علاقات » اميركي

علاقة ترامب مع السعودية تثير الانقسام في الكونغرس

في 2019/06/14

ديريك دافيسون - لوب لوج-

صرح مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية والعسكرية "كلارك كوبر" الأربعاء للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب أن قرار إدارة "ترامب" بتسريع مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات ضروري لمواجهة "التهديدات الإقليمية الملحة" التي طرحتها إيران ولضمان عدم شراء حلفاء الولايات المتحدة أسلحتهم من "المنافسين" مثل الصين وروسيا.

وقرر "ترامب" في 24 مايو/ أيار إعلان حالة الطوارئ بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة من أجل دفع 22 صفقة أسلحة، بقيمة أكثر من 8 مليارات دولار، إلى السعودية والإمارات والأردن. ويبدو أنه تحايل عمدا على عملية المراجعة العادية للكونغرس لمثل هذه المبيعات.

انقسام في الكونغرس

بدافع القلق حول انتهاك الدور التقليدي للكونغرس في مبيعات الأسلحة وبيع الأسلحة للسعوديين في الوقت الذي تخوض فيه المملكة حربها التدميرية في اليمن، قاوم العديد من أعضاء الكونغرس إعلان الطوارئ الصادر عن "ترامب".

على سبيل المثال يطالب السيناتور الديمقراطي "كريس مورفي" وزميله الجمهوري "تود يونغ" بتشريع جديد، بموجب قانون المساعدات الخارجية، يلزم الإدارة بإصدار تقرير في غضون 30 يومًا عن سجل حقوق الإنسان في المملكة، على أن يصوت الكونغرس بعدها على منع مبيعات الأسلحة إلى السعودية على الرغم من الطوارئ المزعومة التي أعلنها "ترامب".

في شهادته، سعى "كوبر" إلى طمأنة لجنة الديمقراطيين المتشككين أن إعلان الطوارئ لم يشر إلى نية الإدارة إخراج الكونغرس من الصورة تمامًا عندما يتعلق الأمر بمبيعات الأسلحة.

في عدة مناسبات خلال الجلسة، تحدث عن "التقدير" التي توليه الإدارة للدور الذي يلعبه الكونغرس "في مراجعة عملية نقل الأسلحة" وأصر على أن الإعلان كان حادثًا منفردا جاء ردا على التهديد الإيراني، على الرغم من أنه فشل في تقديم أي تفاصيل حول هذه التهديدات التي يعتقد الكثير من النقاد أنها إما تم المبالغة فيها أو إساءة فهمها من قبل الإدارة.

واستغل جمهوريو اللجنة، بمن فيهم العضوان البارزان "مايكل مكول" من تكساس و"سكوت بيري" من ولاية بنسلفانيا، تأخيرات فرضها الكونغرس في بعض المبيعات الأخيرة كمبرر لقرار وزارة الخارجية بتجاوز الرقابة. وزعم "كوبر" أن فترة المراجعة العادية لمبيعات الأسلحة يمكن أن تصل إلى "30 يومًا"، لكن بعض المبيعات المعنية كانت قيد المراجعة لمدة 18 شهرًا أو حتى قرابة عامين. 

وتركز الاتهامات الموجهة للسعودية على التدمير الذي أحدثه التحالف السعودي الإماراتي في اليمن باستخدام الأسلحة الأمريكية الصنع وكذلك التقارير التي تفيد بأن التحالف نقل أسلحة أمريكية الصنع إلى القوات المحلية المتحالفة مع تنظيم القاعدة.

وكثيراً ما دافعت الإدارة عن تزويد السعوديين بالذخائر الدقيقة على أساس أنها تقلل من الإصابات في صفوف المدنيين، على الرغم من أن السعوديين استخدموها مرارًا وتكرارًا لضرب أهداف مدنية، وأحدث التأثير الإجمالي لجهودهم العسكرية ما أسمته الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

ويقدر أن أكثر من 70 ألف مدني يمني قتلوا في الحرب منذ يناير/كانون الثاني 2016، فيما يعتبر التحالف الذي تقوده السعودية مسؤولا عن أكثر من 7000 قتيل في هجمات مباشرة استهدفت مدنيين، و يقال إن أكثر من 100 ألف طفل يمني أصيبوا بالكوليرا في عام 2019 وحده. وقد اعترف "كوبر" بأن "هناك مجال لتحسين عملية الاستهداف" لكنه قال إن هذا "لا يمنع" الاستمرار في تزويد التحالف بهذه الأسلحة.

مبالغة في التأثير

وفي غياب أي نقاش محدد حول "التهديدات" الإيرانية الجديدة المزعومة اعتمدت حجة "كوبر" الرئيسية اعتمادًا كبيرًا على فكرة أن إعلان الطوارئ كان ضروريًا لتسريع مبيعات الأسلحة ومنع السعوديين والإماراتيين من البحث عن أسلجتهم في مكان آخر.

وفي دفاعه عن مبيعات الأسلحة للسعودية، أشار الرئيس "ترامب" مرارًا إلى احتمال أن تلجأ المملكة إلى الصين للحصول على أسلحة إذا أوقفت الولايات المتحدة تلك المبيعات أو حتى حدت منها، وقد يكون هذا الخوف قد اكتسب قوة أكبر في ضوء تقرير شبكة "سي إن إن" في وقت سابق من هذا الشهر أن السعوديين قد وسعوا بشكل كبير برنامج الصواريخ الباليستية الخاص بهم بمساعدة من الصين.

ومع ذلك، يبالغ "ترامب" بشكل كبير في التأثير الاقتصادي الذي تحدثه صفقات الأسلحة على الاقتصاد الأمريكي وفي تقييم قدرة السعودية على تحويل الجزء الأكبر من مشترياتها من الأسلحة إلى الصين أو روسيا بسرعة أو بسهولة.

واعتمدت القوات المسلحة في المملكة طوال عقود تقريبًا بشكل كامل على أنظمة الأسلحة الأمريكية والبريطانية التي يتم تصنيعها لإطلاق الذخيرة الأمريكية والبريطانية. وسيكون التحول إلى أنظمة الأسلحة الصينية الصنع خطوة طويلة ومكلفة للغاية للرياض. علاوة على ذلك، فإن الادعاء المتكرر بأن الولايات المتحدة تطالب بحماية أكبر للمدنيين في مبيعاتها من الأسلحة أكثر من غيرها من المصدرين للأسلحة مثل الصين وروسيا تعد ادعاءات جوفاء في ظل التجاهل الواضح لقواعد حماية المدنيين في اليمن.

مع مرور الجلسة، تحول التركيز نحو العلاقة الأمريكية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بشكل أوسع. ولعل أقوى الانتقادات لتلك العلاقة جاءت من عضو الكونغرس الجديد "إلهان عمر" التي وصفت الحكومتين السعودية والإماراتية بأنهما "أنظمة وحشية" وأنها "تسحق الحركات الديمقراطية في الخارج" وتمول الإرهابيين"، وقالت إنهما "تقوضان المصالح الأمريكية طويلة الأجل في المنطقة". 

وأضافت "إلهان": "أعتقد أن علاقتنا مع السعودية والإمارات بشكلها الحالي غير أخلاقية. وهي ليست غير أخلاقية فحسب، بل إنها تؤدي إلى نتائج عكسية لأمننا القومي. أعتقد أن الوثوق بهم لحماية احتياجاتنا وحمايتنا من التهديدات الإرهابية يشبه الوثوق بلص لحماية متجرك. هذه الإدارة تبيعهم مليارات الدولارات من الأسلحة وهذا أمر شائن ويظهر تجاهلًا صريحًا لإرادة الكونغرس والشعب الأمريكي وهو بمثابة صفعة في وجه ديمقراطيتنا وقيمنا".

وأجاب "كوبر" بالقول أن التحالفات الأمريكية مع دول مثل السعودية والإمارات "لا تمنعنا من مساءلة الشركاء، ليس فقط بشأن حقوق الإنسان، ولكن أيضًا بشأن حماية مصالحنا".