علاقات » اميركي

المساعدات الخليجية للأردن.. بين مطرقة الغموض وسندان الابتزاز

في 2018/08/09

الخليج اونلاين-

رغم التعهد الخليجي بدعم الاقتصاد الأردني خلال قمة مكة التي جرت في يونيو الماضي بعد سلسلة احتجاجات شهدتها البلاد، فإنه حتى اليوم لم تفِ الدول المتعهدة بالتزاماتها.

مصدر رسمي أردني مسؤول أكد لـ"الخليج أونلاين" أن بلاده لم تـحصل حتى اللحظة على أموال الدعم التي تعهدت بها الدول الخليجية الثلاث (السعودية، الإمارات، والكويت)، في اجتماع طارئ جرى في مكة المكرمة بتاريخ 10 يونيو الماضي، بحضور الملك عبد الله الثاني للوقوف إلى جانب الأردن في محنته الاقتصادية.

وأضاف المصدر في تصريحات لـ"الخليج أونلاين": إن "عمان ما تزال بانتظار الحصول على قيمة الدعم المقدر ة بـمليارين وخمس مئة مليون دولار، والتي هي عبارة عن وديعة في البنك المركزي الأردني، وضمانات للبنك الدولي لمصلحة الأردن، وتمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية".

وأكد المسؤول الأردني، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، أن "المنحة الخليجية المنبثقة عن اجتماع مكة لا تعرف الحكومة تفاصيلها بشكل كامل أو واضح"، متوقعاً أن "يبدأ العمل بها بعد موسم الحج، لكن دون الحصول على الآلية التي ستتبعها الدول الخليجية الثلاث مع الأردن في توزيع المنحة، من حيث قيمة الدعم السنوي، وكم القيمة التي ستدفعها الدول الثلاث منفردة من إجمالي المبلغ المرصود للأردن، وقيمة وديعة البنك المركزي الأردني".

-الدعم القطري إلى الأمام سر

في المقابل، فإن تطوراً ملحوظاً جرى على الدعم القطري الذي أعلنت الدوحة عن تقديمه للأردن، لتجاوز أزمته الاقتصادية، والمتمثل بتوفير عشرة آلاف فرصة عمل للأردنيين في قطر، وكذلك حزمة من الاستثمارات التي تستهدف مشروعات البنى التحتية بقيمة 500 مليون دولار أمريكي.

ويأتي ذلك من خلال الكشف عن مشاريع استثمارية سيتم عرضها على السلطات القطرية في العديد من القطاعات الحيوية، كالطاقة، والبنية التحتية، والسياحة، والصحة، وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى المياه، والتعليم.

وعلم "الخليج أونلاين" عن وجود ترتيبات تجري حالياً لتنظيم معرض متخصص للصناعات الأردنية في قطر قبل نهاية العام الحالي؛ وذلك للترويج للمنتجات الوطنية التي تتمتع بجودة عالية، والسعي إلى فتح أسواق جديدة لها، علماً أن حجم الاستثمارات القطرية بالأردن يبلغ 1.850 مليار دولار؛ منها 350 مليون دولار في العديد من القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى وجود استثمارات تقدر بنحو 1.5 مليار دولار بالسوق المالي.

-أين نتائج قمة مكة؟

من جانبه، قلل الخبير الاقتصادي الدكتور طاهر الزبيدي، من أهمية "استفادة الأردن من الوديعة الخلیجیة"، وقال لـ"الخليج أونلاين": "البنك المركزي یملك احتياطيات  من العملة الأجنبية بحدود 6 مليارات دولار، إضافة إلى استقرار سعر صرف الدينار، ومن ثم يعيش الأردن حالة من الاستقرار المالي بالرغم من أزمته الاقتصادية".

وأضاف: "الضمانات التي تم الإعلان عنها من الدول الخليجية لدى البنك الدولي، لا تصب في مصلحة النهج الاقتصادي الأردني؛ لأن ذلك يعني بالضرورة أن المجال بات مفتوحاً مجدداً أمام الحكومة للاقتراض من جديد، ما يعني ارتفاعاً في مستوى المديونية".

وتساءل الزبيدي: "لماذا لم نسمع حتى اللحظة أي حراك بخصوص المساعدات الخليجية للأردن من الدول الثلاث (السعودية، الكويت، الإمارات)، في الوقت الذي بدأت فيه قطر بتنفيذ متطلباتها بشأن المنحة القطرية التي أعلنت عنها، خاصةً بعد تسجيل ما يزيد على 120 ألف مواطن أردني عبر منصة العمل في قطر  التي تم الإعلان عنها مؤخراً؟!".

-بين الغموض والشروط

بدوره أكد المحلل الاقتصادي الأردني حسام عايش أن "الغموض يكتنف المساعدات المقدمة من الدول الخليجية الثلاث"، وقال في تصريحاتٍ صحفية: "تم تحديد أربعة بنود، لكن لم يتم الحديث عن تفاصيل، فربما ترك الأمر للتباحث مع الحكومة الجديدة للاتفاق على التفاصيل".

وأضاف: "في الوقت ذاته نخشى وجود شروط وأن يكون الجزء الأكبر من المساعدات فقط ضمانات للقروض ووديعة في البنك المركزي، وتكون المساعدات المباشرة  نحو مليار دينار موزعة على خمس سنوات، ويكون أثرها محدوداً على الاقتصاد الوطني وشعور المواطنين بأهميتها".

وهو الأمر ذاته الذي أكده مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط، حين قال: إن "رزمة المساعدات الأخيرة، التي قدمتها السعودية والإمارات، ستترافق مع شروط سياسية لا تجعل أمام عمّان خيارات كثيرة، سوى تقديم تنازلات سياسية مقابل معونة ماسة".

وأوضح المركز في تقرير لمحللي شؤون الشرق الأوسط؛ راشيل فورلو، وسالفاتور بورغونيون، أن "بلدان الخليج خاصة السعودية والإمارات تتجه لاعتماد سياسة إقليمية أكثر عدوانية، وغالب الظن أن المساعدات الأخيرة للأردن مترافقة بشروط سياسية".

وتأتي الخطوة الخليجية لدعم الأردن بعد سلسلة احتجاجات شهدتها العاصمة عمّان، والعديد من المحافظات الأردنية؛ رفضاً للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد؛ واحتجاجاً على السياسات السابقة لحكومة هاني الملقي الاقتصادية، والتي تم الإطاحة بها نتيجة تصاعد وتيرة الاحتجاجات.

وقد جرى اجتماع في مكة المكرمة بدعوة من الملك سلمان للوقوف إلى جانب الأردن، شارك فيه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، ونائب رئيس دولة الإمارات محمد بن راشد آل مكتوم، والملك عبد الله الثاني، في حين أعلنت قطر عن تقديمها دعماً آخر للأردن، وبصورةٍ منفردة.