ترجمة شادي خليفة - نيويورك تايمز-
كان «جورج نادر»، رجل الأعمال اللبناني الأمريكي، قد حلق في سماء الدبلوماسية الدولية لمدة 3 عقود، فقد كان مفاوضا لقناة خلفية مع سوريا خلال إدارة «كلينتون»، وقد أعاد إنتاج نفسه كمستشار لحاكم دولة الإمارات العربية المتحدة بحكم الأمر الواقع، وكان في العام الماضي زائرا متكررا إلى البيت الأبيض للرئيس «ترامب».
وقد دخل السيد «نادر» الآن كأحد محاور تحقيق المستشار الخاص «روبرت مولر»، وفي الأسابيع الأخيرة، شكك محققو السيد «مولر» في السيد «نادر»، وضغطوا على الشهود للحصول على معلومات عن أي محاولات محتملة من قبل الإماراتيين لشراء النفوذ السياسي، من خلال توجيه الأموال لدعم «ترامب» خلال الحملة الرئاسية، وفقا لأشخاص على دراية بالمناقشات.
كما سأل المحققون عن دور السيد «نادر» في صنع القرار في البيت الأبيض، ما يشير إلى أن التحقيق الذي أجراه المستشار الخاص قد توسع إلى ما بعد التدخل في الانتخابات الروسية، ليشمل التأثير الإماراتي على إدارة «ترامب».
وقد يكون التركيز على السيد «نادر» دافعا أيضا إلى دراسة كيفية تدفق الأموال من بلدان متعددة إلى واشنطن، وتأثيرها خلال عهد «ترامب».
ولا يزال من غير الواضح مدى ارتباط هذا الاستفسار بمهمة السيد «مولر» الأصلية، المتمثلة في التحقيق في الاتصالات بين حملة «ترامب» وروسيا، ويأتي التدقيق في تأثير الإمارات وسط موجة من النشاط الذي قام به السيد «مولر» مؤخرا.
وفي الشهر الماضي، تفاوض المحققون على اتفاق مع «ريك غيتس»، نائب مدير حملة «ترامب»، وقد تمت إدانة 13 روسيا بتهم تتعلق بمخطط للتحريض على الخلاف السياسي في الولايات المتحدة، قبل انتخابات عام 2016.
علاقات مع حملة «ترامب»
وفي أحد الأمثلة على اتصالات السيد «نادر» المؤثرة، التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقا، فقد تلقى في الخريف الماضي تقريرا مفصلا من «إليوت برويدي»، أحد أكبر ممولي حملة «ترامب»، عن لقاء خاص مع الرئيس في المكتب البيضاوي.
ويمتلك السيد «برويدي» شركة أمنية خاصة، ترتبط بمئات الملايين من الدولارات في شكل عقود مع دولة الإمارات، كما حث الرئيس على الاجتماع بشكل خاص «في إطار غير رسمي» مع القائد العسكري الإماراتي وحاكم الأمر الواقع، ولي العهد «محمد بن زايد آل نهيان»، وذلك لدعم سياسات الإمارات المتشددة في المنطقة، ولإقناعه بإقالة وزير الخارجية «ريكس تيلرسون».
وقد تم تقديم نسخة من مذكرة السيد «برويدي» عن الاجتماع إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من قبل شخص ينتقد التأثير الإماراتي في واشنطن.
وقد تحالف «ترامب» عن كثب مع الإماراتيين، مؤكدا دعمه القوي للوريث الجديد للعرش في المملكة العربية السعودية، فضلا عن نهج المواجهة تجاه إيران و قطر.
وفي حالة قطر، التي تستضيف قاعدة عسكرية كبيرة للولايات المتحدة، فإن تأييد السيد «ترامب» لحصار سعودي إماراتي ضد هذا البلد قد وضعه على خلاف مع وزير خارجيته، وكذلك مع إرث أعوام من السياسة الأمريكية.
وقد قام السيد «نادر»، البالغ من العمر 58 عاما، برحلات متكررة إلى البيت الأبيض خلال الأشهر الأولى من عمر إدارة «ترامب»، حيث اجتمع مع «ستيفن بانون» و«جاريد كوشنر» لمناقشة السياسة الأمريكية تجاه دول الخليج العربي، قبل زيارة «ترامب» إلى المملكة العربية السعودية في مايو/آيار عام 2017، وفقا لأشخاص مطلعين على الاجتماعات.
ومن خلال بعض الحسابات، اتضح أن السيد «بانون» قد حصل على الأموال لإيصال السيد «نادر» إلى صناع القرار في البيت الأبيض، وقال آخرون إن السيد «كوشنر» أيده.
وقال السيد «نادر»، الذي تم الاتصال به عبر الهاتف في الشهر الماضي، إنه كان يرافقه ضيوف للعشاء وطلب معاودة الاتصال به، ولم تنجح محاولات الوصول إليه على مدى عدة أسابيع، ولم يرد محامي السيد «نادر» على الرسائل التي طلبت منه التعليق.
ولم يستجب البيت الأبيض لطلبات التعليق، وقال المتحدث باسم السيد «برويدي» في بيان إن مذكرته قد سرقت من خلال قرصنة متطورة.
وقال المتحدث: «لدينا سبب للاعتقاد بأن هذا الاختراق تم رعايته وتنفيذه من قبل عملاء مسجلين وغير مسجلين في قطر، يسعون لمعاقبة السيد برويد، لمعارضته القوية للإرهاب الذي ترعاه الدولة»، مضيفا أن السيد «برويدي» أرسل هذا الاتهام أيضا في رسالة وجهها إلى السفير القطري في واشنطن.
ورفض «يوسف العتيبة»، السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، التعليق.
الرجل الغامض
ولقد كان السيد «نادر» منذ وقت طويل شخصية غامضة، وفي التسعينات، ترأس مجلة غير عادية في واشنطن، وهي «بصيرة الشرق الأوسط»، التي وفرت في بعض الأحيان منبرا للمسؤولين العرب والإسرائيليين والإيرانيين للتعبير عن آرائهم لجمهور واشنطن.
وفي الذكرى الـ15 للمجلة، في عام 1996، أشاد عضو الكونغرس في ولاية فرجينيا الغربية بالسيد «نادر»، ووصفه بأنه «خبير معترف به في المنطقة»، مشيرا إلى أن المجلة استضافت شخصيات بارزة مثل الرئيس «حسني مبارك»، ورئيس الوزراء الإسرائيلي «إسحق رابين»، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية «ياسر عرفات».
وفي أواخر هذا العقد، أقنع السيد «نادر» إدارة «كلينتون» بأنه كان له اتصالات قيمة مع الحكومة السورية، وأخذ دورا سريا في محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام بين (إسرائيل) وسوريا.
وقد عمل السيد «نادر»، الذي كان يعمل مع «رونالد لودر»، وهو مالك مجموعة أمريكية لمستحضرات التجميل ومتبرع بارز للقضايا اليهودية، بين دمشق والقدس، مستخدما اتصالاته في كلتا العاصمتين لمحاولة التفاوض على هدنة.
وقال «مارتن إنديك»، السفير الأمريكي السابق لدى (إسرائيل) والعضو السابق في فريق شارك فيه الرئيس «بيل كلينتون» للتفاوض بشأن اتفاقات السلام: «في التسعينات، كان جورج عاملا فعالا جدا في عملية السلام»، بين (إسرائيل) وجيرانها.
وأضاف: «ثم اختفى».
وفي الواقع اختفى الرجل فعليا من مسرح السياسة في واشنطن العاصمة، ولم تعد مجلته تنشر منذ عام 2002.
وخلال الجزء الأوسط من العقد الماضي، يبدو أن السيد «نادر» قد قضى معظم وقته في الشرق الأوسط، خاصة في العراق بعد غزو عام 2003، وقد أعد علاقات وثيقة مع مسؤولي الأمن القومي في البيت الأبيض خلال إدارة «بوش».
العلاقة مع الإمارات و«بلاك ووتر»
وقد استخدم «إريك برنس»، مؤسس شركة «بلاك ووتر»، وهي شركة أمن خاصة، السيد «نادر» في وقت ما لمساعدة الشركة على إبرام صفقات تجارية في العراق.
وقال السيد «برنس» إن السيد «نادر» لم ينجح في الحصول على العقود، وأن كبار مسؤولي «بلاك ووتر» لم يعملوا معه مباشرة.
وقال: «لقد عمل جورج كثيرا من تلقاء نفسه».
وفي بداية عهد «أوباما»، حاول السيد «نادر» ربط علاقاته بالحكومة السورية للوصول إلى كبار أعضاء فريق السياسة الخارجية للرئيس «باراك أوباما»، في الوقت الذي سعى فيه أيضا إلى تعزيز صفقات الأعمال مع المستشارين السابقين للرئيس «جورج بوش».
وبحلول موعد انتخابات عام 2016، أصبح مستشارا للأمير «محمد بن زايد» في الإمارات، وفقا لأشخاص مطلعين على العلاقة، وبالقرب من تنصيب السيد «ترامب»، اجتمع السيد «نادر» لأول مرة مع السيد «برويدي»، جامع التبرعات الجمهوري، وهو مستثمر في ولاية كاليفورنيا يهتم بقوة بالشرق الأوسط.
وتقدم شركة الأمن الخاصة بالسيد «برويدي»، وهي «سيركينوس»، خدمات لوكالات الولايات المتحدة والحكومات الأجنبية على حد سواء.
وتعد «سيركينوس»، التي يديرها ضباط عسكريون أمريكيون سابقون، على موقعها على شبكة الإنترنت أنه «باستطاعتها تجنيد موظفين في جميع أنحاء العالم لتوفير حماية القوة البدنية للأفراد أو الجماعات أو المرافق داخل البيئات المتقلبة المعادية، فضلا عن إجراء عمليات متخصصة، وحماية البنية التحتية والتدريب».
وكان السيد «برويدي»، البالغ 60 عاما، قد تعثر سابقا في مشكلة قانونية بشأن مدفوعات لشخصية سياسية. وفي عام 2009، وافق على الإقرار بارتكاب جنحة بتقديم مبلغ 1 مليون دولار من الهدايا غير المشروعة إلى سلطات معاشات ولاية نيويورك، بما في ذلك الرحلات والدفعات والاستثمارات السرية في فيلم يدعى «تشوتش»، الذي أعده شقيق أحد المسؤولين.
وفي مقابل الهبات، استثمر صندوق التقاعد الحكومي 250 مليون دولار مع شركة إدارة الاستثمارات الإسرائيلية التي أسسها السيد «برويدي»، وسدد إلى صندوق المعاشات التقاعدية مبلغ 18 مليون دولار من الرسوم.
وبعد التنصيب، تمتع السيد «نادر» بعلاقة ودية مع السيد «برويدي»، وقدمه إلى الأمير «بن زايد»، ثم وقعت «سيركينوس» عقودا مع الإمارات العربية المتحدة، تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات، وفقا لما ذكره أشخاص على دراية بهذا الترتيب.
الوساطة بين الإمارات و«ترامب»
وبحلول 6 أكتوبر/تشرين الأول، كان من الواضح أن السيد «برويدي» قد أصبح قريبا بما فيه الكفاية لكل من الأمير والسيد «نادر»، لإرسال مذكرة تفصيلية إلى عنوان بريد إلكتروني مشفر يستخدمه السيد «نادر»، يسرد دعوته نيابة عن الإمارات خلال الاجتماع مع السيد «ترامب» في المكتب البيضاوي.
وقال حليف للبيت الأبيض، شارك في إحدى المبادرات التي نوقشت، وهي فرقة عمل لمكافحة الإرهاب، إن السيد «برويدي» أرسل المذكرة لأنه طُلب منه من قبل ولي العهد الإماراتي السعي للحصول على آراء الرئيس حول هذه الفكرة، ويعتقد السيد «برويدي» أن إنشاء فرقة العمل من شأنه أن يساعد الأمن الأمريكي، كما قال الشخص المطلع.
ووفقا للمذكرة، ضغط السيد «برويدي» مرارا على السيد «ترامب» للقاء الأمير «بن زايد» بشكل خاص، وفضل أن يكون ذلك في إطار غير رسمي خارج البيت الأبيض.
وكتب السيد «برويدي» أنه قال مرتين للجنرال «ماكماستر»، مستشار الأمن القومي، أن ولي العهد «يفضل وضعا غير رسمي للقاء شخصي مع الرئيس ترامب»، ولكن الجنرال «ماكماستر» قاوم ذلك، وأجاب بأن رؤساء الدول يجتمعون عادة في البيت الأبيض، كما يملي البروتوكول.
وقد ذكر السيد «برويدي» في مذكرته أنه أخبر السيد «ترامب» أنه عاد مؤخرا من الاجتماع مع ولي العهد بشأن عمل «سيركينوس» في الإمارات، وقد شرح السيد «برويدي» «الخطة المثيرة والتحويلية التي نفذها الأمير بن زايد» لتطوير فرقة عمل لمكافحة الإرهاب»، حيث قال السيد «برويدي» للرئيس إنها مستوحاة من خطابه في مؤتمر الرياض.
وكان السيد «برويدي» ينتقد قطر بشدة، وكانت دولة الإمارات قد اتهمت قطر، الحليفة الأمريكية، باستخدام شبكتها الفضائية «الجزيرة» لتعزيز الإسلام السياسي، من بين مزاعم أخرى.
وسأل السيد «ترامب» أيضا عن السيد «تيلرسون» الذي انتقد علنا عزل قطر، قال السيد «برويدي» إن وزير الخارجية يجب أن يُقال، وقال السيد «برويدي»، وفقا للمذكرة: «لقد كان أداء ريكس ضعيفا».
وبين ما كتبه السيد «برويدي» من مناقشات حول الدبلوماسية والأعمال والحكم، قال إنه والرئيس «تحدثا لعدة دقائق عن السياسة وجهود جمع الأموال من أجل انتخابات منتصف المدة، وكذلك حالة اللجنة الوطنية الجمهورية».