محمد صالح المسفر- الشرق القطرية-
على إثر اقالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزير خارجيته السيد ريكس تيلرسون، ثارت شائعات في وسائل إعلام "دول حصار قطر" بان إقالة الوزير الامريكي تيلرسون جاءت بناء على توصية من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي للرئيس ترامب.
وتناقلت وسائل الاتصال الاجتماعي في المنطقة ذلك الخبر. كما أن وسائل الاعلام تنقل أخبارا مؤداها أن الذي يدير السياسة الخارجية والداخلية في السعودية عن بُعد هو الشيخ محمد بن زايد، وهو الذي عمل بالتعاون مع الرئيس ترامب على الإتيان بالأمير محمد بن سلمان ليكون الرجل الثاني في الدولة السعودية.
الرأي عندي أن هذه المعلومات مبالغ فيها إلى حد بعيد، فلا يمكن لشخصية شرق أوسطية بحجم دولة الامارات وظروفها الجيوسياسية، واعتماد اقتصادها على سلعة واحدة وهي النفط أن تلعب دورا في رسم التوجهات السياسية لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فتقيل من تشاء وتثبت من تشاء.
صحيح أن الرئيس الأمريكي ترامب مصاب بامراض متعددة كما يقول بذلك اهل المعرفة بالشأن الامريكي من الأميركيين وأهم مرض عندي مصاب به الرئيس هو حب المال وجهله المطبق بالعائد السياسي والاستراتيجي على تصرفاته وتصريحاته اللا مسؤولة واللا محسوبة العواقب.
لكن لن يصل به الحال بان يتلقى توجيهات أو اقتراحات من خارج حدود أميركا في أي شأن من شؤونها الداخلية أو الخارجية لان هناك مؤسسات بيدها لجام جموح الرئيس.
السؤال الموجه إلى مروجي القول بان ابن زايد كان السبب في إيقالة وزير الخارجية تيلرسون، ماذا عن عزل اندرو ما كيب مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي من منصبه، وماذا عن عزل وزير العدل سيشنز، وكذلك عزل جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، هل هؤلاء عزلوا بناء على توصيات الشيخ محمد بن زايد؟! ام أن هيجان الرئيس ترامب أدى الى ذلك؟
لا أشكك في قدرات ومهارات الشيخ محمد بن زايد السياسية، لكن سؤالى:
ألم يكن من الأولى والأكثر فائدة لمكانة القيادة السياسية لدولة الإمارات وقدراتها أن تسخر، لتحرير جزر الإمارات من الاحتلال الايراني أولا، ولخدمة أمته العربية من المحيط إلى الخليج؟
أليست الأمة العربية اليوم في حاجة ماسة الى قيادات عربية تقودها إلى المستقبل الذي يحقق لها أهدافها في الوحدة والحرية والعدالة والتنمية الشاملة ويرسخ استقلالها وسيادتها التي ترتكز على إرادة الشعب العربي وليس الارتكاز على قوى هي في الأساس معادية للعروبة والإسلام (إسرائيل) وطامعة في خيرات منطقة الخليج العربي وفرض هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط؟
إن ما تفعله الامارات في اليمن اليوم يضعفها ويفقدها الهيبة والمكانة التي كانت تحظى بها ليس في اليمن فقط، بل في الوطن العربي كله ابان حكم الشيخ زايد الرئيس والمؤسس لدولة الامارات رحمه الله. وما تفعله الامارات في ليبيا والقرن الافريقي لا يزيدها رفعة ومكانة ولن يحقق لها نصرا أو محبة في قلوب شعوب تلك الدول.
الشيخ محمد بن زايد هو الرئيس التنفيذي لدولة الامارات اليوم، وأعلم أنه محاط بثلة من المستشارين ومن يطلق عليهم بالخبراء في الشؤون الدولية والخليجية، ولكن الكاتب يؤكد بان هذه الثلة المحيطة بصانع القرار في الامارات لا يقدمون له المشورة التي ترفع شأنه بين الأمم ولا في محيط الخليج العربي على وجه التحديد وإنما المشورة التي تحقق أهدافهم ومن يسيرون في فلكه خارج الحدود.
ان حصار دولة قطر واستعداء شعبها لا جدال عندي بأنه أفقد الامارات الكثير من مكانتها والثقة بها سياسيا واقتصاديا. و"من لا خير فيه لجاره المباشر لن يكون له خير في البعيد" هكذا يتناقل الناس هذا القول في كثير من الدول العربية.
أليست لعبقرية الشيخ محمد بن زايد أن تدله على أن أكبر احتياطي للطاقة في العالم هو الموجود تحت أقدام دول الخليج العربي، وأن أكبر احتياطي مالي هو في خزائن تلك الدول، وأن أهم منطقة في العالم اليوم تتنافس على الهيمنة عليها قوى كبرى وكيانات تحت التكوين (إسرائيل).
اذا كان هناك قدرات صادقة وخلاقة للشيخ محمد بن زايد فكنت اتمنى ان تؤدي به الى توحيد دول مجلس التعاون على الاقل في السياسة الخارجية والمالية والاقتصادية والعسكرية ليكوّن تجمعا يؤثر حقيقة في السياسة الدولية بدلا من بعثرة الثروات المالية لتشكيل " لوبيهات " تحرض وتسعى لتشويه سمعة دولة خليجية (قطر) شريكة في الحاضر وأزماته والمستقبل على أي وجه كان.
وبدلا من الانفاق على التسلح من كل دول الخليج لمواجهة بعضهم بعض والتي بلغت في اكثر التقديرات تحفظا خلال العامين الماضيين ألف مليار دولار، 450 مليار دولار اخذتها امريكا قبل أن ينفض مؤتمر الرياض العربي الأمريكي الاسلامي، هذا انفاق دولة واحدة على التسلح فما بالكم بالصفقات الأخرى والحبل على الجرار.
إن معاداة التيار الاسلامي وملاحقة قياداته ومفكرية، وملاحقة الليبراليين الداعين إلى الاصلاح السياسي والانتقال بالمجتمعات الخليجية إلى الملكيات الدستورية، وملاحقة التيار القومي المؤمنين بوحدة أمتهم وأن نفط العرب للعرب وأن الدم العربي أغلى وأعز من قطرة النفط (قول الشيخ زايد )، هذه العداوات لن تخلق أمنا واستقرارا في خليجنا العربي وستؤدي به إلى الهاوية.
يتوافد هذا الشهر قادة دول مجلس التعاون الخليجي على واشنطن، المضطربة، المرتبكة، فماذا عساهم فاعلون من أجل حل الأزمة الخليجية ورفع الحصار عن قطر وإصدار عفو عام عن كل لوائح الاتهام المتضمنة حملة أقلام وفكر، وأصحاب رأي.
قطر تقول بأعلى صوت لست مؤيدة ولا ممولة ولا مؤية للارهاب والارهابيين، ومن عنده اثبات فليأت به، تقول قطر عملنا في سورية جميعا نحن دول الخليج والاميركيين، والدول الغربية، وكذلك في ليبيا والعراق واليمن وتركت قطر الساحة لمن تصدّر من دول الخليج.
ليس في قطر حزب اسلامي لكن الاسلاميين شركاء في الحكم في البحرين والكويت، وقيادات حماس السياسية موجود بعض منها في قطر وهم يذهبون الى القاهرة ويخرجون منها ولم يشكلوا تهديدا لمصر، ونحن ضد حصار غزة. علاقتنا مع ايران ليست اقوى من علاقات الامارات وعُمان مع الأولى.
تؤكد قطر بانها لم تتدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة خليجية أو عربية، بينما الآخرون تدخلوا في شؤون قطر الداخلية وأرادوا قلب نظام الحكم أكثر من ثلاث مرات ونشرت وسائل اعلامنا بعضا من تلك المؤامرات في برنامج "ما خفي أعظم".
آخر القول: نريد نخوة عربية وعقلا عربيا مبدعا يقود المنطقة إلى السلام والأمن والاستقرار والألفة بين الشعب الخليجي، أميركا ستسلبكم الإرادة والثروة وتعمق خلافاتكم فاحذروا إن كنتم مؤمنين بالله وبأمتكم العربية والإسلامية.