علاقات » اميركي

محمد بن زايد وجواسيسه: من يحلب الآخر؟

في 2019/06/12

القدس العربي-

المضحك والمأساوي أن غالبية عمليات التجسس تنتهي بحصيلة عجفاء هزيلة، بحيث يصح التساؤل: مّن يحلب الآخر حقاً، أبوظبي أم جواسيسها؟

أبوظبي تريد معرفة فحوى اجتماعات بن سلمان برجال البيت الأبيض مما يظهر أن بن زايد ليس واثقا بصدد العلاقة بشريكه بن سلمان ولا حليفه ترامب.

«مشروع الغراب» جنّد موظفة سابقة بوكالة الأمن القومي الأمريكية واستقدمت إلى أبوظبي لإطلاق برنامج تجسس واسع يعتمد أحدث تقنيات الاختراق الإلكتروني.

لا يكاد ينقضي شهر أو حتى أسبوع إلا وتكشف الصحافة العالمية، وخاصة الأمريكية منها، تفاصيل جديدة ومثيرة عن تورط دولة الإمارات العربية المتحدة في فضائح من العيار الثقيل، تستهدف المعارضين والناشطين ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني وأي جهة تصنفها أبوظبي في خانة معادية لسياساتها.

كما تلجأ إلى تجنيد رجال أعمال وموظفين سابقين للتجسس على دول وحكومات مختلفة، بما فيها دولة خليجية شقيقة مثل قطر أو دولة عظمى حليفة مثل الولايات المتحدة.

ولا تتورع الأجهزة الإماراتية المعنية بهذه الفضائح عن إهدار ملايين الدولارات من الثروة الوطنية على حبك المؤامرات ونسج الشبكات، خاصة وأنها تتلقى أوامرها من ولي العهد محمد بن زايد شخصيا..

فتنفق بلا حساب، وخاصة أنها أيضاً تتعامل غالباً مع مسؤولين سابقين ورجال أعمال أو متنفذين لا حدود لأطماعهم ومهاراتهم في «حَلْب» تلك الأجهزة واستنزافها والتلاعب بها.

أحدث الوقائع في هذا السجل الحافل ما نشره مؤخراً موقع «إنترسبت» الاستقصائي الأمريكي حول يقين أوساط الاستخبارات في الولايات المتحدة بأن أحد رجال الأعمال الإماراتيين جرى تجنيده كمصدر معلومات لصالح مخابرات أبوظبي طوال العام 2017 لقاء عشرات الآلاف من الدولارات شهرياً.

كذلك أشار الموقع إلى أن رجل أعمال أمريكياً من أصل لبناني، مقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمّن للعميل الإماراتي تسهيلات محددة مقابل خدمات استثمارية في الإمارات.

ويثير السخرية هنا أن أبوظبي كانت تريد معرفة حقيقة مواقف ترامب من جماعة الإخوان المسلمين، أو الوساطات في النزاع السعودي الإماراتي مع قطر، أو اجتماعات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع كبار رجال البيت الأبيض، مما يدل على أن بن زايد ليس واثقاً من ذاته بصدد العلاقة مع شريكه بن سلمان ولا حليفه ترامب.

قبل هذه الفضيحة كانت وكالة أنباء رويترز قد نشرت تقريراً مفصلاً حول «مشروع الغراب» الذي رعته الإمارات ونهض على تجنيد موظفة سابقة في وكالة الأمن القومي الأمريكية واستقدامها إلى أبوظبي لإطلاق برنامج تجسس واسع النطاق يعتمد أحدث تقنيات الاختراق الإلكتروني.

وخلال عامي 2016 و2017 جرى استخدام البرنامج ضد مئات الحسابات وصناديق الرسائل الإلكترونية والهواتف الخاصة بالأفراد على امتداد العالم، وكذلك ضد حكومات قطر واليمن وإيران وتركيا بصفة خاصة.

ولم يكن مستغرباً أن يلجأ المشروع إلى فريق الاختراق الإيطالي الشهير، الذي سبق أن تواصل معه سعود القحطاني مستشار بن سلمان وأحد المتهمين بتصفية الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

وبالأمس فقط اعتبرت قاضية أمريكية أن نقل أفلام إباحية إلى الولايات المتحدة، التهمة التي يواجهها جورج نادر رجل الأعمال الأمريكي ومستشار بن زايد، هي سبب موجب لمحاكمته، وذلك بعد أيام قليلة من رفض قاضٍ فيدرالي إخلاء سبيل نادر بكفالة عالية.

ورغم أن قضية نقل مواد جنسية موضوعها أطفال تلاحق نادر منذ نهاية الثمانينيات، فإن ولي عهد أبوظبي لم يتردد في استخدامه وعقد الآمال عليه كي يكون عين أبو ظبي في أروقة البيت الأبيض.

والمضحك في كل هذا، وقد يكون المأساوي أيضاً، أن غالبية هذه العمليات تنتهي إلى حصيلة عجفاء وهزيلة، بحيث يصح التساؤل عمّن يحلب الآخر حقاً، أبوظبي أم جواسيسها؟