جماعة الإخوان المسلمين في تقديري ليست إرهابية فحسب، بل هي أم الإرهاب، والرحم الذي أنتج التأسلم السياسي العنيف منذ تأسيسها عام 1928، ثم أفرزت بدورها فيما بعد جميع الحركات الإرهابية بلا استثناء، التي اتخذت من النصوص الإسلامية المقدسة مبررًا للعنف والإرهاب وتجنيد الإرهابيين.
الجماعة الأم، وكذلك بعض مفرزاتها، سبق أن استخدمتها المخابرات الأجنبية ابتداءً من الاستعمار الإنجليزي في مصر لتنفيذ اغتيالات سياسية، كما استخدمها الرئيس الأمريكي ريجان في الثمانينيات من القرن الماضي في حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي. كذلك استخدمها الرئيس المصري أنور السادات، في مواجهاته مع من يُسمون في السبعينيات من القرن المنصرم (مراكز القوى) الاشتراكية. بمعنى أن تلك الجماعة كانت بمنزلة البندقية المعروضة للإيجار، من حملها على كتفه استعملها ضد مناوئيه. وتاريخهم منذ نشأتهم في مصر، يؤكد أنها كانت آلية سياسية متأسلمة للعنف، تُسخر المفاهيم الإسلامية كالجهاد لتحقيق الأهداف السياسية؛ سواء لخدمة طموحاتهم السياسية، أو خدمة آخرين.
الرئيس دونالد ترامب، وكثير من أركان إدارته، صرحوا في أكثر من موقف أنهم ينوون تصنيف الجماعة (منظمة إرهابية)، ومن المرجح أن يقوموا بالعمل على استصدار قانون من الكونجرس بهذا الخصوص، تمامًا مثلما حصل لمنظمة (حزب الله) الإرهابية في لبنان. ويبدو أن جماعة الإخوان استشعرت مبكرًا الخطر، وبدأت كوادرها خاصة في أمريكا وأوروبا، في التظاهر بالتبرؤ من جماعة الإخوان، ومن انتمائهم لها، حتى إذا ما صُنفت الجماعة أمريكيًا منظمة إرهابية، يظل لها أذرعًا تعمل في الخفاء؛ ما يجعل تصنيفها كمنظمة إرهابية لن يؤتي أكله كما ينبغي.
وهذا صحيح إلى حد ما، لكنه ليس صحيحًا تمامًا؛ فمثلاً جرى تصنيف الجماعة في مصر بلد المنشأ، وكذلك في المملكة والإمارات، بهذا التصنيف، فأثّر عليها تأثيرًا عميقًا، وقيّد كثيرًا من قدراتها، خاصة قدرتها على التموّل والتمويل، كما أثر بشكل واضح وجلي على من يتعاطفون معها، وينافحون عن معتقداتها، فقد كان شكل وصفهم بالإرهاب رسميًا عقبة كأداء في طريق انتشارها، لكنه لم يقضي عليها قضاء مبرمًا. وهذا ما سيتم على المستوى العالمي فيما لو تم تصنيفها كمنظمة إرهابية، حيث سيشل هذا التصنيف كثيرًا من قدراتها، ويضطر كثيرون للابتعاد عنها كي لا تلوثهم بالإرهاب؛ كما أن المصارف والبنوك العالمية ستعتذر أغلبها من التعامل معها، رغبة في السلامة من العقوبات التي تفرضها الحكومة الأمريكية على المنظمات الإرهابية، مثلما حصل مع حزب الله في لبنان. كما أن تصنيفها بالإرهاب سيُسوغ تصنيفها بذات التصنيف في بريطانيا؛ وإذا ما سيطر اليمين، وبالذات اليمين المتطرف، على السلطة في أوروبا، وخصوصًا في فرنسا وألمانيا، فليس لدي شك أنهم سينضمون إلى أمريكا.
كل ما أريد أن أقوله هنا: إن فوز الرئيس ترامب بالرئاسة الأمريكية، وتعهده بالقضاء على محاضن من حوّل الإسلام من (دين) إلى (أيديولوجيا) سياسية عنيفة يعني أنه سيقضي على جماعة الإخوان حتمًا.
محمد آل الشيخ - الجزيرة السعودية-