صحيفة "واشنطن بوست"- ترجمة منال حميد -
قال جاكسون ديل، نائب رئيس تحرير صحيفة "واشنطن بوست"، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيكون أحد الخاسرين في حال اندلعت موجة ثانية من الربيع العربي، لأنه راهن على الأنظمة الاستبدادية، كنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من أجل تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
وتابع ديل في مقال له بالصحيفة، أن الاحتجاجات الجماهيرية بالعواصم العربية والتي تطالب بتنحي الحكام الفاسدين والعجزة، تبدو كأنها مفارقة تاريخية، فلقد كان الربيع العربي منذ سنوات فقط، ومع ذلك لم ينجح وإنما قاد إلى انقلابات وحروب أهلية أعادت الوضع الاستبدادي القديم.
ويضيف: "في مصر، ثبَّت السيسي نفسه ديكتاتوراً مدى الحياة، وفي حين يجلس الرئيس بشار الأسد على أنقاض سوريا، تحولت ممالك الخليج بقيادة السعودية إلى دور أكثر وحشية وقمعية من أي وقت مضى".
ويستدرك قائلاً: "لكن مع ذلك، فإن الاحتجاجات الجزائرية أجبرت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على سحب ترشحه لانتخابات الرئاسة. أما في السودان فإنها متواصلة رغم التنازلات التي قدمها عمر البشير".
وحتى في الأردن، يردف الكاتب، فإن الشعب تظاهر في جميع أنحاء البلاد الشهر الماضي، للاحتجاج على الفساد. ولم يكن المغرب استثناءً، فلقد انتهت قبل أسابيع قليلة، مظاهرة كبيرة للمعلمين تطالب بإنهاء الديكتاتورية.
ويرى ديل أنه إلى الآن لا يمكن القول إننا أمام موجة ثانية من الربيع العربي؛ إذ لم يسقط أي نظام، ففي الجزائر -على سبيل المثال- ما زالت زمرة الجنرالات تحكم، وهي التي دعمت بوتفليقة وأبقته تحت سيطرتها.
كثير من الذين انضموا إلى ثورات الربيع العربي في 2011 ماتوا أو سُجنوا أو أُعدموا، بحسب ميشيل دن الباحثة بمركز كارنيغي والتي تنبأت بثورة 25 يناير المصرية.
وتقول "دن": "يدرك كثيرون وضمنهم المصريون، أن تكاليف الثورة الأخرى ستكون مرتفعة. لذا فإنهم أقل تفاؤلاً مما كانوا عليه في عام 2011 بشأن النتائج النهائية".
ومع ذلك، تضيف: "الموجة الجديدة تشير إلى بضعة استنتاجات تتعارض مع الحكمة التقليدية في واشنطن، خاصة داخل إدارة ترامب، بالاعتماد على السلطة الاستبدادية لدعم الاستقرار في الشرق الأوسط؛ وهو ما أدى إلى تطاير شرر موجة ثورية ثانية".
ويعود "ديل" للقول: "لقد تخيل السيسي وبن سلمان أن بإمكانهما اتباع نموذج الاستبداد الرأسمالي على غرار الصين وروسيا، لكنهما لم يتمكنا من إيصال السلع الاقتصادية، فالفساد والرأسمالية يؤديان إلى خروج الاستثمارات الأجنبية من مصر والسعودية".
ويهدر النظامان في الرياض والقاهرة مليارات الدولارات على مشروعات ضخمة مثل المدن الجديدة، ولعل آخر أفكار السيسي هو مطالبته بأن تطلى جميع المباني المبنية بالطوب في القاهرة بألوان متجانسة.
وفي الجزائر، فإن النظام المتحجر كان في حيرة من أمره بشأن كيفية تعويض انخفاض عائدات النفط والغاز، في وقت انخفضت فيه الاحتياطات الأجنبية بمقدار النصف منذ 2013، وارتفعت البطالة إلى 11%.
وتعاني معظم دول المنطقة، كما يقول الكاتب، بسبب الأنظمة القمعية والإدارات الفاسدة، في ظل مجتمعات تعاني الاكتئاب والإحباط، بسبب الديكتاتورية القائمة.
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن إدارة ترامب أسست استراتيجيتها في الشرق الأوسط على الأنظمة الاستبدادية، فهي تراهن على السيسي وبن سلمان مثلاً لإرساء استراتيجية تهدف إلى مواجهة إيران.
وأيضاً فإنه -أي ترامب- يَفترض أن هذين النظامين يمكن أن يوفرا الاستقرار، ولهذا السبب لم تبذل إدارته أي جهود لكبح قمعهما؛ ومن ثم فإنه إذا كان هناك ربيع عربي آخر فسيكون الرئيس ترامب أحد الخاسرين.