعمل معها واستخدام القنوات الإعلامية والذكية بالطريقة التي تتناسب مع المجتمع الأمريكي وبطريقة يفهمها، أي أن لا يكون عملنا (محلي) التوجه أو محلي العمل أو التوقعات.

لا.. علينا أن نعمل من خلال أجهزتهم وبطريقتهم لنوضح لهم أننا أمة تسعى للحياة ولبناء المستقبل وليس كما تعمل الآلة الإعلامية الشريرة هناك التي لم تتوقف ليل نهار وعلى مدي سنين من صب سم الكراهية في أذن المتلقي الأمريكي حول العرب والسعودية بوجه خاص وأي أحد يزور الولايات المتحدة يلاحظ ذلك ببساطة إلى الدرجة التي بدأت أدعو الله أن أصحو يوماً.. يوماً واحداً فقط على خبر إيجابي حولنا.

اليوم لا يسعنا إلا أن ننزع جلدنا التقليدي لنرى الأشياء ليس بمنظورها المحلي بل كما يراها من هم في الغرب ولنتحدث لغتهم الإعلامية حتى نصل إليهم.

يمكن لنا الاستفادة من هذه الملايين المسلمة التي زارتنا وأدت فريضة الحج ثم عادت لتتوزع في أصقاع الأرض كآلة إعلامية كبرى وبطرق كثيرة جداً مثل تكوين (جمعية الحجاج الزائرون) (مثل جمعيات الطلبة الخريجون) التي ترعاها كل جامعات العالم لخريجيها ليبقوا على تواصل ويدعموها مالاً ورعاية وهو ما يمكن لنا عمله مع جمعية (الحجاج الزائرون) التي يمكن للمملكة أن ترعاها ويمكن استخدام الفيس بوك وغيره كـ (بلات فورم) للتواصل وكتابة التجارب الإيجابية كما يمكن وضع اللوحات التوديعية ليكتب عليها الحجاج بلغاتهم المختلفة كلمات شكر وثناء في المطارات مثلاً إضافة إلى استخدامهم كسفراء للحديث عن تجاربهم الإيجابية وغير ذلك مما يمكن للناخب الأمريكي أن يفهمه وهو الذي يجهل كل شيء خارج حدود الولايات المتحدة.

فهم طريقة عمل المؤسسات الدستورية داخل الولايات المتحدة مهم جداً لنا لنصل إلى من يؤثرون في صنع القرار ونزودهم بما يحتاجونه من معلومات ذات طابع إنساني (وهم حتماً يجهلونها بدليل مواقفهم المتشددة منا) كما يجب ان نفتح أبوابنا ومؤسساتنا لمن أراد السؤال والتثبت من باحثين وصحافيين وسائحين فلا شيء نخشاه بل على العكس نريد أن يرى العالم أمة شابة تركض نحو المستقبل وتريد فقط فرصة أفضل للعيش تحت شمس القانون الدولي.

د. فوزية البكر - الجزيرة السعودية-