علاقات » اميركي

صحف غربيَّة تنتقد السعودية وتطالب بدعم عالمي لكندا

في 2018/08/10

ترجمة منال حميد-

انتقدت صحف غربيَّة الأزمة التي افتعلتها السعودية مع كندا، من جراء مطالبة الأخيرة المملكة بالإفراج عن معتقلي الرأي وناشطي المجتمع المدنيّ، في حين قلَّلت وكالة "بلومبيرغ" من تأثير قرارات الرياض بتجميد العلاقات التجارية والاستثمارية في اقتصاد كندا.

وصبَّت السعودية جام غضبها على كندا بعد انتقادها حالة الحرّيَّة بالمملكة، من خلال اعتقالها عدداً من الناشطات في حقوق الإنسان، وآخرهنّ سمر بدوي، الحاصلة على الجنسيَّة الكنديَّة.

وتشنّ سلطات الرياض حملة واسعة على كلّ من لا يؤيّد سياسة ولي العهد، محمد بن سلمان، حيث اعتُقل العديد من العلماء والدعاة، كما اعتُقل العديد من الناشطات الليبراليات، ويتم تغييبهم دون محاكمات.

وانتقدت جماعات حقوقيَّة، منها منظَّمة "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"، حملة الاعتقالات السعودية، وطالبت بإطلاق سراحهم فوراً.

 

- الغارديان

صحيفة" الغارديان" البريطانية دعت إلى ضرورة أن تقف الدول الأوروبية مع كندا؛ لتوجيه رسالة إلى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بأن مثل هذه الأفعال لن تكون مجّانية بالنسبة إلى السعودية.

وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها، اليوم الخميس، أن ردّ الرياض على أوتاوا هو بمنزلة تحذير للآخرين، وأن على أوروبا أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار.

وقالت "الغارديان": "من الصعوبة بمكان أن نخوض معركة ضدّ الكنديين، لكن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، رجل لا يعوقه ما يعتقده الآخرون، وقد قام بالفعل بمجموعة من التغييرات والإصلاحات؛ فلقد سمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، وأيضاً اعتقل كلّ من دافع عن حقّ المرأة بقيادة السيارة".

وأضافت: "عندما ردَّت كندا بالدعوة للإفراج الفوري عن النشطاء السلميّين، ومن ضمنهم سمر بدوي، التي لديها جنسية كندية، انتقدت الرياض ما وصفته بالتدخّل الكندي في شؤونها الداخلية، وجمَّدت التجارة والاستثمار، وقامت ببيع أصول ماليَّة لها في كندا، وسحبت طلابها الذين يدرسون هناك، وحتى المرضى تم نقلهم إلى خارج كندا، وهو ما ألحق ضرراً واسعاً بالمواطنين السعوديين".

وترى الصحيفة أن هذه الإجراءات بمنزلة إفراط بالإجراءات العبثيَّة التي رافقت صعود محمد بن سلمان، فالرجل دخل في حرب اليمن، وفرض حصاراً فاشلاً على قطر، ومن المؤكَّد أن كلّ هذه الإجراءات جاءت بدفع وتشجيع من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والذي شنَّ مؤخراً هجوماً على كندا، ومن ثمّ فليس غريباً أن نسمع بياناً للخارجية الأمريكية يقول إن واشنطن ستبقى خارج هذا النزاع.

أما بريطانيا، تقول "الغارديان"، فلقد حثَّت فقط على ضبط النفس، وعبَّرت عن قلقها من الاعتقالات التي جرت في السعودية، ومنها الاعتقالات الأخيرة.

وتقول الصحيفة إن الإجراءات التي اتَّخذتها السعودية ضد كندا غير مسبوقة أبداً؛ حيث سبق للرياض أن عاقبت الشركات الألمانيَّة بسبب موقف بلادها من احتجاز رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري.

ومن ثمّ فإن من مصلحة الدول الأوروبية الوقوف معاً وإخبار ولي العهد السعودي بأن مثل هذه الأعمال لن تكون مجّانية بالنسبة إلى الرياض، فهي مثلها مثل الاعتقالات التي شنَّها ضدَّ من قال إنهم فاسدون؛ ستؤدّي بالنهاية إلى عدم الثقة بالسعودية، خاصة أن الرياض ستكون بحاجة إلى دعم أجنبي من أجل مسيرة التحديث التي أطلقها محمد بن سلمان.

- "الإندبندنت"

وكانت الناشطة السعودية سحر الفيفي دعت دول الغرب إلى التوقّف عن دعم "الديكتاتورية السعودية"، وقالت في مقال لها بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية إن وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، يعتمد على دعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وإن حكومات العالم تغضّ الطرف عمَّا يمارسه بن سلمان من انتهاكات لحقوق الإنسان.

وتابعت الفيفي: "عندما وصل بن سلمان إلى السلطة، عام 2015، وعد بتحديث السعودية من خلال رؤيته 2030، وفتح دور السينما وسمح للنساء بقيادة السيارة وحضور الأحداث الرياضية، وبسبب هذه القرارات أصبح العديد من الشخصيات الغربيَّة تُناصره، معتقدين أنه المصلح الليبرالي الذي طال انتظاره، والذي من شأنه أن يدفع بالسعودية نحو الأفضل".

وتضيف: "ربما نفَّذ بعض الوعود والتغييرات، لكنه أسكت أيضاً الأشخاص الذين دعوا لحقوق المرأة لسنوات، وفي الواقع فإن بن سلمان لم يقم بتحديث البلاد، بل حول النظام السعودي إلى نظام ملكي مطلق وأكثر استبداداً من أيّ وقت مضى؛ ما أدَّى إلى تهميش وحبس أي شخص يحاول أن يقول رأيه عن مجتمعه".

منذ اليوم الأول لوصوله، تقول الكاتبة، ألقت السلطات القبض على عشرات النشطاء السياسيين والاجتماعيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وحتى الشعراء والمغنّين، واعتقل سلمان العودة، وهو داعية إسلامي معتدل ومعروف؛ فقط لأنه لاذ بالصمت إزاء الأزمة السعودية مع قطر ولم يتَّخذ موقفاً علنيّاً مؤيّداً لما قامت به السعودية، ومؤخراً تم اعتقال الشيخ سفر الحوالي، وهو عالم سلفي؛ فقط لأنه نشر كتاباً ينتقد إحدى زيارات محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

الأسوأ من ذلك، بحسب الفيفي، هو عمليَّة اعتقال الناشطات السعوديات، فلقد ألقى بن سلمان القبض على النشطاء الذين قاموا بحملة لوضع حدٍّ للحظر المفروض على المرأة في قيادة السيارة، والإصرار على أن السماح للمرأة بقيادة السيارة هو هبة من الحاكم وليس بسبب ضغوط مارسها نشطاء خلال عقود.

وتؤكّد الكاتبة أهمّيّة أن يتوقَّف الغرب عن دعم الديكتاتورية السعودية، "فالشعب السعودي وحرّيته أثمن من النفط أو تجارة الأسلحة".

- "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ"

صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" علَّقت هي أيضاً على تصاعد الخلاف بين كلٍّ من السعودية وكندا، وأشارت أيضاً إلى التوتّر السابق بين المملكة العربية السعودية وألمانيا.

وقالت الصحيفة: "قبل الأزمة مع كندا عايشت ألمانيا غضب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان؛ وذلك عندما انتقد وزير الخارجيَّة، زيغمار غابرييل، في نوفمبر الماضي، السياسة الخارجيَّة السعودية تجاه لبنان واليمن".

وأوضحت أن "السعودية تستعرض قوَّتها في الداخل والخارج. إنها تشعر بالقوة الكافية لإهانة حتى الشركاء الذين لا يسيرون على نفس نهج الرياض".

ولفتت إلى أنه "في البلاد يُجري وليّ العهد الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، ولكن لا ينبغي لأحد أن يفكّر حتى في إبداء آرائه، ورغم أن السعودية تمنح حريات بشكل غير مسبوق، فإنّ التحرّر بالمفهوم الغربي ليس موجوداً".

- "نويه تسورشر تسايتونغ"

صحيفة "نويه تسورشر تسايتونغ" السويسرية قالت: إن "الأسرة المالكة تريد تفسير تغريدة وزيرة الخارجية الكنديّة، كريستيا فريلاند، عبر تويتر، على أنها تدخّل غير مقبول في الشؤون الداخليَّة للمملكة".

وأضافت: إن هذا "ما يبدو متناقضاً إذا ما تذكَّر المرء تحمّس السعوديين للتدخّل في اليمن المجاور، فبالنسبة إلى وليّ العهد في حالة كندا يبدو أن الأمر يتعلَّق بتجسيد مثالٍ تحذيري، وطريقة إراحة الضمير، وفي الوقت نفسه عقد صفقات تجارية مع واحدة من أكثر الدول رجعيَّة في العالم. يبدو أنها أثارت حساسية ولي العهد السعودي، إلا أن عدم تناول الظلم وانتقاده لا يعد بديلاً".

وشدَّدت الصحيفة على أن وزيرة الخارجية الكنديّة لا تستحقّ سوى التضامن. متسائلة: "لماذا لم يبدأ زملاؤها في الغرب بإعادة نشر تغريدتها؟".

- بلومبيرغ

وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية رجَّحت أن يكون تأثير قرارات الرياض تجميد العلاقات التجارية والاستثمارية مع أوتاوا، والتخلّص من الأصول الكندية، محدوداً على الشركات الكنديَّة التي تتضمَّن استثمارات سعودية.

واستعرضت "بلومبيرغ" في تقرير نشرته، اليوم الخميس، استثمارات المملكة في كندا، موضّحة أن الأصول السعودية في كندا تقتصر بشكل رئيسي على حصص في شركات الفنادق الراقية، وعلى بعض الحيازات الصغيرة في شركات مثل الشركة الوطنية الكندية للسكك الحديدية ومرافق الحبوب.

وتعود الاستثمارات السعودية في كندا للملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، وتحديداً من خلال "المملكة القابضة"، وهي شركة مختصّة بالاستثمار في الفنادق والعقارات والأسهم.

واستحوذت وحدة الفنادق التابعة للمملكة القابضة، في إطار تحالف مع شركتي "كاسكيد إنفستمنت"، التي يستثمر بها بيل غيتس، و"كندي إسادور شارب"، على حصّة في شركة "فور سيزونز للفنادق" تبلغ نسبتها 47.5%، في العام 2007.

و"فور سيزونز للفنادق" هي شركة كنديّة تأسَّست في العام 1961، وتتّخذ الشركة من تورنتو مقرّاً لها، وتمتلك ممتلكات في 43 بلداً حول العالم.

وقالت المتحدّثة باسم "فورسيزونز"، سارة توريت، في رسالة إلكترونية: إن "المسألة (الخلاف بين السعودية وكندا) لا تؤثّر على العمليّات اليومية للفورسيزونز، ومن الطبيعي أن نستمرّ في الترحيب بالضيوف في فنادقنا ومنتجعاتنا حول العالم".