علاقات » اميركي

كيف تؤثر الأزمة الخليجية على محادثات السلام بين واشنطن وطالبان؟

في 2019/03/29

يوسف إغروان - إنسايد أرابيا- ترجمة شادي خليفة -

تم استئناف محادثات السلام بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان". وتتنافس قطر والإمارات العربية المتحدة على لعب دور الوسيط الرئيسي في عملية السلام؛ سعيا من قبل كل طرف لتحقيق مصالحه الإقليمية.

وفي عام 2018، رحبت منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" بالقوات البرية القطرية والإماراتية في مهمة الدعم الحاسمة في أفغانستان. وبدأت هذه المهمة بقيادة "الناتو" عام 2015، وهي متابعة لمهمة قوة المساعدة الدولية الأمنية "إيساف"، والتي كانت تواجه تمرد طالبان منذ عام 2001.

وكانت "طالبان" قد نشأت إثر انسحاب الاتحاد السوفييتي من أفغانستان في أوائل التسعينيات. وبعد ذلك، حكمت الحركة أفغانستان بموجب تطبيق متشدد للشريعة الإسلامية من عام 1996 إلى عام 2001. وقد أزاحت واشنطن النظام من السلطة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، بسبب إيوائه لقيادات تنظيم القاعدة.

وكانت الإمارات واحدة من 3 دول، شملت أيضا باكستان والمملكة العربية السعودية، اعترفت بنظام طالبان خلال فترة حكمها التي استمرت 5 أعوام. وعلى الرغم من أن قطر لم تكن واحدة من هذه الدول، إلا أن دبلوماسيا سابقا في طالبان أشار إلى أن قطر حافظت على علاقات "ودية" مع مجموعات طالبان المسلحة في ذلك الوقت.

وأجرى ممثلو طالبان محادثات سلام سرية مع المسؤولين الغربيين في قطر عام 2010.

ولتسهيل عملية التفاوض، افتتحت طالبان "مكتبها السياسي" في الدوحة عام 2013، بناء على طلب صريح من الحكومة الأمريكية، وفقا للمبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لشؤون مكافحة الإرهاب، "مطلق القحطاني". وعندما اتهمت إدارة "ترامب" قطر عام 2017 بأن لها علاقات "تاريخية" مع المنظمات الإرهابية في إشارة إلى هذا المكتب، ذكّر المبعوث الرئيس "ترامب" بهذه الحقيقة.

الإمارات تنافس

وبعد فترة وجيزة من قطع العلاقات مع قطر من قبل الإمارات والسعودية، في يونيو/حزيران 2017، تم تسريب رسائل بريد إلكترونية بين الدبلوماسيين الإماراتيين والمسؤولين الأمريكيين كشفت أن الإمارات كانت تنافس قطر لاستضافة مكتب طالبان. وفي رسالة بريد إلكتروني من الدبلوماسي الإماراتي "محمد محمود الخاجة" إلى مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى آنذاك "جيفري فيلتمان"، تعود إلى 12 سبتمبر/أيلول 2011، طلب "الخاجة" توضيحات حول موقف واشنطن من استضافة الدوحة مكتب طالبان بدلا من أبوظبي.

وعبر البريد الإلكتروني الذي تم تسريبه بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2018، من سفير الإمارات "يوسف العتيبة" إلى مسؤول أمريكي لم يتم الكشف عن هويته، عن "غضب" وزير الخارجية الإماراتي "عبدالله بن زايد" بسبب انضمام قطر إلى مفاوضات طالبان. وعلى الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين رفضوا التعليق على شكاوى الإمارات، إلا أن الدبلوماسي الأمريكي المولود في أفغانستان "زلماي خليل زاد" كان حريصا على إشراك السعودية والإمارات وباكستان، الذين لهم تأثير كبير على طالبان.

وتعد هذه الخطوة لاستضافة المحادثات في السعودية والإمارات، بالتعاون مع باكستان، جزءا من استراتيجية إدارة "ترامب" للتأثير على حركة طالبان باتجاه السلام، وتقوية السلطة الأمريكية في المنطقة، وتقويض نفوذ قطر. وتهدف الخطة أيضا إلى تشجيع باكستان على جلب كبار قادة طالبان، الذين وجدوا فيها ملاذا آمنا، إلى طاولة المفاوضات.

وفي الماضي، أكد المسؤولون الأمريكيون أن موافقة قطر على استضافة المكتب السياسي لطالبان لم يكن يشير إلى أي دعم لحركة طالبان أو أيديولوجيتها، ولكنه كان رغبة في في دعم جهود الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام في أفغانستان. وفي الواقع، "تم افتتاح مكتب في قطر لحركة المقاومة الإسلامية حماس أيضا بموافقة أمريكية".

ومع ذلك، في بداية الأزمة الدبلوماسية الخليجية عام 2017، وبالتزامن مع تولي إدارة "ترامب" مهام منصبه، بدأت الإمارات والولايات المتحدة يشيران إلى أن استضافة قطر لطالبان وحماس تمثل دعما للإرهاب. وفي يوليو/تموز 2017، تمت دعوة السفير الإماراتي "العتيبة"، إلى جانب نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، "مايكل موريل"، لإجراء مقابلة مع المذيع الأمريكي "تشارلي روز".

وخلال المقابلة، اتهم "العتيبة" و"موريل" قطر بالتواطؤ مع المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط. وقال "العتيبة": "لا أعتقد أنه من قبيل الصدفة أن يكون هناك مكتب قيادة لحماس داخل الدوحة، وكذلك سفارة لطالبان، إضافة إلى قيادات الإخوان المسلمون". وإلى جانب تعليقات "العتيبة"، تابع "موريل" قائلا: "قطر دولة صغيرة أرادت أن يكون لديها سياسة خارجية تتبناها بنفسها".

وفي الوقت الراهن، يعتزم ممثلو طالبان إجراء المحادثات القادمة مع الولايات المتحدة في قطر بدلا من الإمارات أو السعودية، على الرغم من المحادثات التي جرت بين الطرفين في أبوظبي، في ديسمبر/كانون الثاني 2018. وقالت طالبان إن رفضها إجراء محادثات في أي من إحدى الدول الأخيرة يرجع إلى إصرارها على إضراك السلطات الأفغانية، وهو ما رفضته الحركة باستمرار.

التوترات الخليجية تعقد المحادثات

واستضافت الدوحة الجولة الرسمية الأولى من المحادثات بين طالبان والمسؤولين الأمريكيين في يوليو/تموز 2018. ووصف ممثلو طالبان النقاش بأنه خطوة "تمهيدية" لفتح قناة اتصال بين الطرفين قبل اجتماعات أخرى. فهل يمكن لهذا أن يضع حدا للتدخل العسكري الأمريكي الأطول في الخارج؟

وبينما كان من المتوقع عقد الجولة الرابعة من محادثات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في يناير/كانون الثاني 2019 في السعودية، أو حليفها الرئيسي الإمارات، طلب قادة طالبان نقل مكان المحادثات إلى لمكتب الحركة في الدوحة. وجاء طلب طالبان الأمر مرة أخرى بسبب اعتزام السعودية ضم حكومة أفغانستان إلى المحادثات. ووفقا لهم، تريد الحكومة الأفغانية الحالية من الولايات المتحدة وحلفائها البقاء في أفغانستان.

وتدور وجهة نظر طالبان حول أن الطريقة الأكثر فعالية لدفع واشنطن للانسحاب من أفغانستان هي تجاوز الحكومة الأفغانية، التي يرون أنها "دمية" أمريكية، والتفاوض مباشرة مع المسؤولين الأمريكيين. ويقول قائد بارز بالحركة: "لقد دفعنا ثمنا باهظا لطرد جميع القوات الأجنبية من بلدنا. فلماذا يجب أن نتحدث إلى الحكومة الأفغانية؟".

واستجابت واشنطن لعناد طالبان بالدخول في محادثات مباشرة مع المجموعة، على الرغم من الاعتقاد الأمريكي بضرورة إجراء مفاوضات ناجحة بين حكومة "أشرف غاني" وطالبان بشكل مباشر.

وعلى الرغم من أن "غاني" قد أشار إلى أن الولايات المتحدة تبلغه بتقدم المفاوضات، إلا أنه انتقد غياب الحكومة الأفغانية في العملية، التي يعتقد أنها تقوض سلطته. وقال "غاني" إن أي محادثات بين الولايات المتحدة وطالبان ستكون عقيمة، لأن أي اتفاق يتم التوصل إليه سيتطلب في النهاية موافقة حكومته. ومع ذلك، وعلى الرغم من المقاومة من كلا الجانبين، يبدو أن تحرك إدارة "ترامب" لإشراك الجهات الفاعلة الإقليمية سيشجع الأطراف المتعارضة على إيجاد حل وسط.

وبينما تجري مفاوضات بين قادة طالبان والمسؤولين الأمريكيين، تستعد كل من قطر والإمارات لتأكيد قوتهما الإقليمية. وفي الوقت الذي ترسل فيه الإمارات مزيدا من القوات للانضمام إلى القوات التي يقودها حلف "الناتو" لزيادة وجودها في أفغانستان، تستفيد قطر من وجود طالبان في الدوحة لتولي دور الوسيط، على أمل أن تلعب دورا في إنهاء الحرب طويلة الأمد.