علاقات » اميركي

هل تستطيع السعودية معاقبة أميركا؟

في 2018/10/18

مصطفى عبد السلام- العربي الجديد-

نظرياً، يمكن للسعودية أن تعاقب الولايات المتحدة مالياً، وأن توجع الاقتصاد الأميركي وتكبده خسائر فادحة، وأن ترد بقوة على تهديدات إدارة ترامب بمعاقبتها عقاباً قاسياً في حال تورطها في إغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

ونظرياً أيضاً، يمكن للسعودية أن تعاقب العالم كله وتمنع الوقود عن آلاف المدن والقري ومحطات الكهرباء والمصانع والشركات، ليس بسبب قوة اقتصادها وتأثيره في الاقتصاد العالمي وحسب، بل بما تملكه المملكة من إمكانيات التأثير في الأسواق الدولية خاصة في قطاعات الطاقة والاستثمارات والسيولة النقدية ورؤس الأموال.

سلاح النفط

السعودية، مثلاً، تستطيع أن تستخدم سلاح النفط في معركتها الحالية، وتمنع صادراتها النفطية من الوصول لأسواق العالم، وتمنع سفنها النفطية كذلك من الإبحار شرقاً وغرباً.

وهذا، بالطبع إن حدث، سيتسبب في إحداث قفزات عنيفة في أسعار كل السلع الأساسية والمواد الأولية، حيث أن المملكة تعد أكبر منتج للنفط داخل منظمة "أوبك"، فهي تنتج ما يقرب من 11 مليون برميل يومياً تصدر منها أكثر من 7 ملايين برميل، وهناك شخصيات اعلامية محسوبة على النظام السعودي لوحت بالفعل باستخدام هذا السلاح.

ومع قفزات أسعار النفط، في حال وقف السعودية صادراتها النفطية عقاباً لأميركا بسبب مطالبة إدارة ترامب محاكمة المتورطين في جريمة إغتيال خاشقجي، سيكون المواطن والاقتصاد الأميركي أول المتضررين.

لأن القفزة سيترتب عليها حدوث ارتفاعات في أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار وغاز وغيرها، وكذا زيادة معدل التضخم ورفع سعر الفائدة، وهو ما يترتب عليه رفع تكلفة الأموال والقروض بالنسبة للمواطن والاقتصاد الأميركي.

وهذا الأمر سيربك، بالطبع، إدارة ترامب التي تتفاخر دوماً بالنجاحات الاقتصادية وقدرتها على خفض نسبتي البطالة والتضخم رغم ارتفاعات الأسعار عالمياً، وتوفير آلاف فرص العمل عبر زيادة الاستثمارات السعودية داخل أميركا.

ويمكن للسعودية، إن أرادت، أن ترفض ضغوط وابتزازات ترامب المستمرة الذي طالبها مرات عدة بزيادة إنتاجها النفطي حتى مليوني برميل بحجة أن الأسعار مرتفعة للغاية، ولتعويض النقص في إنتاج إيران وفنزويلا وليبيا .

ويمكن للسعودية أن تؤثر في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس إذا ما أوقفت صادراتها النفطية أو حتى رفضت زيادة إنتاجها النفطي، وأن تحرج ترامب وإدارته حزبه وربما التسبب في فقدانه الأغلبية البرلمانية، وذلك في حال زيادة أسعار المنتجات البترولية، وهو ما يضعف موقف ترامب خاصة في تمرير القوانين الجديدة أو تطبيق القوانين التي أقرها مثل قانون الإصلاح الضريبي.

سحب الأموال

ويمكن للسعودية، إن أرادت، أن تسحب استثماراتها من أميركا والتي تزيد عن الألف مليار دولار ( تريليون دولار) عدا استثمارات الأسرة الحاكمة، وهذا سيتسبب في إحداث هزة داخل قطاع المال والأعمال الأميركي.

وتستطيع السعودية أن تسحب أموالها وودائعها من البنوك الأميركية، وأن تبيع حصتها في سيتي بنك أكبر البنوك العالمية على الإطلاق وغيره من بنوك وول ستريت.

وتستطيع المملكة، إن أرادت، أن تسحب استثماراتها من السندات الأميركية والبالغ قيمتها 164.9 مليار دولار بنهاية شهر يونيو/حزيران 2018، وأن تتنازل عن احتلال المركز العاشر ضمن كبار الدول حائزة هذه السندات.

وتستطيع كذلك أن تجمد صفقات السلاح الجديدة والبالغ قيمتها 110 مليارات دولار، وبالتالي التأثير على شركات صناعة السلاح في أميركا.

وتستطيع السعودية فعل الكثير لمعاقبة أميركا إذا ما أقدمت إدارة ترامب على معاقبتها اقتصاديا، لكن هذا يمكن أن يحدث نظرياً، أو لنقل يتوقف على إرادة سياسية حقيقية من قبل صلنع القرار السعودي، لكن عملياً:

هل تفعلها السعودية وتعاقب ترامب الذي هددها علانية بفرض عقوبات عليها إذا ثبت تورطها في اغتيال جمال خاشقجي؟

هل تستطيع المملكة الرد على أي عقوبات أميركية أو غربية محتملة ضدها بإجراءات أكبر كما أكد مصدر سعودي مسؤول أول أمس؟

الرد مستبعد

هناك شك في أن تتحول تهديدات السعودية لأميركا إلى واقع أو أن ترى النور، والأسباب كثيرة، وأولها أننا لم نسمع من قبل عن سحب السعودية سنتاً واحداً من الأسواق الأميركية حتى في ذروة توتر العلاقات السعودية الأميركية.

والسعودية لا يمكنها التوقف عن تصدير النفط وإلا انهار اقتصادها، لأن أكثر من 95% من إيرادات المملكة تأتي من النفط وحده، وهناك قيود شديدة على سحب الأموال الأجنبية من المصارف الأميركية أو حتى التخارج من الشركات وبيع المستثمرين أسهم بها.

الخيارات المتاحة لدى السعودية للرد على العقوبات الأميركية، محدودة، والمملكة تمتلك نفس الأدوات المملوكة لخصومها، وكل الأوراق التي تمتلكها المملكة بيد الغير، بمن فيهم خصومها المحتملين في معركة الصحفي جمال خاشقجي.