علاقات » اميركي

"لعنة خاشقجي".. هل يجرد العالم السعودية من سلاحها؟

في 2018/10/27

الخليج أونلاين-

لم يكن أصحاب القرار في السعودية يعلمون بأن قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، سيهدد صفقات الأسلحة التي يعتمد عليها الجيش السعودي بشكل كامل في عملياته العسكرية.

ومع تكشف خيوط جريمة الاغتيال، وتقديم السلطات التركية لأدلة دامغة تشير إلى تورط القيادة السعودية، وفي مقدمتها اتهام ولي العهد محمد بن سلمان بالقتل، تتعالى أصوات دولية وحقوقية بضرورة وقف بيع الأسلحة للسعودية.

وتتربع السعودية على لائحة أكبر مستوردي الأسلحة عالمياً في السنوات الخمس الماضية، مع ارتفاع بلغت نسبته 225% عن الفترة الممتدة بين العامين 2008 و2012.

وكانت المملكة احتلت أيضاً المرتبة الثانية عالمياً كثاني مستورد للأسلحة في الفترة الممتدة من 1995 إلى 1999، ولكن نسبة استيراد الأسلحة خلال السنوات الخمس الماضية كانت أكثر بـ 48%.

ومن بين واردات السعودية 78 طائرة حربية و 72 مروحية حربية و328 دبابة ونحو 4000 عربة مدرعة.

ومع صعود بن سلمان إلى سدة الحكم رفعت السعودية قيمة إنفاقها العسكري في العام 2015 إلى 82.2 مليار دولار، بعد أن كان قد بلغ في 2013، 59.6 مليار دولار فقط.

كما أعلنت شركة "آي إتش إس" للأبحاث والتحليلات الاقتصادية، أن مشتريات السعوديّة من السلاح قفزت بمعدل كبير، لتصبح المملكة المستورد الأول للسلاح على وجه الأرض في 2015، بقيمة 65 مليار دولار.

ويعزز قتل السلطات السعودية لخاشقجي مطالبات حقوقية سابقة بوقف تسليح السعودية بسبب حربها المتواصلة في اليمن، وتسببها في قتل مدنيين أبرياء.

وكانت العاصمة البريطانية شهدت تظاهرت لمؤسسات حقوقية ومدنية العام الماضي، تطالب بوقف بيع الأسلحة للسعودية والإمارات، بسبب استخدامها ضد أهداف مدنية في اليمن.

وتسببت الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، منذ 26 مارس 2015، بمقتل الآلاف من اليمنيين جلهم من المدنيين، وفق مؤسسات حقوقية دولية.

هل تكون سماء السعودية مستباحة؟

وبالعودة لقضية مقتل خاشقجي، كانت الصفعة الأقوى للقيادة السعودية وغير المتوقعة، كرد فعل على هذه الجريمة، هو ما طرحه مجموعة من المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي لمشروع قانون في المجلس من شأنه وقف معظم مبيعات الأسلحة للسعودية، رداً على الجريمة.

ويشمل المشروع حظراً على المساعدة في مجالات الأمن والمخابرات والتدريب والعتاد، دون أن يمتد إلى أنشطة متعلقة بحماية المواقع الدبلوماسية التابعة للولايات المتحدة أو الدبلوماسيين الأمريكيين.

وفي حالة صوت الأمريكيون على القرار، ستكون سماء السعودية مستباحة أمام صواريخ الحوثيين الباليستية التي لا تتوقف عن دك مواقع استراتيجية داخل المملكة خلال الحرب الدائرة في اليمن، والتي كانت الأسلحة الأمريكية وقود الرياض فيها.

وكان آخر صفقات الأسلحة الأمريكية مع السعودية المهددة بالإلغاء، هي حصول الرياض على حزمة من الأسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، أبرزها منظومة "ثاد" للدفاع الجوي ، وسط مؤشرات قوية على إلغائها بفعل ضغوط الكونغرس على إدارة الرئيس دونالد ترامب.

وتعد منظومة "ثاد" من المكونات الرئيسية لنظام الدفاع ضد الصواريخ الباليستية المصمم لحماية القوات، والمناطق الرئيسية المأهولة والبنية التحتية الأساسية، مع إمكانية اعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى داخل وخارج الغلاف الجوي.

صفقات مهددة 

ولم تكن الأسلحة الأمريكية الوحيدة المهددة بإيقاف الشحن إلى السعودية، فخرجت أصوات حقوقية من دول أوروبية، وأمريكا الشمالية، تهدد بحظر بيع الأسلحة للرياض، في حالة أثبت تورط الديوان الملكي السعودي والمسؤولين في قضية قتل خاشقجي.

واتخذ  البرلمان الأوروبي قراراً غير ملزم يفرض حظراً أوروبياً على بيع الأسلحة للسعودية؛ على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية الرياض بمدينة إسطنبول التركية، مطلع أكتوبر الجاري.

ووافق 325 نائباً على القرار، في حين رفضه نائب واحد، وامتنع 19 آخرون، حسبما نقلت وكالة "أسوشييتيد برس" الأمريكية.

وينص القرار على وقف الصادرات التي على شاكلة "أنظمة المراقبة وغيرها من الأجهزة التي يمكن استخدامها لأغراض القمع في السعودية".

كذلك هددت ألمانيا على لسان المستشارة إنجيلا ميركيل  بوقف كل صادرات السلاح للسعودية حتى تتضح ملابسات قضية اغتيال خاشقجي.

 وكانت الحكومة الألمانية، منذ بداية العام، وافقت على صادرات أسلحة إلى السعودية تتجاوز قيمتها أربع مئة مليون يورو (462 مليون دولار)، ممَّا يجعل المملكة ثاني أكبر مشتر للأسلحة الألمانية بعد الجزائر.

كما لم تنفِ فرنسا أو تؤكد نيتها وقف بيع صفقات أسلحة للسعودية بعد مقتل خاشقجي، لكن رئيسها إيمانويل ماكرون أكد بأن الرياض "ليست عميلاً مهماً لباريس".

وتتجاوز قيمة مبيعات وتسليم الأسلحة من فرنسا 500 مليون يورو (567.34 دولار أمريكي) هذا العام، للسعودية، التي تُعد ما بين عامي 2012 و2016 المشتري الثاني من فرنسا بعد دولة الهند.

وجاء تهديد آخر ليس أقل قوة من دول الاتحاد الأوروبي وهو  لرئيس وزراء كندا جاستن ترودو، الذي تمر بلاده بعلاقات مضطربة مع السعودية بسبب انتقادها اعتقال المملكة لناشطات في حقوق الإنسان.

وهدد تردور بأن حكومته تراجع تصاريح تصدير الأسلحة للسعودية، ومنها اتفاق مع المملكة لتصدير سلاح بقيمة 13 مليار دولار، بعد مقتل الصحفي خاشقجي.

وفي بريطانيا التي تعد ثاني أكثر الدول تصديراً للأسلحة إلى السعودية بعد الولايات المتحدة، بحسب معطيات مؤسسة ستوكهولم الدولية لأبحاث السلام، خرجت أصوات تطالب بوقف بيع الأسلحة للرياض وأبوظبي، بسبب استخدامها في اليمن، إضافة إلى وجود تأكيدات لتورطها في قتل صحفي بقنصليتها بإسطنبول.

كذلك شهدت النرويج، المملكة البعيدة عن الأضواء السياسية، مطالبات بسحب استثمارات الصندوق السيادي النرويجي أو "صندوق التقاعد الحكومي"، في شركة ريثون العالمية التي تبيع أسلحتها للسعودية، حيث تُستخدم تلك الأسلحة في حرب اليمن.

وأمام هذه المعطيات التي تهدد بتجريد السعودية من صفقات الأسلحة، سيكون أمام المملكة خيار وحيد، وهو اللجوء إلى روسيا، عدو الولايات المتحدة اللدود؛ وذلك سيعني فقدانها لأكبر حليف لها على مدار سنوات طويلة في العالم، ودخولها مسار عقوبات مرهقة تهدد حاضرها ومستقبلها.