بمجرد الإعلان الأمريكي الخميس، عن الزيارة المرتقبة للرئيس «دونالد ترامب» إلى السعودية أواخر الشهر الجاري ضمن أول جولة خارجية له تشمل (إسرائيل) والفاتيكان، إلا وتبارى مسؤولون ومحللون بالسعودية وكذلك وسائل إعلام في المملكة، في الترويج للزيارة.
وإن كان الترويج للزيارة أمر طبيعي، فإن الغريب أو اللافت للانتباه هو إسناد هؤلاء الفضل في تلك الزيارة إلى ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع «محمد بن سلمان» واعتبارها نجاح شخصي له، في تجاهل تام للملك «سلمان بن عبد العزيز»، وذلك في سابقة غير معتادة أو نادرة بتاريخ المملكة.
وعلى رأس من اعتبروا الزيارة نجاح شخصي لولي ولي العهد، جاء «عادل الجبير» وزير الخارجية السعودي، الذي قال في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «جهد جبار لولي ولي العهد بتوليه لملف العلاقات أثمر عن أول زيارة بالتاريخ لرئيس أمريكي لدولة إسلامية.. شكرا محمد بن سلمان ومرحباً بالرئيس ترامب».
وأعلنت واشنطن الخميس، أن أول رحلة خارجية لـ«ترامب» أواخر مايو/ أيار الجاري، ستشمل زيارات إلى المملكة العربية السعودية و(إسرائيل) والفاتيكان، بالإضافة إلى مشاركته في اجتماعات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل في 25 مايو/أيار، وقمة مجموعة الدول الصناعية السبع التي تستضيفها إيطاليا في 26 مايو/أيار.
وتحت عنوان «كيف أعاد محمد بن سلمان العلاقات السعودية الأميركية؟»، سارت فضائية «العربية» السعودية في نفس الاتجاه، وقالت إن الزيارة المقررة في 23 من أيار/مايو، في أول رحلة خارجية له، هي أول زيارة في التاريخ لرئيس أمريكي لدولة عربية أو إسلامية في زيارته الخارجية الأولى.
وأضافت أنه قبل زيارة «ترامب» للسعودية، التقى ترمب مع ولي ولي العهد السعودي في آذار/مارس الماضي بواشنطن، ووصف اجتماعهما بأنه إعادة لترتيب العلاقات الأمريكية السعودية.
ووصفت هذا الاجتماع بأنه «نقطة تحول في العلاقات التي كانت باردة في ظل عهد الرئيس السابق باراك أوباما».
ونقلت القناة عن مستشار ولي ولي العهد السعودي، الأمير «فيصل بن فرحان آل سعود» قوله في مقابلة تلفزيونية مع قناة «فوكس نيوز» حول اللقاء الذي وصف «بالتحول التاريخي» في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والسعودية، أن الاجتماع بين «ترامب» و«بن سلمان» أظهر توافقا ممتازا بين الرجلين على الصعيد الشخصي كما العام.
ولم تحد صحيفة «سبق» السعودية عن الطريق ذاته، حيث قالت في تقرير لها إن «قيادة الأمير محمد بن سلمان لملف العلاقات السعودية والأمريكية خلصت لإعلان الرئيس الأمريكي الخميس بأنه يفتخر بأن تكون أول زيارة خارجية له للسعودية».
وأضافت: «كما أن زيارته التي أعلن عنها الرئيس ترامب للسعودية جاءت قبل حلفاء أمريكا التاريخيين كبريطانيا وفرنسا مما يؤكد نجاح قيادة الأمير محمد بن سلمان الذي يعد أول مسؤول عربي وإسلامي يستقبله الرئيس الأمريكي».
وفي وقت سابق، كشفت تقارير صحفية، وتغريدات سابقة للمغرد السعودي الشهير «مجتهد»، استطاع «الخليج الجديد» عبر مصادر خليجية مطلعة التأكد من دقتها، أن (إسرائيل) والإمارات لعبتا دورا مهما في ترتيب زيارة «بن سلمان» لأمريكا ولقائه «ترامب».
وقد ظهر ذلك في الترويج لولي ولي العهد السعودي - عبر شركات العلاقات العامة المتعاقدة مع الإمارات - باعتباره الحليف المناسب للرئيس «ترامب» في حربه على الإرهاب. ليس فقط من خلال تصريحات «بن سلمان» بل من خلال الترويج لدوره في التصدي لرجال الدين (المحافظين)، وخططه (الإصلاحية) التي تتمثل في تقييد دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتقال علماء ودعاة انتقدوا سعيه لإرضاء الغرب – مثل الشيخ عبد العزيز الطريفي – ودعم أنشطة هيئة الترفيه.
ووفق «مجتهد»، «فقد ردّد بن سلمان في لقاءاته مع الأمريكان أن السعودية ستسقط بيد المتطرفين إن لم تقف أمريكا معه، يقصد ضد الجناح الآخر، دون أن يصرح بذلك».
كما كشف «مجتهد» أن مساعي «بن سلمان» لخلافة والده تجددت بعد استلام «ترامب» السلطة، حيث «تمكن فعلا من بناء علاقة قوية مع المقربين من ترامب وخاصة رودي جولياني عمدة نيويورك سابقا». لكن الملك «سلمان» رفض الفكرة، بحسب مجتهد. ولفت «مجتهد» أن «جولياني قد أثنى شخصيا على بن سلمان وقال بالنص أنه يسعى مشكورا للتطبيع مع إسرائيل والحد من سلطة المتشددين الإسلاميين في السعودية».
وقد استهدفت الزيارة بالتالي أن تزداد أهمية الأمير «محمد بن سلمان» لدى واشنطن على حساب ولي العهد الأمير «محمد بن نايف». لكنّ «بن نايف» مازال يتمتع بثقة الولايات المتحدة. لذا سيعمل ولي ولي العهد السعودي مع شركائه الإقليميين على تعزيز فرصه والإسراع بتحقيق طموحه. وهو ما سيضعه في مواجهة داخلية مع أطراف في العائلة المالكة وولي العهد، كما سيتطلب منه الاستجابة لمزيد من الالتزامات تجاه حلفائه في أبوظبي وتل أبيب باعتبارهم بوابته إلى واشنطن.
وفي السياق، وضعت أوامر ملكية صدرت قبل أيام، مقربين من الأمير «محمد» في مواقع قيادية في المملكة، ومن بين هؤلاء شقيقه الأمير خالد الذي عين في منصب سفير السعودية لدى واشنطن.
تلك التغييرات السياسية والأمنية في المملكة السعودية تدفع، بحسب محللين، نحو تعزيز موقع نجل الملك «سلمان» وزير الدفاع الأمير «محمد»، وتقوية العلاقات مع واشنطن.
يشار إلى أن نجم الأمير «محمد بن سلمان» (31 عاما) سطع غداة تعيينه في منصب ولي ولي العهد قبل عامين، بعد أشهر قليلة من تسلم والده مقاليد الحكم إثر وفاة الملك عبد الله، علما أن ولي العهد هو الأمير محمد بن نايف، نجل شقيق الملك الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز.
ويتولى الأمير «محمد» وزارة الدفاع ورئاسة مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة ومجلس آخر يشرف على عمل شركة أرامكو، عملاقة النفط، وهو صاحب رؤية 2030 الطموحة التي تقوم على إصلاح الاقتصاد عبر تنويعه بدل الاعتماد بشكل كلي على النفط.