علاقات » اميركي

الطاقة النووية.. معركة السعودية الوشيكة في واشنطن

في 2018/12/26

جيمس دورسي- مركز بيجن-السادات للدراسات الاستراتيجية- ترجمة شادي خليفة -

تبدو المملكة العربية السعودية عاجزة حتى الآن عن تقديم نسخة موثوقة ومستدامة من الأحداث المحيطة بقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في مقر قنصلية إسطنبول.

ويبدو أن ذلك يعقد مفاوضات المملكة مع الولايات المتحدة من أجل الحصول على تصاميم محطات الطاقة النووية، في صفقة تقدر قيمتها بنحو 80 مليار دولار، اعتمادا على عدد المفاعلات التي قد تقرر السعودية في نهاية المطاف بناءها.

وتلقي الصفقة الكبرى بتداعياتها في قلب السياسة الأمريكية خلال الفترة الأولى للرئيس "دونالد ترامب"، الذي تركز على الوظائف والصفقات.

لكن تزايد النقد وعدم الثقة في المملكة العربية السعودية في الكونغرس الأمريكي ومجتمع المخابرات نتيجة لأزمة "خاشقجي"، فضلا عن تعامل المملكة في حرب اليمن، التي أشعلت أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، من المرجح أن تعزز الجهود المبذولة لإحباط اتفاق يكلل إصرار السعودية على إنتاج وقودها النووي الخاص بها، على الرغم من أنها يمكنها شراؤه بسعر أرخص من الخارج.

وقد أدى إصرار المملكة على هذا الأمر إلى تغذية المخاوف من أنها قد تحول الوقود النووي للاستخدام في أغراض عسكرية.

ودفعت مخاوف مماثلة، مقترنة ببرنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، القوى العالمية إلى فرض عقوبات على إيران أولا، ثم إبرام اتفاقية دولية عام 2015 للحد من برنامج إيران النووي.

وقد انسحب "ترامب" من ذلك الاتفاق في وقت سابق من هذا العام، متهما الاتفاق بأنه لم يقدم ضمانات كافية على أن إيران لن تكون قادرة على تطوير سلاح نووي.

وقد وصف الديمقراطيون في الكونغرس رفضهم بيع التكنولوجيا النووية للسعودية كعقوبة مناسبة لمقتل "خاشقجي"، الذي تصر المملكة على أنه قد تم قتله دون علم ولي العهد "محمد بن سلمان".

وكما فعل في رفضه للعقوبات الصارمة في أعقاب مقتل "خاشقجي"، من المرجح أن يجادل "ترامب" بأنه إذا لم تقم الولايات المتحدة بإبرام صفقة نووية مع السعودية، فإن دولا مثل الصين وروسيا وكوريا الجنوبية، تملك ضوابط أقل صرامة، سوف تتدخل.

لكن حجة أن الولايات المتحدة يجب أن ترتكب الخطأ خوفا من أن ترتكبه جهة أخرى قد أصبحت حجة سخيفة.

وقد أصر المسؤولون السعوديون مرارا وتكرارا على أن المملكة تقوم بتطوير قدرات نووية للأغراض السلمية، مثل الطب وتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، ويقولون إن المملكة ملتزمة بوضع منشآتها المستقبلية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ومع ذلك، ومع وجود ميزانية عسكرية بقيمة 56 مليار دولار لعام 2018، ترغب المملكة في تعزيز صناعتها العسكرية المحلية، وتهدف المملكة إلى الحصول على 50% من مشترياتها العسكرية محليا بحلول عام 2030، لترتفع من النسبة الحالية المقدرة بـ2%.

وفي حديثه إلى شبكة "سي بي إس" في وقت سابق من هذا العام، بدا ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" وكأنه يضع شروطا على الضمانات النووية السعودية، محذرا من أن "السعودية لا تريد الحصول على أي قنبلة نووية، ولكن إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف تتتبعها المملكة على الفور".

ومع طلبها الحصول على حق تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود المستنفد إلى البلوتونيوم، وهي لبنات محتملة لبناء أسلحة نووية، يبدو ذلك تراجعا من المملكة عن مذكرة التفاهم لعام 2009 مع الولايات المتحدة، التي تعهدت فيها بالحصول على الوقود النووي من الأسواق الدولية.

وكان التعاون في مجال الطاقة النووية واحدا من مجموعة من الاتفاقيات التي أبرمتها المملكة والصين العام الماضي، خلال زيارة قام بها الملك السعودي "سلمان" إلى بكين.

وتتضمن الاتفاقية دراسة جدوى لإنشاء محطات طاقة نووية ذات درجة حرارة عالية تبرد بالغاز في المملكة، وبنيت هذه الاتفاقية على اتفاق تم توقيعه عام 2012، والذي شمل صيانة وتطوير محطات الطاقة النووية ومفاعلات البحوث، فضلا عن توفير الوقود النووي من الصين.

وحذر تقرير أصدره معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، بعد فترة قصيرة من زيارة الملك، من أن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 "لم يقض على رغبة المملكة في امتلاك أسلحة نووية".

وتعد المبيعات الصينية المحتملة للمملكة من الصواريخ الباليستية والصواريخ الانسيابية واحدة من المناطق المظلمة للتعاون العسكري الصيني السعودي.

ويقول خبراء عسكريون إن صور الأقمار الصناعية لقواعد الصواريخ في السعودية في الأعوام الأخيرة تشهد على عمليات نقل مستمرة من الصين إلى السعودية.

وفي عام 2014، عرضت المملكة صواريخ "دونج فنج 3" صينية الصنع، التي يصل مداها إلى 5 آلاف كيلومتر، وذكرت تقارير وسائل الإعلام أن الصواريخ قد تم شراؤها عام 2007، وربما برضا من الولايات المتحدة.

وقال "جيفري لويس"، الخبير في منع الانتشار النووي: "استثمرت السعودية بكثافة في الصواريخ التقليدية الباليستية، لتزويد المملكة بلمحة من الردع الاستراتيجي".

وقد أكد "أنور عشقي"، وهو جنرال سعودي متقاعد ومستشار في الجيش السعودي، هذا الاستنتاج.

وقال عشقي: "حصل الجيش السعودي بالفعل على صواريخ من طراز "دي إف -21" من الصين مع جميع المرافق المصاحبة.