علاقات » اميركي

4 سنوات على حرب اليمن.. تقسيم للبلاد وأطماع للسعودية والإمارات

في 2019/03/28

الخليج أونلاين-

تطوي الحرب في اليمن عامها الرابع مخلفة خسائر بشرية فادحة ودماراً وحصاراً، وأزمة إنسانية تقول الأمم المتحدة إنها أسوأ أزمة في العالم.

4 سنوات مرت على انطلاق ما سميت بـ"عاصفة الحزم"، التي أعلنتها السعودية والإمارات في الـ26 من مارس 2015، دعماً للحكومة الشرعية في اليمن، ضد جماعة الحوثيين، إلا أنها لم تحقق الهدف المعلن منها، المتمثل في إنهاء انقلاب الحوثيين وإعادة الشرعية إلى السلطة في البلاد.

ومع طول أمد الحرب بدأ اليمن يتصدع شمالاً وجنوباً، وسط تخوفات من أن تشهد البلاد تقسماً وحروباً داخلية، مع ظهور أطماع للسعودية والإمارات.

وعلى الرغم من أن "عاصفة الحزم" ومن بعدها "إعادة الأمل"، جاءت تلبية لدعوة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لقتال الحوثيين وإنهاء انقلابهم، فإن السعودية والإمارات لم تسمح له ولحكومته بممارسة سلطاتهم على الأرض التي حُرِّرت، بل وحاصرت هادي في قصرٍ بالرياض.

مأساة مستمرة

شهد اليمن خلال السنوات الأربع نزوحاً داخلياً كبيراً، خصوصاً في المدن التي شهدت صراعاً وما زالت، إضافة إلى انتشار المجاعة والأمراض المختلفة، وفي مقدمتها مرض "الكوليرا" المميت.

في مارس2017 وصف المسؤول عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، ستيفن أوبراين، الأزمة في اليمن بأنها "الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم"، وجدد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في فبراير 2019، تأكيد ذلك.

وأوضح "أوتشا" أن تقديراته تشير إلى أن "80% من السكان، أي نحو 24 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدة غذائية أو حماية، بينهم 14.3 مليون شخص بشكل عاجل".

وتقول منظمة العمل ضد الجوع الفرنسية، إن عدد النازحين داخل اليمن بلغ 3.3 ملايين شخص.

وتفشى وباء الكوليرا في البلاد مؤدياً إلى وفاة أكثر من 2500 شخص منذ أبريل 2017. وأُبلغ عن الاشتباه بنحو 1.2 مليون حالة إصابة، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وتقول منظمة "سيف ذي تشيلدرن" الإنسانية البريطانية إن قرابة 85 ألف طفل ماتوا من الجوع أو المرض بين أبريل 2015 وأكتوبر 2018، وقتل آخرون خلال المعارك.

وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الحرب في اليمن خلفت نحو 10 آلاف قتيل منذ بدء عمليات التحالف في مارس 2015، في حين تقول منظمات حقوقية مستقلة إن عدد القتلى الفعلي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك.

أسباب إطالة الحرب

يجدد اليمنيون مطالبتهم بعودة رئيسهم إلى البلاد، متسائلين عن أسباب إطالة الحرب على الحوثيين، وعدم إنهاء الانقلاب.

ووجهت اتهامات مباشرة إلى الإمارات والسعودية بدعم جماعات مسلحة، في إطار تقويض الأمن في المناطق المحررة، إضافة إلى منع القوات الحكومية اليمنية من التقدم في عدة جبهات ضد الحوثيين.

ويتساءل مستشار وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي، في تغريدة له على "تويتر"، عن أسباب توقف "الانتصارات، ومن المتسبب في ذلك"، متسائلاً مرة أخرى عن أسباب منع الحكومة الشرعية من العودة إلى اليمن.

فيما حمل الدكتور هلال الأشول، وهو أحد العلماء اليمنيين الموجودين بالخارج، من أسماها بـ"الفصائل المتحاربة" مسؤولية الوقوف وراء استمرار الحرب، وقال: "إن أحد الأسباب وراء عدم رغبة الفصائل المتحاربة في اليمن في إنهاء الحرب هو أنها غير مستعدة لمواجهة عواقب ومسؤوليات السلام".

وسبق أن كشفت منظمة العفو الدولية في تحقيق نشرته في شهر فبراير الماضي، كيف أصبحت الإمارات قناة رئيسية لتسليح المليشيات بمجموعة من الأسلحة المتطورة.

لكن ذلك لا يشغل أبوظبي عن محاولة استيلاد شرعيات بديلة للرئيس هادي في الجنوب اليمني، ولا يُقعدها عن إدارة سجون سرية ودعم مليشيات محلية بين أحزمة ونخب، حتى تهيمن على المشهد، الهش أمنياً في الأساس، حيث دربت الإمارات ومولت المليشيات بصورة مباشرة، ومن بينها قوات "الحزام الأمني" و"قوات النخبة"، التي تدير شبكة غامضة من السجون السرية.

أهداف خفية للإمارات والسعودية!

تتآكل سلطة الرئيس اليمني، ويبدو التغول السعودي الإماراتي واضحاً في التدخل بقرارات هادي السيادية في تعيين المسؤولين الحكوميين والعسكريين أو عزلهم، والسعي لتمكين قادة وقوى تناهض الشرعية وتخضع لأجندات البلدين.

أما أولوية التحالف فهي محاولة الإمارات- برعاية سعودية كما يبدو- السيطرة على موانئ اليمن (الحديدة وعدن) وجُزره (ميون وسقطرى) وسواحله (ذباب والمخا)، فتعمل على تعطيلها لصالح مينائها "جبل علي"، وتبني قواعد عسكرية في سقطرى والمخا، وتمنع اليمنيين من الصيد في مياههم الإقليمية، وتتيح ثروتهم السمكية لشركات صيد كبرى تنقلها إلى الإمارات.

وكان آخر ما قامت به السعودية إرسال قوات عسكرية إلى المهرة الحدودية مع عمان، وسط رفض شعبي، وصل إلى الاشتباك مع قوات سعودية وأخرى موالية لها، مطلع شهر مارس الجاري.

ويقول المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي لـ"الخليج أونلاين": إن السعودية "لم  يكن هدفها من التدخل العسكري إعادة السلطة الشرعية ولا لحفظ كيان الدولية اليمنية، بل الحصول على المزيد من الأراضي والوصول إلى بحر العرب".

وأضاف: "على سبيل المثال عندما نلقي نظرة على تزامن التحرك العسكري للإمارات في يناير من عام 2018 في المهرة، مع تحرك عسكري سعودي في نهاية 2017 ندرك أن الأهداف الجيوسياسية لا يمكن إنكارها".

وتُمنع الحكومة اليمنية كذلك من إعادة تصدير النفط أو الغاز لتوفير إيرادات تعينها على دفع رواتب الموظفين، كما بدأت الإمارات عملياً سرقة الموارد النفطية اليمنية، من خلال شركة نمساوية تستحوذ أبوظبي على جزء من رأسمالها عبر أذرع متعدّدة، وتحجب عن البنوك اليمنية السيولة النقدية الحيوية، وتُتهم بالوقوف وراء انهيار العملة اليمنية، حتى تهتز صورة الحكومة الشرعية وتبدو عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها لدى اليمنيين.

في وقت سابق من شهر مارس 2019، طالب محافظ المحويت اليمنية، صالح سميع، الرئيس عبد ربه منصور هادي، بضرورة إنهاء دور الإمارات، مشيراً إلى أن دور أبوظبي سيسلّم اليمن كله إلى إيران في نهاية المطاف وليس فقط صنعاء.

وقال سميع، في مقابلة مع قناة "سهيل" اليمنية بالرياض: إن "على الرئيس هادي الاستغناء عن خدمات طرف من التحالف السعودي الإماراتي في حال قرّر الاستمرار في غيّه".

تقسيم اليمن

ويخشى الكثير من أن استمرار الحرب وعدم التوصل إلى حلول للوضع في اليمن قد يؤدي إلى تقسمه، خصوصاً مع دعم الإمارات للانفصاليين جنوباً.

ويقول البروفيسور العماني والعميد السابق بجامعة السلطان "قابوس"، الدكتور حيدر اللواتي، في تغريدة له على "تويتر": "إن هدف الحرب على اليمن تقسيم البلد ليبقى فقيراً منكوباً ومدمراً".

في حين تقول دراسة حديثة نشرت في الـ25 من مارس الجاري، لـ"مركز أبعاد"، إن اليمن يواجه سيناريو التقسيم"، وهو الأكثر خطورة على حد وصف الدراسة.

وأضافت الدراسة: "اليمن تواجه سيناريو التقسيم بسبب تصادم أهداف الفاعلين إقليمياً ودولياً ببعضهم البعض وتناقض أهداف عاصفة الحزم مع المصالح الاستراتيجية للإمارات والسعودية".

ويوم الـ20 من مارس الجاري، طالب صالح الجبواني، وزير النقل في الحكومة اليمنية، حكومة بلاده باتخاذ موقف حازم أو إنهاء التعاون مع الإمارات التي تشارك إلى جانب السعودية ضمن تحالف عسكري في الحرب اليمنية، منذ 2015.

وقال الجبواني، في تغريدة له على "تويتر"، إن علاقة بلاده بأبوظبي أصبحت "ملتبسة"، مطالباً بـ"ضرورة أن تتعامل حكومة بلاده بجدّية مع "زيارات قادة ما يسمّى بالانتقالي للخارج وهم يسافرون لتلك العواصم من أبوظبي"، في إشارة إلى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات، والذي يتمركز وجوده في عدن (العاصمة المؤقتة)، والذي يطالب بقوة بـ"الانفصال".

ولعل ما يشهده جنوب اليمن من تدهور الأوضاع الأمنية وغياب وجود الدولة، ستكون له تداعيات سلبية، مما ينذر بإطالة أمد الحرب في اليمن، تلك الحرب التي قد يرى أهل الجنوب أنها لم تعد تعنيهم كثيراً بعد أن سيطروا على الجنوب، وفشل التحالف السعودي الإماراتي في تحقيق أهداف الحكومة اليمنية في إنهاء "انقلاب الحوثيين".