علاقات » اميركي

استفزاز الخطاب الأمريكي

في 2018/10/08

محمد هنيد- الوطن القطرية-

ليست هي المرة الأولى التي يلقي فيها الرئيس الأمريكي خطابا شعبيا أمام أنصاره ليعيد خطابه القديم الذي يعكس رؤيته للدول العربية والخليجية منها بشكل خاص.

في هذا الخطاب الشعبي أمام أنصاره بولاية فيرجينيا الغربية نقل حوارا له مع الملك السعودي وأنه قال له إن السعودية لا تستطيع حماية نفسها دون القوات الأمريكية.

الخطاب ليس جديدا لكن التصريح العلني به وبهذا الشكل المباشر والمستفز هو الجديد إذ لم يسبق أن خاطب رئيس أمريكي الدول العربية الغنية بهذا الشكل حتى في عنفوان الحضور الأمريكي بالخليج خلال غزو العراق مثلا. فما الذي تغير؟

أولا: يمثل الخطاب الأمريكي الحالي أكثر الخطابات جرأة في كشف طبيعة النظرة الأمريكية للدول العربية عامة. فتصريحات ترامب التي توصف بالهوجاء وتفتقد أبسط أبجديات الخطاب الدبلوماسي تمثل النظرة الأصلية للإدارة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين ككل.

من هذا المنطلق تعد تصريحات ترامب إيجابية نظرا لقدرتها على رفع اللثام عن طبيعة العلاقة بين الطرفين وهو ما يمثل مكسبا للوعي العربي عامة.

ثانيا: تمثل هذه التصريحات مؤشرا على تردي قدرة الأداء السياسي الرسمي العربي على ردّ الفعل أو على فرض الاحترام الدولي على الأقل إذ لم تصدر مثل هذه التصريحات ضد دولة كوريا الشمالية ولا ضد دولة تركيا رغم الأزمات التي كانت تعرفها مع الرئيس الأمريكي.

إن جرأة الخطاب السياسي الأمريكي على الإهانة وتكرار الإهانة إنما تعكس وعيا ثابتا بأن الطرف المقابل أعجز من أن يرفض الإهانة فما بالك بالردّ عليها.

ثالثا: إن انخراط النظام العربي في نزاعات بينيّة وحروب عبثية وتهديد سيادة الدول الصغيرة وإجهاض تجارب ثورية سلمية يمثل أحد أهم أسباب افتقاده القدرة على رد فعل سيادي يمنع عنه الإهانات العلنية والسرية.

ليست الإدارة الأمريكية هي المسؤولة في الحقيقة عما بلغه الأداء السيادي العربي من تردّ وسقوط بل إن النظام الرسمي العربي هو الذي صنع شروط القابلية للإهانة والتشويه.

ما دام النظام السياسي يواصل نفس النهج في قمع الداخل وإغراء الخارج فإن الإهانة العلنية والسرية ستتحول قريبا إلى فعل مباشر قد يطيح بما تبقى من شروط بقاء النظام الرسمي نفسه.

إن تجاوز الخلافات العربية البينية ورأب الصدع الخليجي في أقرب الأوقات إنما تمثل المخرج الوحيد للخلاص من الخطط المستقبلية التي تُرسم بعناية بهدف الاستحواذ على المنطقة وثرواتها.