الخليج اونلاين-
رغم التعنت الإسرائيلي القائم في ملف مفاوضات السلام والانحياز الأمريكي الصريح للمحتل على حساب الفلسطينيين وحقوقهم، وفشل هذا الطريق طوال السنوات الـ22 الماضية في التوصل لأي نتيجة، إلا أن الرئيس محمود عباس لا زال يؤمن بهذا النهج ويبدو أنه لن يستغني عنه حتى آخر يوم له في السلطة.
حديث عباس بأن واشنطن لم تعد وسيطاً للمفاوضات السلام كان واضحاً بأنه خطوة احتجاجية ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس، ولكن الرئيس الفلسطيني لم يغلق هذا الباب بشكل مطلق بل بحث عن وسيط بديل لمحاولة إنعاش العملية السلمية من موتها، والتي تعد أملاً أخيراً لبقاء سلطته قائمة.
والجمعة الماضي اعتبر عباس أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد مؤهلة لرعاية عملية السلام في الشرق الأوسط، بعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائل، وقال عباس في بيان أوردته الوكالة الرسمية الفلسطينية: "نجدد رفضنا للموقف الأمريكي تجاه مدينة القدس".
واتهم البيت الأبيض السلطة الفلسطينية بتفويت فرصة لمناقشة السلام في منطقة الشرق الأوسط برفض مقابلة نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، خلال جولة مقبلة في المنطقة.
- الوسيط الجديد
"الخليج أونلاين" كشف نقلاً عن عضو في اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عن وجود توافق عربي ودولي "مبدئي" لتكون القاهرة بديلاً عن واشنطن في رعاية مفاوضات السلام في المنطقة، خاصة بعد إعلان عباس رفضه الوساطة الأمريكية في هذا الملف.
وأكد القيادي الفتحاوي أن مصر هي من عرضت نفسها على الرئيس الفلسطيني للوساطة بملف المفاوضات، خلال زيارته الأخيرة للقاهرة ولقاءه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد فشل كل محاولات إقناع عباس بالعدول عن قرار "رفض وساطة واشنطن" الذي اتخذه الجمعة الماضي.
وأوضح أن عباس أجرى اتصالات محلية وعربية ودولية عديدة خلال الأيام الأخيرة للاستشارة في ملف الوساطة المصرية الجديد، والقبول بجولة مفاوضات جديدة تحت رعاية عربية، بعد أن كانت واشنطن وكيلاً حصرياً لها طوال السنوات الـ23 الماضية، وحصل على قبول ودعم كبيرين.
وذكر القيادي الفتحاوي أن عباس أعطى الموافقة والضوء الأخضر للقاهرة لرعاية جولة مفاوضات جديدة مع الجانب الإسرائيلي، لافتاً إلى أن كل التحركات المصرية لن تكون بعيدة عن أعين واشنطن، وستتم بعلمها وإشرافها ولو كان بشكل سري.
وكشف أن القاهرة ستوجه دعوات منفصلة للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لزيارتها، والبدء بتفعيل اللقاءات الثنائية، ووضع الخطوط العريضة لانطلاق جولة جديدة من المفاوضات بعد توقفها لأكثر من ثلاث سنوات.
يذكر أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية توقفت في أبريل 2014؛ بعد رفض سلطات الاحتلال وقف الاستيطان والإفراج عن أسرى قدامى، وقبول حل الدولتين على أساس دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها شرق القدس.
وكان عباس قد زار القاهرة نهاية الأسبوع الماضي، وأجرى مباحثات ثلاثية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي والملك الأردني عبد الله الثاني، للتباحث في تداعيات قرارات ترامب حول القدس على المنطقة، دون الخروج بأي قرارات عملية واضحة لمواجهة المخاطر المحيطة بالمدينة المقدسة.
- وهم جديد
جميل مزهر، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حذر عباس من العودة لمربع المفاوضات من جديد مع حكومة الاحتلال الإسرائيلية تحت أي رعاية خارجية كانت.
وأكد مزهر لـ"الخليج أونلاين" أن "عباس لا يزال مُصراً على اللهث خلف وهم المفاوضات السياسية، رغم فشلها طوال السنوات الماضية وعدم تحقيقها أي تقدم لمصلحة القضايا الفلسطينية العالقة، وعودته لهذا الطريق خطر كبير على المشروع الوطني".
وأضاف: "أي عودة للمفاوضات مع إسرائيل في هذا الوقت يعد منح طوق نجاة للمحتل"، لافتاً إلى أنه في الوقت الذي يجب أن تتجه فلسطين إلى المحاكم الدولية والحقوقية؛ لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق شعبنا من قتل وتشريد وسرقة واستيطان وتدنيس للمقدسات، نكافئه بمفاوضات جديدة.
وذكر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، أن هناك إجماعاً فلسطينياً على رفض العودة لأي مفاوضات مع الاحتلال، لكونها تمثل غطاء فلسطينياً وعربياً ودولياً للجرائم التي يرتكبها بحق شعبنا، خاصة بعد حصوله على المكافأة من إدارة واشنطن بقرار اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وطالب عباس بعزل هذا النهج من طريقه السياسي، والتوجه نحو الحضن الفلسطيني لتوحيد كل الخطوات التي ستصب في مقاضاة إسرائيل في المحاكم الدولية، ومواجهة مخططاتها تجاه القدس والمسجد الأقصى، وتوحيد الخطوات ضد إدارة ترامب التي أعلنت الحرب على الفلسطينيين.
يذكر أن مصر تحاول منذ شهور طويلة أن تعيد نفسها مجدداً على الساحتين العربية والدولية، بإدارة ملف "التسوية" بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، وكانت تستضيف على أراضيها لقاءات سرية بين وفود من السلطة وإسرائيل لمناقشة قضايا المفاوضات العالقة، لكن دون إحراز أي تقدم.
وتمر العلاقات بين إسرائيل ومصر بأفضل حال منذ سنوات، وكان آخر لقاء جرى بين السيسي ونتنياهو في الـ19 من شهر سبتمبر الماضي في نيويورك، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ72، في حين تواصل الصحافة العبرية كيل مديحها لنظام السيسي ودعم سعيه للتقارب مع إسرائيل.