شكل قانون «جاستا» الفيروس الذي كاد أن يضرب العلاقة السعودية ـ الأميركية غير السليمة منذ أحداث 11 أيلول العام 2001. المزايدات السياسية لنواب الكونغرس دفعته إلى تجاوز «فيتو» الرئيس باراك أوباما، ولكن ذلك قد لا يستمر طويلاً قبل أن يرضخ لرغبة البيت الأبيض أو لحكم العلاقة المتينة مع السعودية، بإدخال تعديلات على القانون تحمي المملكة.
وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب كوركر، قد توقّع أن يعقد الكونغرس جلسة لتعديل القانون بعد الانتخابات الأميركية في الثامن من تشرين الثاني المقبل. في المقابل، سخر المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش ارنست، من موقف أعضاء الكونغرس، معتبراً أنّهم خلال دقائق غيّروا مواقفهم من إسقاط الفيتو الرئاسي، إلى القبول بتعديل القانون.
وإلى حين التعديل، قررت السعودية أن تمارس لعبتها المفضلة وأن تضغط سياسياً واقتصادياً على حليفتها، على أنّ القرار «يضغف الحصانة السيادية لجميع الدول، بما في ذلك الولايات المتّحدة»، بحسب ما أكد بيان الحكومة السعودية عقب اجتماعها الأسبوعي في الرياض برئاسة الملك سلمان أمس، داعية الكونغرس إلى «الحكمة» واتخاذ الخطوات اللازمة من أجل «تجنب العواقب الوخيمة والخطيرة التي قد تترتب على سن قانون جاستا».
وكالعادة، جاء الرد السعودي الرسمي، مصحوباً ببيان لمنظمة «التعاون الإسلامي» في صيغة أوضح، إذ اعتبرت المنظمة التي تصف نفسها بأنها «الصوت الجماعي للعالم الإسلامي»، أن القانون «يمثل خرقاً لمبدأ قانوني أساسي ومستقر منذ قرون في العلاقات الدولية وفي القانون الدولي، وهو مبدأ حصانة الدول ذات السيادة».
ورأت المنظمة التي تجمع 57 دولة، أنّ «ردود فعل المجتمع الدولي تجاه هذا القانون، تؤكد ضرورة التمسك بما استقرت عليه دول العالم منذ مئات السنين، من أنه لا يجوز لدولة ذات سيادة أن تفرض سلطتها القضائية على دول أخرى ذات سيادة، استناداً إلى معايير تعسفية كوسيلة لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية، وإلا اعتبر الأمر خرقاً لاستقلال الدول وانتهاكاً صريحاً لمبادئ مستقرة في القانون الدولي وفي العلاقات بين الدول».
وأشار البيان إلى أن «القانون الأحادي يفتح للأسف الشديد الباب أمام فوضى واسعة في العلاقات الدولية، ويمس تنظيماً قانونياً دولياً ثابتاً ومستقراً، ويهزّ من هيبة القانوني الدولي بأكمله». وحذرت الولايات المتحدة من أن «التشريع المذكور، قد يطلق يد الدول في إصدار تشريعات مماثلة كرد فعل منتظر لحماية حقوقها».
تحذيرات السعودية لم تأت في إطار سياسي فحسب، إنما التحذيرات الاقتصادية كان لها ثقل من نوع آخر، إذ هددت المملكة بسحب استثماراتها وبيع أصول تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، من الولايات المتحدة حال تطبيق القانون، وهو ما نقله مسؤولون أميركيون عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قبل أن يتم تمرير مشروع القانون، فيما حذر مسؤولون كبار في وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين، من أن تمرير مشروع القانون، قد يعرّض الاقتصاد الأميركي للخطر.
خطوات المملكة الاقتصادية المحتملة ضد حليفتها، وإن تركت تأثيراً في الاقتصاد الأميركي، إلا أنّ المتضرر الأكبر منها سيكون السعودية، بحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» حول إمكانية قيام المملكة ببيع أصولها. لكن رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي أيه» مايكل هايدن، أكد أن «السعودية بإمكانها الرد، بل وبإمكانها الانتقام»، مشيراً إلى أن «الكثير من الخطوات التي يدعو لها بعض الأشخاص ضد السعودية ستكون مؤذية على أميركا تماماً كما ستكون مؤذية للمملكة». واعتبر هايدن في حديث لشبكة «سي أن أن»، أن أكثر الدول على وجه الكرة الأرضية التي يمكن أن تخسر جراء ذلك هي الولايات المتحدة».
وكالات-