أليكسي أوريسكوفيتش - بيزنس إنسايدر- ترجمة شادي خليفة -
تدخل علاقة "وادي السليكون" بالنظام السعودي صاحب السجل المقلق في مجال حقوق الإنسان في دائرة الضوء.
ويناقش المشرعون طرقا لوقف تدفق الأموال والمعلومات بين المملكة ووادي السيليكون.
ويعد الخصم في هذه الدراما العابرة للحدود هو الصين، التي دقت أجراس الإنذار في الولايات المتحدة بسبب مزاعم استخدام صناعة التكنولوجيا في مجال التجسس.
ومع ذلك، فهناك ضجة أقل بكثير حول العلاقات المريحة بين قوة أجنبية قمعية أخرى ووادي السليكون.
ويعد وجود السعودية في وادي السيليكون أكبر مما كان عليه في أي وقت مضى.
وقد أصبح ذلك واضحا بشكل خاص الأسبوع الماضي، عندما قدمت "أوبر" أوراق الاكتتاب الخاصة بها، ولقد تبين أن صندوق الاستثمار العام بالمملكة يمتلك 5.2% من شركة "أوبر".
وقد يقلل هذا الرقم من حجم تأثير المملكة داخل "أوبر"، لكن يجب أن تعلم أن السعودية هي أكبر مستثمر في "سوفت بنك"، مجموعة التكنولوجيا اليابانية، تمتلك 16.3% من أسهم "أوبر"، وساهمت بمبلغ 45 مليار دولار من تمويل الصندوق الضخم البالغ 100 مليار دولار.
ويعد صندوق رؤية التابع لـ"سوفت بنك"، هو صانع الملوك بلا منازع في "وادي السيليكون"، حيث يدخل برأس مال مخاطر كبير في شركات ناشئة عالية التكنولوجيا، مثل "وي وورك" و"سلاك"، و"دور داش"، و"جي إم كروز". ويعني هذا أن النقد السعودي يمول بشكل أساسي الكثير من ابتكارات "وادي السيليكون".
وكما أوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يمثل هذا التدفق من المال السعودي حقيقة مزعجة لصناعة تفتخر بجعل العالم مكانا أفضل.
حضور المال السعودي
وهناك بعض الحقائق الأساسية عن المملكة؛ فهي مكان ينتشر فيه التعذيب والاعتقالات التعسفية، وفقا لمنظمة العفو الدولية. وهي مكان لا يتم السماح فيه للنساء بالسفر إلى الخارج دون إذن من "ولي الأمر". وهي قائد التحالف المسؤول عن الغارات الجوية في اليمن، المسؤولة عن الآلاف من القتلى والجرحى المدنيين.
ولا ننسى القتل الرهيب للصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي"، الذي وفقا للاستنتاج الأولي لوكالة الاستخبارات المركزية، فإنه جاء بأوامر من ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان",
بعبارة أخرى، تناقض المملكة كل شيء تدعيه شركات التكنولوجيا حول سرسالتها.
وقد تكون الأموال السعودية أكثر انتشارا في التكنولوجيا الآن، لكنها ليست جديدة.
وكان الأمير "الوليد بن طلال" مستثمرا مبكرا في "تويتر"، وكان يمتلك في وقت ما حصة أكبر من حصة مؤسس الشركة "جاك دورسي".
كما أن صندوق الاستثمار العام السعودي هو أحد المساهمين في "ماجيك ليب" و"تسلا" و"فيرجن غالاكتيك"، وفقا لشركة الأبحاث "سي بي إنسايتس". وسواء كنت في الواقع المعزز أو في الفضاء الخارجي، فلا يوجد مهرب من الأموال السعودية.
ويستشهد مقال تم نشره في "كوارتز"، عام 2018، بتقدير أجرته شركة الأبحاث "كويد" بأن المستثمرين السعوديين شاركوا مباشرة في جولات استثمار في مجال التكنولوجيا بلغ مجموعها 6.2 مليار دولار على الأقل خلال الأعوام الـ 5 الماضية.
وقد تراجع "دارا خسروشي"، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبر"، عن مؤتمر نظمه "بن سلمان" العام الماضي بعد مقتل "خاشقجي"، كما فعل ذلك الرئيس التنفيذي السابق لشركة "جوجل كلاود"، "ديان غرين". ولكنالأهم من ذلك أن نرى تراجعا الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا عن قبول أموال من السعودية أو "سوفت بنك".
رياح التغيير في "أوبر"
إذا لماذا يقبل وادي السيليكون المال السعودي بارتياح؟
صحيح أننا نعيش في عالم يعمل بالنفط، لذا فإن اتباع خط أخلاقي ليس بالأمر السهل عندما تحتاج لضخ الغاز في سيارتك كل يوم.
ولكن صناعة التكنولوجيا تجلب رياح التغيير بتعاونها مع الدول الرجعية والاستبدادية.
فبعد كل شيء، عندما أعلنت "أوبر" عن استثمارها السعودي عام 2016، لم يكن قد تم السماح للنساء بقيادة السيارات.
وقالت "جيل هازلبكر" من "أوبر"، لصحيفة "نيويورك تايمز"، في ذلك الوقت: "بالطبع نعتقد أنه ينبغي السماح للنساء بقيادة السيارات. لكن في غياب ذلك، تمكنا من توفير حراك استثنائي لم يكن موجودا من قبل، ونحن فخورون بذلك بشكل لا يصدق".
وبعد عامين، حدث التغيير، عندما تم رفع الحظر المفروض على قيادة النساء رسميا.
فهل تسبب وجود "أوبر" في المملكة في التغيير؟، من المستحيل أن نجيب على هذا التساؤل على وجه اليقين، لكن ذلك "غير مرجح".
والأرجح أن "بن سلمان"، الذي كان يبحث عن طريقة لصقل أوراق اعتماده كـ "مصلح" عندما تولى السلطة عام 2017، رأى أن حظر القيادة المثير للجدل أمر سهل وسريع للتخلي عنه مقابل تحسين الصورة الدولية.
وتملك فكرة العمل من الداخل لإحداث التغيير سجلا حافلا في مجال التكنولوجيا.
ويمكننا تذكر تلويث "جوجل" لسمعتها بتقديم محرك بحث في الصين ثم التراجع عنه.
وعندما اندلع الغضب مؤخرا بسبب خطط "جوجل" السرية لإنشاء تطبيق بحث جديد خاضع للرقابة في الصين، لم تحاول الشركة حتى التبرير بحجة "التغيير من الداخل".
شركات التكنولوجيا لا تريد التغيير
وقد تسأل، في هذه المرحلة، لماذا لا تتخذ المزيد من الشركات موقفا وترفض الأموال السعودية.
الحقيقة المحزنة هي أن الشركات مهتمة أكثر بالحفاظ على الوضع الراهن الذي تقوم عليه أعمالها، وليس إحداث التغيير.
ويتأكد هذا بشكل أكبر اليوم، نظرا لأن شركات التكنولوجيا تحت الحصار من جميع الجهات، حيث يتم إلقاء اللوم عليها في انتهاك خصوصيتنا وانتخاباتنا واهتمامات أطفالنا.
ومرة أخرى تعد "جوجل" والسعودية مثالا على ذللك. فبفضل تطبيق يسمى "أبشر"، يمكن للرجال السعوديين تلقي التنبيهات عندما تستخدم النساء جواز سفرهن لمغادرة المملكة. وبعد الجدل الذي أثاره التطبيق، طالب المشرعون الأمريكيون شركة "جوجل" بإزالة "أبشر" من متجر التطبيقات التابع لها.
وقد رفضت "جوجل" سحب التطبيق. وجادلت بأن التطبيق لا ينتهك شروط الخدمة.
والآن، أصبحت شروط خدمة صناعة التكنولوجيا واضحة. وإذا كان الأمر يتعلق بالسياسات أو المستثمرين، تبقى القاعدة الذهبية هي الاستقرار.