علاقات » اميركي

ورشة المنامة.. ختام غامض وضجيج بلا طحين

في 2019/06/27

وكالات-

بعبارات إنشائية، وغموض، طوت "ورشة المنامة"، التي تمثل الشق الاقتصادي لخطة سلام أمريكية بالشرق الأوسط تعرف بـ"صفقة القرن"، صفحة الجدل الدائر حولها عقب يومين من المناقشات التي لم تشارك فلسطين بفعالياتها، وسط حضور عربي محدود.

وتحدث البيان في ختام أعمال الورشة عن "تفاؤل كبير" حول التنمية الاقتصادية والاستثمار لصالح الشعب الفلسطيني، دون أن يترجم لوقائع بعيدا عن العبارات الإنشائية.

وامتلأ البيان بتلك العبارات، مثل "التركيز على تحقيق الازدهار الاقتصادي لفلسطين"، و"الشروط والآليات اللازمة لتحقيق التحول الاقتصادي"، و"إفساح المجال أمام الفرص الاقتصادية".

وكرر البيان الصادر في ختام أعمال الورشة الحديث عن أغلب أزمات المنطقة المعروفة مثل "المعدلات المرتفعة للبطالة"، و"الحاجة إلى التواصل الفعال مع فئة الشباب"، وأهمية "تهيئة الظروف المناسبة لتطوير القطاع الخاص".

وحتى كلمة ولي العهد البحريني "سلمان آل خليفة"، في الجلسة الختامية للورشة الأربعاء، تركزت على أمنيات عدة بينها تطلع بلاده إلى تحقيق فرص اقتصادية نوعية ومستدامة في جميع دول المنطقة، بجانب الدعوة لتكاتف الجهود وتوحيد المساعي من أجل تحقيق مستقبلٍ اقتصادي مزدهر.

ولم تقدم الورشة بيانا تفصيليا حتى الساعة بالمستهدفات جراء انتهاء تلك الورشة، التي طرح خطوطها الأولى "جاريد كوشنر"، صهر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".

وتتمثل الأرقام المعلنة مسبقا في ضخ استثمارات في الأراضي الفلسطينية بقيمة 28 مليار دولار، بينما ستخصص استثمارات أخرى (منح وقروض مدعومة)، بقيمة 22 مليار دولار في بلدان الأردن ومصر ولبنان.

وروّج "كوشنر"، عبر فيديو في اليوم الأول، لمشاريع تنموية واستثمارية لضخها في المنطقة، سيما الضفة الغربية وقطاع غزة، دون الإشارة إلى شكل حدود دول المنطقة، بما فيها إسرائيل وفلسطين رغم حديث واشنطن عن "فرصة تاريخية" لحل الصراع.ضجيج بلا ضحين

وبخلاف هذا الغموض الذي اعترى مستقبل تلك الورشة الاقتصادية التي شهدت حضورا عربيا محدودا، خطف الضجيج مبكرا أحداثها.

ودافع وزير الخارجية البحرين "خالد آل خليفة" عن الورشة، قائلا في مقابلة متلفزة مع تلفزيون "روسيا اليوم"، إن الورشة ليست "صفقة"، لكن "خطة اقتصادية من شأنها تغيير واقع المنطقة "، دون أن يدلل بتفاصيل على ذلك.

ودافع "كونشر"، أيضا، قائلا في كلمة بالورشة التي ترعاها واشنطن، إنها ليست "صفقة القرن"، ولكن "فرصة القرن".

لكن صوت الرفض للصفقة وورشتها الاقتصادية، كان عاليا لاسيما من مسؤولين وحركات عربية، ولم يجعل لضجيج تلك التصريحات طحينا.

وظهر ذلك عبر تجمّع العشرات في تونس، أمام سفارة البحرين لدى البلاد، وتنظيم فصائل وقوى وطنية وإسلامية فلسطينية، بغزة، وتأكيد من رئيس وزراء لبنان "سعد الحريري"، ولجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، على رفض "صفقة القرن".

ووصل الأمر إلى تأكيد فلسطيني بأن "ورشة المنامة" فشلت، حسب توصيف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، "حنان عشراوي"، في مؤتمر صحفي برام الله.

وذهبت صحيفة "الغارديان" البريطانية في افتتاحية الثلاثاء، إلى القول بأن الخطة الاقتصادية التي طرحها كوشنر، "مسرحية هزلية"، تستحق "الاستقبال الساخر" الذي لاقته.

ورفضت السلطة الفلسطينية المشاركة في ورشة البحرين، ودعت البلدان العربية لمقاطعتها، متهمة الولايات المتحدة، بتنفيذ الخطوات العملية لـ"صفقة القرن"، بدءا بالشق الاقتصادي.

وحتى ضجيج "كونشر "عن استبعاد مبادرة السلام العربية لم يفلح ولم يخرج بنتيجة، حيث جدد الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، والعاهل الأردني "عبد الله الثاني"، الأربعاء، في اتصال هاتفي، تمسكهما بمبادرة السلام العربية، القائمة على رؤية حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).

والثلاثاء، قال "كوشنر" إنه إذا تم التوصل إلى تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فلن يكون ذلك على أساس المبادرة العربية.

وتنص المبادرة على إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وانسحاب (إسرائيل) من هضبة الجولان السورية المحتلة والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدول العربية بـ(إسرائيل)، وتطبيع العلاقات معها.

ويتردد أن "صفقة القرن" تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لصالح (إسرائيل) في ملفات القدس واللاجئين وحدود عام 1967، مقابل تعويضات واستثمارات ومشاريع تنموية.

وعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين متوقفة منذ أبريل/نيسان 2014؛ بسبب رفض إسرائيل وقف الاستيطان وعدم قبولها بحدود ما قبل حرب يونيو/حزيران 1967 أساسا لخيار "حل الدولتين"

وكذلك، الإدارة الفلسطينية تقاطع الإدارة الأمريكية منذ اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل في أواخر 2017.

وبهذه الملامح الأولية، تمضي "ورشة المنامة"، في ظل المقاطعة الفلسطينية والتأكيد على فشلها، على سوابق مماثلة، من المؤاتمرات والاتفاقيات بشأن القضية الفلسطينية، في مسار يبدو عادة أنه "ضجيج بلا طحين".