ناشيونال ريفيو- ترجمة شادي خليفة -
عندما كان عمره 17 عامًا قبل خمس سنوات، ارتكب مجتبى السويكت «جريمة» بالمشاركة في مظاهرة مؤيدة للديمقراطية في المملكة العربية السعودية. وبدلًا من حضور فصل جامعة ويسترن ميشيغان للدراسة، كما كان يخطط للقيام بذلك في الخريف، أُودع السجن. وتخرج الآن تسريبات من المملكة تفيد بأنّه سيتم قريبًا قطع رأس «السويكت» بسبب تهمته. وهذا مجرد تذكير آخر بأنّ السعودية هي الصديق الأسوأ لأمريكا.
ولا تحصل الولايات المتحدة على شيء من علاقتها بالمملكة. نعم هناك تبادلٌ استخباراتيٌ حقيقي، وتستخدم المملكة سلطتها على أوبك لدفع أسعار النفط إلى أسفل عندما نريد الضغط على روسيا أو تحقيق هدف آخر. لكنّ هذا ليس شيئًا. كما أنّني لن أدّعي أنّ قوة عظمى عالمية يمكنها القيام بأعمال التجارة فقط مع القديسين. لكن هناك تكاليف حقيقية لعلاقتنا مع السعوديين، وأنا لست متأكدًا من أنّ الأمر في صالح واشنطن.
وسوف يأتي اليوم الذي سنحتاج فيه إلى أصدقاءٍ نتشارك معهم تقاربًا حضاريًا حقيقيًا، وستؤذينا علاقتنا مع السعوديين في ذلك اليوم. وتتدفق المساجد والدعاة الممولين من السعودية إلى أصدقائنا وحلفائنا من الدول، وينشرون الكراهية والإرهاب أحيانًا. وكثيرًا ما نتحدث عن الكيفية التي تكون بها القومية ردًا على عولمة التجارة. لكنّنا لا نعبر عن نفس الرد على عولمة التفسيرات المتشددة من الإسلام، التي تروج لها السعودية. ويأتي اللاجئون السوريون إلى ألمانيا، ويجدون المساجد التي يمولها السعوديون أكثر من تلك التي يجدونها في موطنهم. ويعد رجال الدين الممولين من السعودية هم المحرك الرئيسي للتطرف، من فرنسا إلى الهند.
وتعتبر الأعمال التي تقوم عليها السعودية في هذا الصدد محرجة جدًا وقاسية، بدرجة أنّ الدول الغربية لا تسمح بمناقشتها بشفافية. وفي الأسبوع الماضي، رفضت «أمبر رود»، وزيرة الداخلية في المملكة المتحدة، نشر تقرير حكومتها المتأخر عن تمويل الجماعات المتطرفة. وحتى في البيانات الصحفية، كانت الحكومة تخجل كثيرًا من الاعتراف بأنّ الجميع يعرفون أنّ السعودية تبعث بالأموال إلى الجماعات المتطرفة التي تهدد أوروبا بالإرهاب.
تكلفة إستراتيجية
وهناك تكلفة استراتيجية كبيرة لتحالفنا مع السعوديين، سواء اعترفنا أم لا. فلقد كان تفضيل الولايات المتحدة لأجندة السعودية هبةً للمتطرفين في كل مكان. ولقد زعزع ذلك استقرار العديد من دول الشرق الأوسط، وساهم في أزمة اللاجئين التي تعيد ترتيب السياسة والمجتمع في أوروبا، في حين تساهم في غزو الإرهاب لحلفائنا التاريخيين.
وهناك أيضًا تكلفة أخلاقية وضررًا لسمعتنا بهذا التحالف. وغالبًا ما يتحدث المفكرون الأمريكيون والأوروبيون في السياسة الخارجية عن طرح «قيمنا» في التعامل مع الأنظمة الاستبدادية في الصين أو روسيا. إنّنا ننتقد روسيا والصين لانتهاكهما حقوق الإنسان، كما أنّ قادتنا يبثون الكراهية الشعبية لهذه الأنظمة بتسليط الضوء على جرائمهم. لكنّنا لا نفع المثل لأصدقائنا السعوديين المقربين، الذين يوشكون على قطع رأس شخصٍ كان ينبغي أن يكون طالبًا في واحدة من مدارسنا، الأمر الذي يجعلنا منافقين من أسوأ نوع.
وما هو أكثر من ذلك، عندما تقوم القوات الجوية الأمريكية بتزويد الطائرات السعودية بالوقود، لأنّها تقصف عشوائيًا المستشفيات ومراكز الإمدادات الغذائية في اليمن، وتساهم في ظروف المجاعة وتفشي أسوأ وباء كوليرا في العصر الحديث. وبهذا تكون شكاوينا حول مغامرات «بوتين» المماثلة في سوريا نفاقًا أجوف.
ولا يسبب لنا دعمنا للمملكة العربية السعودية صعوبة في «كسب القلوب والعقول» لقضية تشكيل شرق أوسط أكثر ليبرالية فحسب، بل يجلب علينا السخرية العامة تجاه كيفية إدارتنا للشؤون الخارجية. والأسوأ من ذلك، أنّ عدم التوافق بين الخطاب الداخلي والسياسة الخارجية يسهم في خداع النفس.
وببساطة، من المحرج للغاية أن نكون أصدقاء للسعوديين. وبالطبع، لا يمكننا أن نجري سياسة خارجية مع بلدان محايدة وسلمية فقط. لكن في بعض الأحيان، لكنّ تحالفنا مع هذه المملكة الصغيرة المزرية يضعف معنوياتنا.