ترجمة منال حميد - صحيفة "واشنطن بوست"-
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن السعودية والإمارات تواجهان مخاطر الملاحقة في التحقيقات التي تجرى بشأن مزاعم تمويلهما حملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية.
ولفتت "واشنطن بوست" إلى تفاصيل جديدة كشفتها تقارير صحفية حول علاقة كل من السعودية والإمارات بحملة ترامب الانتخابية، ومحاولة الرياض وأبوظبي التأثير على السياسة الأمريكية من خلال مجموعة من الوسطاء.
وتتابع الصحيفة: "لم يكن الرئيس السابق باراك أوباما ذا شعبية كبيرة لدى تلك الدولتين العربيتين؛ ليس بسبب توقيعه الاتفاق النووي مع إيران، الذي قالتا إنه سمح لإيران بتوسيع نفوذها الإقليمي وحسب، وإنما بسبب تشككه الدائم من حلفائه في الشرق الأوسط".
وفي مقابلة سابقة لأوباما مع مجلة "أتلانتك" اقترح على حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أن يبحثوا عن طريق لإيجاد سلام بارد مع إيران، ورداً على سؤال إن كانت السعودية حليفاً، ابتسم أوباما وقال: "إنه أمر معقد".
ورأت السعودية والإمارات في الرئيس ترامب فرصة لتغيير تلك السياسة الباردة بينها وبين إدارة أوباما، ووضعت ثقلها وراء هذا الرئيس، والآن وبعد نحو عام من رئاسة ترامب، هل ستندم السعودية والإمارات لأنهما وضعتا كل رهاناتهما على ترامب؟
التقارير الأخيرة التي نشرت حول علاقة السعودية والإمارات بترامب وحملته، أظهرت أنهما ذهبتا أبعد من مجرد الدعم المعنوي لترامب خلال سباق الرئاسة، حيث أشارت تلك التحقيقات إلى أن السعودية والإمارات عملتا، ومن خلال عدد من الوسطاء الذين يعملون نيابة عن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، ومحمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، على تقديم دعم مالي لحملة ترامب ولاحقاً التأثير على سياسة ترامب خلال وجوده في منصب الرئيس.
وكانت "واشنطن بوست" قد قالت إن رجل الأعمال الأمريكي اللبناني الأصل جورج نادر ساهم في تنظيم اجتماع في يناير عام 2017 في جزر "سيشل" جمع إيريك رنس، مؤسس شركة بلاك ووتر، وعدداً من المسؤلين الإماراتيين ومصرفياً روسياً مقرباً من الرئيس فلاديمير بوتين، حيث يجري حالياً استجواب نادر ضمن التحقيق المتعلق بتدخل روسيا في انتخابات عام 2016 الأمريكية.
بالنسبة لدول الخليج كان فوز هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية يمثل مشكلة؛ فمن الواضح أنها كانت ستنتهج ذات النهج الذي سار عليه أوباما، والذي ترى فيه بعض الدول الخليجية أنه ألحق الضرر بها، ولكن أيضاً لم يكن ترامب خياراً مريحاً للسعودية أو الإمارات المسلمتين، فلقد وجه انتقادات كبيرة للمسلمين خلال حملته الانتخابية.
وسبق أن قال ترامب في تصريح لشبكة "سي إن إن": "إن الإسلام يكرهنا"، ودعا إلى فرض حظر على دخول المسلمين لأمريكا، كما انتقد السعودية تحديداً خلال إحدى المناظرات الرئاسية، وقال إن الناس في السعودية يقتلون النساء ويعاملونهن بشكل فظيع.
بالمقابل، كانت حملة ترامب تعاني من نقص الموظفين، وقامت حملته بتعيين مستشارين في الشؤون الدولية، وهنا وجد وسطاء محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، جورج نادر وإليوت برودي، فرصتهما لنشر نفوذهما والأهم من ذلك كسب المال.
وتشير الأدلة التي نشرتها وكالة "أسوشييتد برس"، إلى أنهما كانا في بعض الأحيان يعاملان عائلة ترامب بازدراء، فكان نادر وبرودي يصفان صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر بـ"الأمير المهرج".
وبغض النظر عن الدور الذي قام به برودي ونادر، فإن العلامات الأولى كانت تشير إلى أن السعودية والإمارات كانتا من أكبر الفائزين بوصول ترامب إلى الرئاسة، ففي أول رحلة خارجية له كسر ترامب التقاليد المعتادة واختار السعودية بدلاً من أوتاوا أو مكسيكو سيتي، وأثناء وجوده هناك أعرب عن ثنائه الشديد على مضيفيه وحلفائه، وقال إنه هنا ليس لإلقاء محاضرة على المسلمين، في انتقاد مبطن لما فعله أوباما عندما زار القاهرة عام 2009 حيث ألقى خطاباً هناك.
عقب تلك الزيارة إلى الرياض، وضع ترامب نفوذه وراء ولي العهد الطامح، محمد بن سلمان، ودعمه في تغريدة خلال حملة بن سلمان لاعتقال عدد من الأمراء والوزراء والمنافسين له، كما أن ترامب أيد بقوة الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات على قطر، وغض الطرف عن تجاوزات التدخل العسكري السعودي في اليمن، وخلال الشهر الماضي أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من صفقة النووي مع إيران، وهي الصفقة التي أثارت غضب السعودية وقتها.
وتقول "واشنطن بوست" إن خطوات ترامب التي اتخذها ضد المسلمين، كفرض حظر على دخول رعايا بعض الدول الإسلامية، ونقل السفارة الأمريكية للقدس، وإعلان خطوات السلام في الشرق الأوسط ضمن صفقة لم يتم الكشف عنها إلى الآن، كلها لم تثر غضب الرياض وأبوظبي.
الآن، تقول الصحيفة، بدأ ترامب يتراجع عن تأييده لحصار قطر بسبب نفوذ الدوحة، وأيضاً اقترح سحب القوات الأمريكية من سوريا، كما أنه وعلى عكس سلفه أوباما، صار يطالب حلفاءه في الخليج بالمليارات علناً، مؤكداً أن دولهم "لن تبقى أسبوعاً" دون حماية الولايات المتحدة.
تحقيقات مولر تكشف خفايا أخرى وتفاصيل محرجة عن محاولات السعودية والإمارات إيجاد أرضية مشتركة مع ترامب، أو نقطة ضعف يمكنهما استخدامها لمصلحتهما، ليبقى السؤال: هل كان هذا التدافع والتأييد من قبل محمد بن سلمان، ومحمد بن زايد، لترامب يستحق كل هذه الجهود والأموال؟