علاقات » اميركي

ما الرسائل التي تحملها جولة الملك «سلمان» الخليجية؟

في 2016/12/06

تحمل جولة الملك «سلمان بن عبد العزيز»، الخليجية الأولى له منذ توليه الحكم، والتي بدأها بزيارة الإمارات ويختتمها بالكويت، رسائل عديدة في برنامجها ومضمونها وتوقيتها، في ظل جدل متجدد بشأن أهمية فكرة تحول دول الخليج من التعاون إلى الاتحاد.

وبات تحول الخليج إلى الاتحاد مسألة وقت، وتؤيده كل دول مجلس التعاون الخليجي، عدا سلطنة عمان، التي تتباين سياساتها مع بقية دول الخليج في ملفات عدة، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي استثناها الملك سلمان من جولته الحالية.

إيران وترامب والنفط

وتأتي جولة العاهل أيضا في وقت تتصاعد فيه التحديات التي تواجه المنطقة، ولعل أبرزها ما تشكوه عواصم الخليج من تدخل إيراني متواصل في شؤون المنطقة، ولاسيما في البحرين واليمن وسوريا.

ويوجد قلق خليجي بشأن مستقبل العلاقات الخليجية الأمريكية بعد الرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، «دونالد ترامب»، الذي يتولى السلطة يوم 20 يناير/ كانون ثان المقبل.

وهنا يبرز قانون «جاستا» الأمريكي، وكيفية التعامل معه، إذ أبطل الكونجرس الأمريكي، في سبتمبر/ أيلول 2016، حق النقض «الفيتو»، الذي استخدمه أوباما ضد مشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على الولايات المتحدة الأمريكية، بمقاضاة دول ينتمي إليها منفذو هذه الهجمات، وغالبيتهم من السعودية.

وانتقدت السعودية هذا القانون، محذرة من عواقب وخيمة وتداعيات على علاقتها مع واشنطن، حيث ترفض السعودية تحميلها مسؤولية اشتراك عدد من مواطنيها (15 من أصل 19) في هجمات سبتمبر/ أيلول، وهددت الرياض بسحب احتياطات مالية واستثمارات بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة الأمريكية في حال إقرار مشروع القانون.

وأمام دول الخليج تحد ثالث، وهو تراجع أسعار النفط، الذي تعتمد عليه هذه الدول كمصدر رئيسي للدخل.

تلك التحديات تستوجب تكثيف التشاور والتنسيق المشترك بين دول الخليج لتعزيز التعاون الاقتصادي والدفاعي والأمني، إضافة إلى تنسيق السياسات في مواجهة التحديات الراهنة.

تضامن خليجي

وخلال جولته، يلتقي الملك «سلمان» قادة دول الخليج، ما عدا سلطان عمان، ويلتقي مسؤولين لبحث تعزيز العلاقات في المجالات كافة، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

كما يحضر الدورة الـ37 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي اليوم وغدا في البحرين.

وتحمل هذه الجولة أيضا رسائل شكر وتقدير بين المملكة وأشقائها في دول الخليج الأربعة الأخرى (التي يوجد بينها تقارب كبير في السياسات)، لذا كان واضحا الاحتفاء الكبير بالملك سلمان.

وهي على ما يبدو رسائل خليجية إلى الداخل لطمأنة الشعوب الخليجية، وإلى الخارج لتأكيد التضامن بين دول الخليج، وأهمية وثقل الرياض بين العواصم الخليجية.

تباين خليجي

لكن الجولة، وبناء على محطاتها، ربما تحمل رسالة عتاب، أو ما هو أقوى من العتاب، لسلطنة عمان، عبر عدم زيارة العاهل السعودي لها.

وتتسم سياسية السعودية، في عهد الملك سلمان، بالحسم والحزم في ملفات شتى، فضلا عن رغبة واضحة في أن تظهر الدول الحليفة للرياض مواقف صريحة داعمة لسياستها الخارجية التي تراها «عادلة».

وتتباين سياسيات الرياض ومسقط في قضايا عدة، أبرزها العلاقة مع إيران ومقترح الاتحاد الخليجي والأزمتان السورية واليمنية.

وبشدة، ترفض سلطنة عمان فكرة الاتحاد الخليجي، بينما تؤيد بقية دول الخليج هذا المقترح الذي دعا إليه عام 2011 العاهل السعودي (الراحل) الملك، عبد الله بن عبد العزيز (2005- 2015).

التباين بين سلطنة عمان وبقية دول الخليج بشأن الاتحاد الخليجي يمكن فهمه في ظل أن أحد الدوافع الرئيسية لإنشاء هذا الاتحاد هو رغبة دول الخليج في تبني سياسات موحدة تجاه إيران، التي تعتبرها تهديدا.

بينما تتمتع سلطنة عمان وإيران، اللتان تطلان على مضيق هرمز، بعلاقات متميزة على الأصعدة كافة، حتى أن الرئيس الإيراني، «حسن روحاني»، زار السلطنة في مارس/ آذار 2014، في زيارة هي الأولى له لدولة عربية منذ توليه مهام منصبه في أغسطس/ آب 2013.

كما زار سلطان عمان، «قابوس بن سعيد»، إيران يوم 25 أغسطس 2013، في زيارة هي الأولى لزعيم عربي لطهران، بعد تولي روحاني الرئاسة، بينما يغيب سلطان عمان، ومنذ عام 2011، عن حضور القمم الخليجية، واعتذرت مسقط عن عدم استضافة قمة 2015.

وتتدهور العلاقات بين مسقط وبقية عواصم الخليج، كما زادت الأوضاع بين إيران والسعودية سواء؛ بسبب ملفات إقليمية، أبرزها البرنامج النووي الإيراني، الذي ترى دول الرياض أنه يهدد أمن المنطقة، والملف اليمني، حيث تتهم الرياض طهران بدعم تحالف مسلحي الحوثي والرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح في مواجهة حكومة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، المدعوم بتحالف عربي بقيادة السعودية، فضلا عن الملف السوري، حيث تدعم طهران النظام السوري عسكريا، فيما تساند الرياض المعارضة السورية.

كما تتهم الرياض طهران بالتدخل في شؤون دول المنطقة، ولا سيما في مملكة البحرين، حيث تحرض المعارضة الشيعية على أسرة آل خليفة السنية الحاكمة، وفق دول الخليج.

وزادت الأوضاع سوءا بين الدولتين خلال العام الجاري، حين منعت إيران حجاجها من أداء مناسك الحج، وتبادلت مع الرياض الاتهامات بشأن المسئولية عن ذلك.

وفي 3 يناير/ كانون ثاني الماضي قطعت الرياض علاقتها الدبلوماسية مع طهران؛ احتجاجا على إضرام محتجين النار في سفارتها في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد، شمالي إيران؛ احتجاجا على إعدام الرياض “نمر باقر النمر”، رجل الدين السعودي (شيعي)، مع 46 مدانا بالانتماء لتنظيمات إرهابية، معظمهم من السنة. واتخذت بقية العواصم الخليجية، وبدرجات متفاوتة، مواقف تضامنية مع الرياض.

وفي ظل اتساع الخلافات بين دول الخليج وإيران، يعتبر مراقبون أن مواقف سلطنة عمان أقرب إلى إيران من الحياد، وهو ما ظهر جليا، بحسب هؤلاء المراقبين، في مواقفها المتباينة مع بقية دول الخليج بشأن البرنامج النووي الإيراني والأزمتين اليمنية والسورية.

هذا التباين الواضح في السياسات ربما يفسر سبب استثناء العاهل السعودي لسلطنة عمان من جولته الخليجية، وهو ما يبعث إلى مسقط برسالة واضحة.

ومع هذه الجولة الخليجية، وسياسة المواقف الواضحة التي يتبناها العاهل السعودي، تتصاعد تساؤلات بشأن كيف ستتفاعل مسقط مع رسالة الملك سلمان؟. هل ستتفاعل معها إيجابيا بما يؤدي إلى تضييق الفجوة مع بقية عواصم الخليج؟ أم أن الجولة قد تزيد الهوة لتمضي الأمور مستقبلا نحو إعلان اتحاد خليجي خماسي بدون سلطنة عمان.

ووصل العاهل السعودي الدوحة الإثنين، في زيارة تدوم يومين، وذلك ضمن جولة خليجية بدأها بزيارة الإمارات ويختتمها بزيارة الكويت بعد البحرين.

وسيشارك الملك السعودي خلال جولته الخليجية، في الدورة 37 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي ستنعقد في البحرين، على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء.

ولم يعلن موعد نهاية الجولة، التي تعد أول جولة خليجية للملك «سلمان»، منذ توليه الحكم في 23 يناير/كانون ثان 2015، كما أنها تعد أول زيارة رسمية له للدول الخليجية الأربعة.

وكالات-