يبدو أن فيض المراسيم الملكية السعودية التي صدرت في 17 حزيران/ يونيو زادت من تهميش ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، وتؤكد الصعود السياسي لنجل الملك سلمان ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وعلى الرغم من أن المراسيم تبدو متحفّظة، إلّا أنّ الأكثرها أهمية يعيد هيكلة نظام الملاحقات القضائية في المملكة. وفي الترتيب الجديد، يفقد ولي العهد ووزير الداخلية محمد بن نايف، سلطات الإشراف على التحقيقات الجنائية. وهكذا أُعيدت تسمية "مكتب التحقيق والادعاء العام" إلى "النيابة العامة"، وأصبح المدعي العام المعين حديثاً مسؤولاً أمام الملك مباشرة.
وعلًّق محامي سعودي نقلت عنه اليوم الصحيفة السعودية "سعودي غازيت" التي تصدر باللغة الانجليزية قوله "إن الأمر الأكثر أهمية من تغيير الإسم هو أن النيابة العامة تقع تحت [سلطة] الملك وليست [منضوية] تحت وزارة الداخلية". وقال المحامي: "هذا يعني أنها مستقلة".
وغيّرت مراسيم أخرى الموظفين الرئيسيين الذين كانوا مسؤولين أمام محمد بن نايف وحليفه الرئيسي في العائلة المالكة، الأمير متعب بن عبد الله، الوزير المسؤول عن" الحرس الوطني السعودي" وابن الملك السابق.
وفي الواقع، تُحوّل المراسيم المزيد من السيطرة إلى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الإبن المفضل للعاهل السعودي، الذي هو أيضاً وزيراً للدفاع ويسيطر بشكل فعّال على سياسة الحرب في اليمن والمواجهة مع قطر. كما يشرف الأمير بن سلمان على قطاع النفط ويقود «الرؤية 2030»، التي هي خطة المملكة لإصلاح اقتصادها. ومنذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، سعى بن سلمان إلى إدارة العلاقات الثنائية. ووفقاً لمسؤولين أجانب ودبلوماسيين كانوا قد اجتمعوا مع الملك، الذي سيبلغ من العمر 81 عاماً هذا العام - على الرغم من أنه يظهر بشكل منتظم في العلن ويجتمع مع الوجهاء السعوديين والقادة الأجانب - قولهم بأنه يميل إلى تكرار الحكايات ويتم مؤخراً إبعاده تدريجياً عن اتخاذ القرارات الفعلية.
وهناك نقاش يدور في جميع أنحاء المجتمع السعودي، حول ما إذا قد يقوم الملك سلمان باستبدال الأمير محمد بن نايف بالأمير محمد بن سلمان ومتى سيتم ذلك. وتمتد التكهنات لتشمل أي من [المسؤولين] في واشنطن يؤيد أي من المرشحَيْن. ففي شباط/فبراير، منح مدير "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية المعين حديثاً مايك بومبيو ميدالية لمحمد بن نايف تكريماً للأعمال التي يقوم بها في مكافحة الإرهاب، وهو شرف يُنظر إليه من قبل بعض السعوديين كدعم للوريث الشرعي. ومع ذلك، ففي حفلة عشاء أُقيمت في الرياض في أيار/مايو، جلس جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس ترامب وصهره، بجوار محمد بن سلمان.
وربما يعتبر البيت الأبيض تحت إدارة ترامب أن الأمير محمد بن سلمان هو الزعيم القادم على الأرجح للمملكة العربية السعودية، وربما الأكثر تفضيلاً نظراً لدوره في الخطة الاقتصادية «الرؤية 2030» واهتمامه المعلن بتحديث المجتمع السعودي. ومن شأن هذا التحّول أن يغيّر التقاليد السابقة للخلافة السعودية، ومن المرجح أن يعزّز جهود السياسة الخارجية السعودية حول اليمن وقطر. إلّا أنّ توقيت مثل هذا التحوّل وطبيعته لا يمكن إلّا تخمينه، كما أن الدعم السعودي الأوسع للعلاقات مع الولايات المتحدة قد يتم تقويضه بمظاهر التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية.
سايمون هندرسون- معهد واشنطن-