علاقات » اميركي

صفقة الأسلحة الأمريكية.. البحرية السعودية تستأثر بنصيب الأسد من الكعكة

في 2017/05/23

كشف الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» عن أكبر عملية بيع للأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية حتى الآن، خلال رحلته إلى المملكة التي بدأت في 19 مايو/أيار. وتضمنت الصفقة أسلحة ومعدات للقوات الجوية والبحرية الملكية السعودية، والتي كانت حاسمة في تدخل الرياض في اليمن، فضلًا عن أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستية الضرورية للبلاد لمواجهة الصواريخ الإيرانية خلال الصراع. ومع ذلك، قد يكون الدعم الجديد للبحرية الملكية السعودية الصغيرة نسبيًا هو ما تنبئ أكثر عن رغبة البلاد في أن تصبح قوة أكبر في الشرق الأوسط وما وراءه.

وفي 18 مايو/أيار، نشرت صحيفة نيويورك تايمز نظرة عن قرب حول كيفية ضلوع مستشار البيت الأبيض «جاريد كوشنر»، وهو أيضًا صهر «ترامب»، في مبيعات الأسلحة بنشاط، حيث وصلت قيمة الصفقة مع المملكة بين 100 مليار دولار و 110 مليار دولار، في صفقاتٍ فورية، وتصل إلى 350 مليار دولار في المجموع على مدى العقد المقبل. وعلى وجه الخصوص، تدخل «كوشنر» شخصيًا، كما هو المعتاد في أسلوب إدارة «ترامب»، للحصول على خصم للسعوديين على مكونات نظام الدفاع الجوي (ثاد)، وهي نفس المنظومة التي أعطتها الولايات المتحدة إلى كوريا الجنوبية في وقتٍ سابقٍ من عام 2017.

وأكدت «بلومبيرغ» أيضًا في 18 مايو/أيار، أنّ البنتاغون ووزارة الدفاع السعودية سيعملان على إتمام صفقة بقيمة 6 مليارات دولار مع شركة لوكهيد مارتن لأربعة إصدارات معدلة من سفينة الحرية للقتال البحري، وتمثل 6% من حزمة الأسلحة الأمريكية. وتشمل بقية الصفقة آلاف الذخائر الموجهة بدقة، و 50 طائرة شحن مروحية من طراز سي إتش-47، و60 مروحية نقل صغيرة من طراز يو إتش-60، و 115 دبابة من طراز أبرامز إم1إيه2إس، من بين بنود أخرى.

التحديث الثاني

وتمثل السفن الحربية العمود الفقري للبرنامج الثاني لتعزيز القوات البحرية السعودية الممول من قبل الولايات المتحدة، والذي بدأ عام 2008. وقد دعمت الولايات المتحدة الأمريكية والبحرية الأمريكية على وجه الخصوص، أول برنامج لتعزيز البحرية السعودية في الثمانينات، حيث اشترت السعودية أسطولًا كبيرًا من السفن البحرية الحديثة، بدءًا من الفرقاطات إلى الزوارق الدورية الصغيرة، من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، وغيرها من البلدان. وبعد مشروع التحديث هذا، أصبحت الرياض تفخر بأكبر وأفضل قوةٍ بحرية مجهزة في منطقة الخليج العربي.

شكلت هذه السفن جوهر القوات البحرية في البلاد لأنّها استمرت موجودة خلال ثلاثة عقود. واقتصرت الإضافات للبحرية السعودية منذ ذلك الحين على شراء أربع فرقاطات فرنسية من طراز لا فاييت معدلة، والتي أطلق عليها اسم الرياض عام 2003. وحتى عام 2017، كانت هذه السفن التي يبلغ عمرها 15 عامًا أحدث السفن الحربية في البلاد. وتملك هذه السفينة البالغ وزنها 4650 طنًا قاذفات لصواريخ إكسوسيت المضادة للسفن وصواريخ أستر 15 أرض-جو، جنبًا إلى جنب مع أربعة أنابيب طوربيد، وطائرة مروحية ومدفع 76 مم رئيسي.

ولكن ما كان الأحدث قبل أكثر من عقدين يظهر قدمه الآن. ومنذ البداية، دعا البرنامج الثاني لتعزيز البحرية السعودية إلى أربعة مقاتلات سطحية جديدة. ومن شأن ذلك أن يحل محل عدد متساو من السفن القديمة التي وفرتها فرنسا والتي كانت البحرية السعودية قد تلقتها بموجب البرنامج الأصلي. لكنّ هذا الجزء من البرنامج قابلته بعض المشاكل.

كانت المتطلبات الأولية تبدو شديدة الانخفاض، حيث كان المسؤولون في الرياض مهتمين أكثر بمركبة خفيفة الوزن تمتلك رادارًا وقادرة على إدارة المعركة على غرار نظام إيجيس المتقدم في نظام لوكهيد مارتن، بما في ذلك مجموعة إيه إن/ سباي-1 القوية. وفي الواقع، "

بدلًا من الحصول على رادار سباي-1 دي بالحجم الكامل، سيكون للسفن الجديدة البديل سباي-1إف على وجه التحديد للفرقاطات والمسطحات،ولديه التي كانت لديها نصف نطاق الوحدة القياسية.

وقد أنتجت شركة لوكهيد مارتن كل من هذه المنتجات. لذلك، اقترح مسؤولون أمريكيون وممثلون عن الشركة تركيب هذه المعدات، جنبًا إلى جنب مع نظام إطلاق رئيسي ذو 16 خلية إم كيه 41، على سطح السفينة هاربون ذات قاذفات الصواريخ المضادة للسفن، وتركيب أنظمة الدفاع عن النفس «سيرام»، على نسخة معدلة من سفينة الحرية المقاتلة. وأصبحت السفينة الحربية الناتجة تعرف باسم المسطحة المقاتلة متعددة المهام (إم إم إس سي). وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، وافق السعوديون على شراء السفن.

ولسوء الحظ، ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الدفاع بعد ثلاثة أشهر، أصيبت البحرية السعودية بالرعب من السعر المتوقع، والذي قالت مصادر لم تكشف عن هويتها أنّه يتراوح بين 750 مليون دولار و 1 مليار دولار للسفينة الواحدة. بالإضافة إلى ذلك، قالت لوكهيد مارتن للسعوديين أنّ الأمر سيستغرق ما يصل إلى سبع سنواتٍ لتقديم النموذج الأول. وبحلول ذلك الوقت، كان البرنامج الأصلي لتعزيز البحرية يعمل منذ ما يقرب من عشرة أعوام، وكان المسؤولون في الرياض قد تقدموا بالفعل بطلب صفقة منفصلة بقيمة 1.9 مليار دولار لشراء 10 طائرات مروحية من طراز إم إتش-60 آر والأسلحة والمعدات المرتبطة بها، وهي جزء آخر من خطة البرنامج الثاني.

لكن يبدو من المثير للإعجاب أنّ السعوديين كانوا على استعداد لدفع قيمة أكبر مقابل السفن، مما يشير إلى أنّها قد تأتي مع قدرات جديدة ومحسنة على اقتراح التصميم الأصلي، أو يمكن أن يكون مجرد عرض من أعراض الرياح السياسية المتغيرة في واشنطن.

ومن المهم بالنسبة للبحرية الأمريكية شراء السعودية للسفن، حيث يعد تمويلًا لتطوير قدرات الدفاع البحري في المنطقة، والتي كان الكثيرون، بمن فيهم بعض أعضاء الكونغرس، يدفعون القوات البحرية نحو تخفيض نفقاتها. ولن يعوض تقاسم العبء مع السعوديين في صياغة التكوين الجديد تكاليف التطوير فحسب، ولكن إذا كانت البحرية ستشتري السفينة أيضًا، فإنّ ذلك سيؤدي إلى خفض تكلفة الوحدة بشكلٍ عام.

وبخلاف ذلك، فقد تم بالفعل فرز جزء كبير من باقي أجندة برنامج التحديث البحري السعودي أو أنّها في طور التنفيذ. وفي شهر يوليو/تموز عام 2013، حذر البنتاغون الكونغرس من إمكانية بيع 30 سفينة دورية من طراز مارك 5، كلٌ منها مسلح بمدفع واحد بقطر 27 ملم وأسلحة صغيرة مختلفة، فضلًا عن قطع الغيار المرتبطة بها، ودعم التدريب، وغير ذلك من الأصناف. وبلغ مجموع هذه المجموعة حوالي 1.2 مليار دولار.

وفي يناير/كانون الثاني عام 2016، قال حوض بناء السفن الإسباني نافانتيا أنّه يعمل مع السعوديين لتطوير نسخة من (مسطح) كورفيت أفانتي 2200. وتلبي هذه السفن، التي لديها أيضًا خصائص خفية محدودة، متطلبات الرياض لـ 6 سفن يبلغ وزنها 2200 طن. ولهذه السفن أيضًا أجهزة رادار وأجهزة استشعار كهروضوئية ومعدات حربية إلكترونية. ويمكن لمهبط الطائرات في الخلف استيعاب طائرة مروحية مثل إم إتش-60آر، وهو أمرٌ آخر كانت السعودية تسعى لشرائه عبر البرنامج الثاني.

وشملت العناصر الأخرى من البرنامج الثاني ثلاث طائرات دورية بحرية و30 إلى 50 طائرة مراقبة بدون طيار. وكان البنتاغون حريصًا على محاولة بيع السعوديين طائرات بوينغ من طراز بوسيدون بي-8إيه، والتي سبق وأن أعربوا عن اهتمامهم بها سابقًا. وتعد طائرات سكان إيجل أو آر كيو-21 بلاك جاك، التي تستخدمها القوات الجوية والبحرية الأمريكية على حدٍ سواء، على متن السفن وعلى اليابسة، خيارًا جيدًا للمسؤولين عن الطائرات بدون طيار في الرياض.

وفي عام 2016، من خلال عقود مبيعاتٍ عسكريةٍ أجنبيةٍ أخرى، حصلت الرياض على دعمٍ لتوسيع سلالم القوارب والأرصفة لإفساح المجال لسفن البرنامج الثاني في قاعدة الملك عبد العزيز البحرية في الجبيل بمحاذاة الخليج العربي. وبالإضافة إلى ذلك، قام فيلق مهندسي الجيش الأمريكي بعقود بناءٍ لمرافق أخرى على الشاطئ، بما في ذلك مقرٌ جديدٌ لعناصر العمليات الخاصة البحرية السعودية. وقبل عامين، بدأت البحرية الأمريكية زيادة العمل لتوسيع شبكة اتصالات القيادة والبحرية السعودية. وفي التسعينات، ساعد الجيش الأمريكي السعوديين على التحول إلى النظام العالمي للرقابة والتحكم البحري، مما أدى إلى تحسين قدرتهم على التنسيق مع القوات البحرية الأمريكية. ومن الممكن أن تشمل خطة المساعدة العسكرية لعام 2017 المزيد من التمويل لمشاريع التشييد وغيرها من مشاريع الدعم.

لا مزيد من الانتظار

وبغض النظر عن ذلك، من المرجح أن تكون المملكة قد قررت أنّها لا تستطيع أن تنتظر وقتًا أطول من ذلك حتى تصبح السفن في طور الإنتاج. ومع تقدم برنامج التعزيز الثاني، تغيرت طبيعة الخليج العربي بشكلٍ كبير. وشهدت السعودية توتراتٍ متزايدة مع إيران، مع قيام المسؤولين في طهران بتحسين وتوسيع جيشهم، مما جعل الأولوية الآن لدى المملكة هو مواكبة هذا التحدي.

وما يعنيه ذلك هو أنّ القوات الإيرانية لديها الآن قوةً كبيرة على الجانب الآخر من الخليج العربي. وفي فبراير/شباط الماضي، نشر مكتب المخابرات البحرية الأمريكية تقريرًا عامًا عن عناصر الدفاع البحري والساحلي الإيراني. وتضمن التقرير خريطةً توضح أنّ بطاريات الصواريخ البخارية الإيرانية المضادة للسفن يمكن أن تصل إلى جزءٍ كبيرٍ من الساحل الشمالي الشرقي للسعودية، وتغطيها بعمقٍ في بقية الممر المائي الاستراتيجي. علاوةً على ذلك، كان للبحرية الإيرانية والبحرية الموازية التابعة للحرس الثوري الإيراني أعدادٌ كبيرة من طرادات الأسلحة الصغيرة والقذائف الصاروخية ومعدات الهجوم السريع والألغام وشبه الغواصات والغواصات التقليدية ذات الأحجام المختلفة.

وخلال الحرب العراقية الإيرانية، استهدفت القوات الإيرانية ناقلاتٍ سعودية وكويتية كانت تنقل النفط العراقي. وفي ذلك الوقت، كانت البحرية السعودية لا تزال حديثة ولم تتمكن من فعل الكثير لحماية السفن، واعتمدت بدلًا من ذلك على القوات الأمريكية لحراسة الشحنات خلال ما أصبح يعرف باسم «حرب الناقلات».

ومنذ عام 2007، وجهت إيران تهديداتٍ متكررة بإغلاق مضيق هرمز، الذي يصل الخليج العربي بخليج عمان ثم المحيط الهندي. ومن شأن ذلك أن يحد بشكلٍ كبيرٍ من قدرة السعودية على تصدير النفط والمنتجات ذات الصلة، والتي هي شريان الحياة في البلاد. وعلى الرغم من أنّ القيام بذلك سيتحول إلى حادثٍ دولي، فإنّ إيران قد تكون قادرة على إحداث أضرارٍ كبيرة للاقتصادات الإقليمية قبل انتهاء الأزمة.

وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت طهران استعراض قوتها في البحر الأبيض المتوسط ​​والمحيط الهندي، حتى أنّها قد ذهبت جنوبًا حتى جنوب أفريقيا عام 2016. وإذا قرر السعوديون محاولة مواكبة هذه المهام الاستكشافية، فإنّها ستحتاج بالتأكيد إلى قوةٍ إضافية، من خلال الزوارق الحربية ذات القدرة على الإبحار في المياه الزرقاء.

ومنذ عام 2015، تقاتل الحكومة في الرياض في حربٍ استفزازية معقدة ووحشية ضد المتمردين المدعومين من إيران في اليمن. وتمكنت قوات المتمردين من الوصول إلى كلٍ من الصواريخ البالستية والقذائف المضادة للسفن، فضلًا عن القدرات غير التقليدية بما في ذلك الطائرات والقوارب المتحكم بها عن بعد، فضلًا عن الألغام البحرية التي تجهز محليًا.

وحاول السعوديون وحلفاؤهم حجب تدفق الأسلحة وغيرها من الإمدادات إلى اليمن، وأصبحت الأخطار واضحة بشكلٍ متزايد. وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 2016، دمر صاروخ كروز تابعٌ للمتمردين سفينةً عسكريةً إماراتية. وبعد ذلك أطلق مسلحون المزيد من الصواريخ المضادة للسفن على السفن الحربية الأمريكية في المنطقة، والتي يرون أنّها تدعم التحالف الذي تقوده السعودية، على الرغم من أنّهم لم يتسببوا في أي ضرر. ثم، في يناير/كانون الثاني من هذا العام، نجح المقاتلون اليمنيون في دفع سفينة غير مأهولة مملوءة بالمتفجرات للاصطدام بالقرب من المدينة المنورة، مما أسفر عن مقتل اثنين من البحارة السعودية.

وبالنسبة للسعودية، يجب أن يكون واضحًا نسبيًا أنّ القدرات البحرية الجديدة ضرورية لمواجهة المخاطر التي أشار إليها البنتاغون. بالإضافة إلى ذلك، لدى السعوديين اثنان من نقاط اختناق الشحن الاستراتيجي للحفاظ عليها مفتوحة، بالإضافة إلى الحاجة إلى وجودٍ أقوى وأكثر استمرارية في الخليج العربي وبحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر. ومع وضع هذا في الاعتبار، ومع الكثير من كنوز السعودية التي أنفقت على سلاح الجو السعودي وعلى الجيش، وكذلك الحرس الوطني السعودي، يأتي دور البحرية السعودية الملكية لتجديد أسطولها بالأسلحة الأمريكية الجديدة.

ذا وور زون- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-