أندرو باون - أمريكان إنتربرايز-
من المتوقع أن تعلن المملكة العربية السعودية الشهر المقبل عن عقد بقيمة مليارات الدولارات لبناء مفاعلين للطاقة النووية في المملكة.
وكان وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» قد أعلن في مؤتمر صحفي عقده في ميونخ نهاية الأسبوع الماضي أن إدارة «ترامب» دعت الرياض إلى تطوير وقودها النووي لأجل الاكتفاء الذاتي.
ويخضع هذا النوع من الاتفاقيات إلى شرط فيدرالي يحدده قانون الطاقة الذرية الأمريكي لعام 1954 لنقل المواد النووية والمعدات والمكونات النووية من الولايات المتحدة إلى أي بلد متلقي، كما يعمل هذا القانون على تنظيم التبادلات الفنية والبحث العلمي وحماية المناقشات.
ويواجه الرئيس «ترامب» وفريق أمنه القومي معضلة؛ حيث يحاول تغيير التنظيم الفيدرالي لتأمين العقد المربح لشركة «ويستنغهاوس» الأمريكية، أو أن يلتزم بدلا من ذلك بالقوانين السابقة، ويجعل العقد مشروطا بالمبادئ التوجيهية التي حددها الكونغرس للحماية من الانتشار النووي العالمي.
ومن شأن العقد أن يمنح «ويستنغهاوس» مليارات الدولارات، وهي شركة تابعة لشركة توشيبا، ومقرها بنسلفانيا، تواجه الإفلاس (تدرس عرضا استحواذيا أجنبيا من شركة «بروكفيلد» لإدارة الأصول في كندا).
ومع قيام ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» بزيارة الولايات المتحدة في بداية شهر مارس/آذار، يمكن لهذا العقد أن يكون حاسما في تعهد «ترامب» المتكرر «أمريكا أولا»، ويمكن استخدام هذا البرنامج كفرصة لإظهار التزام الرياض بالاستثمار بشكل ملموس في الشراكة الأمريكية السعودية.
وحجة المملكة الأساسية للحصول على استثناء من «اتفاقية 123» هو أن إيران سمح لها، بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، بإثراء اليورانيوم الخاص للاستخدام التجاري، ولا ترى المملكة سببا في أن تُعامل الرياض على نحو أقل من طهران، وترغب في أن يكون لها الخيار كذلك، خاصة أن الرياض ستلتزم بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
ومع ذلك، فإن إضعاف المعايير التي تحكم مخاطر الانتشار والسلامة المرتبطة باستخدام المواد النووية لا ينبغي تداولها لتحقيق مكاسب اقتصادية قصيرة الأجل.
وتعد الاتفاقية رقم 123 إطارا قانونيا هاما للتعاون النووي السلمي، وينص على التزام البلد المتلقي بمعايير حظر الانتشار النووى التى تفرضها الولايات المتحدة.
وحتى الآن أبرمت الولايات المتحدة 23 صفقة تلتزم باتفاقية 123، بما في ذلك مع بلدان أخرى في الشرق الأوسط مثل مصر والإمارات العربية المتحدة وتركيا.
وعلى وجه الخصوص، تعتبر اتفاقية الإمارات - التي وضعت في عهد إدارة بوش - من أكثر الاتفاقيات صرامة، ووافقت دولة الإمارات على عدم إثراء أو إعادة معالجة اليورانيوم، بموجب النص على أنه يمكن إعادة التفاوض على الاتفاق إذا دخلت الولايات المتحدة في اتفاق أقل إلزاما مع دولة أخرى، ووصف الرئيس «أوباما» هذا الاتفاق بأنه «نموذج لدول أخرى في المنطقة».
وفي حين قد يكون الاستخدام التجاري للطاقة النووية من قبل السعودية تطورا إيجابيا في السماح للمملكة بالحد من الاستهلاك المحلي من النفط ودعم عملية الإصلاح الاقتصادي، فإن الخطر الحقيقي يتمثل في أن ذلك يضع المملكة على طريق واضح لتطوير سلاحها النووي، كما أنه سيكون عاملا حاسما في جهود الولايات المتحدة في استخدام «اتفاقية 123» كحصن ضد الانتشار النووي على الصعيد العالمي.
وسيكون وجود خليج مسلح نوويا تطورا خطيرا في جزء من العالم يشتهر بعمليات النقل غير المشروع للموارد المالية وغيرها من الموارد.
ومع عودة روسيا في الشرق الأوسط، ووقوف الولايات المتحدة بقوة خلف «بن سلمان»، يجب على الرئيس أن ينظر بعناية في الإرث الدائم الذي يمكن أن يتركه في الخليج.
ويجب على الولايات المتحدة عدم مساعدة «بن سلمان» إذا لم ترغب الرياض في أن تلعب وفق القواعد.