علاقات » اميركي

لماذا اشترت السعودية بمليارات الدولارات سفنا أمريكية سيئة السمعة؟

في 2019/08/05

ناشونال إنترست -

في 29 يوليو/تموز، صوت 45 عضوا بمجلس الشيوخ الأمريكي مقابل 40، لصالح وقف مبيعات جديدة من القنابل الموجهة بالليزر، وخدمات صيانة الطائرات، إلى السعودية، وكان هذا العدد أقل من أغلبية الثلثين اللازمة لتجاوز حق النقض "فيتو" الذي استخدمته إدارة "ترامب" لمنع سريان حظر بيع أسلحة للسعودية.

وبالرغم من تدهور التأييد العام للرياض بسبب تورطها في عدد استثنائي من القتلى المدنيين في اليمن، وقتل أحد مواطنيها في السفارة التركية، فمن المقرر أن يستمر تدفق الأسلحة الأمريكية على المملكة.

وفي وقت سابق في شهر مايو/أيار، جادلت إدارة "ترامب" بأن المبيعات الجديدة يمكن أن يؤذن لها وفق حالة الطوارئ الوطنية، وتجاوز مراجعة الكونغرس؛ بسبب تصاعد التوترات مع إيران في الخليج العربي.

ومع ذلك، فإن واحدة من مبيعات الأسلحة الأكثر أهمية بالنسبة لقدرة السعودية على مراقبة الممرات المائية التي تزداد توترا، لايزال العمل عليها جاريا بالفعل على قدم وساق، بعد أن مضى وقت طويل في تنفيذها.

ومنذ عام 2008، تخطط البحرية الملكية السعودية لاستثمار 20 مليار دولار في مشروعها للتوسع البحري السعودي الثاني (SNEP II)، وتشغل حاليا 7 فرقاطات، وطرادات بوزن 4 آلاف طن، و9 زوارق دورية بوزن 500 طن، وتعود جميع فرقاطاتها باستثناء 3 فقط إلى ثمانينات القرن الماضي.

وتم اقتراح بيع 4 سفن معدلة "Littoral Combat Ships LCSs" (سفن قتالية ساحلية) من فئة (Freedom)، وتم اقتراح بيع سفينة من نوع "كورفيت"، بشكل مبدأي خلال فترة إدارة "أوباما" في 2015، وتممت الصفقة في إدارة "ترامب" كجزء من حزمة أكبر بقيمة 110 مليارات دولار في مايو/أيار 2017.

ومنحت الحكومة الأمريكية العقد لشركة "لوكهيد مارتن" في عام 2018، والسفن قيد الإنشاء حاليا في حوض بناء السفن مارينيت مارين في ويسكونسن، ومن المقرر أن تسلميها ما بين 2019 -2021.

حماسة السعودية لشراء "Littoral Combat Ships LCSs"، ربما يبدو غريبا، بالنظر إلى أن البحرية الأمريكية عانت فيما يتعلق بالسمعة السيئة لتلك السفن حول موثوقيتها (إمكانية الاعتماد عليها)، وتكاليفها، ونقص قوتها النارية، وعدم قدرتها على إيجاد فراغات مناسبة في "وحدات العمليات" كما تم الإعلان عنها في الأصل.

وأدت تلك العيوب البحرية لخفض طلبياتها (LCSs) من 55 إلى 32 سفينة.

إذن فلماذا كانت الرياض مستعدة لدفع تلك الأموال في هذه الهندسة غير المناسبة والطرادات العاجزة؟

أولا: البحرية الملكية السعودية، مكرسة بصفة رئيسية للعمليات في المياه الساحلية بالخليج العربي، حيث تواجه شاحنات نقل النفط فائقة القيمة مضايقات من القوات البحرية الإيرانية بشكل غير تقليدي، بالإضافة إلى خليج عمان وعدن، حيث تسعى السفن السعودية كذلك إلى منع تهريب الأسلحة والعملاء من إيران إلى اليمن.

Littoral Combat Ships أو السفن القتالية الساحلية كما هو واضح من اسمها، صنعت بغرض السرعة، والقدرة على المناورة، والتخفي بالمياه الساحلية، فهي سريعة الحركة، وهيكلها السفلي مسطح (غير غارق في الماء على نحو كبير) ما يسمح لها بالدخول في اشتباكات قرب الشواطئ كالسفن الصغيرة.

حتى تسليحها الخفيف -غير الملائم مقابل السفن الحربية التقليدية ذات الحجم المماثل- تم تحسينه للتنافس مع القوارب السريعة الأصغر ضمن النطاق المرئي.

وستعمل LCSs السعودية أيضا كمنصة فعالة لنشر بعض طائرات الهليكوبتر MH-60R Seahawk المتقدمة التي اشترتها الرياض في صفقة بقيمة 1.9 مليارات دولار، وتم تسليم أولى دفعاتها في سبتمبر/أيلول 2018.

ويمكن أن تساعد المروحيات متعددة المهام في تحديد موقع السفن باستخدام أجهزة الاستشعار بالأشعة الحمراء المزودة بها، ورادارات متعددة الوسائط، وتنفيذ مهام البحث والإنقاذ، واكتشاف الغواصات باستخدام السونار الغاطس ومهاجمتهم بطوربيدات "مارك-54" خفيفة الوزن، وحتى تفجير أهداف سطحية بصواريخ "هيلفاير" والصواريخ الموجهة بالليزر (APKWS 7 ملم).

ثانيا: LCSs السعودية هي من الطراز المسمى مقاتل السطح متعدد المهام، الذي يتخلى عن مفهوم وحدة المهام (غير الناجح) بغية الحصول على أجهزة استشعار ثابتة وأكثر قوة، وأيضا أسلحة وتوسيع طاقم العمل بنسبة 50% إلى ما بين 110 إلى 130 فردا.

وحصلت شركة "لوكهيد مارتن" على 450 مليون دولار مقابل التصميم والمعدات طويلة المدى للطراز الجديد.

وتستطيع أن ترى الصور من النموذج هنا

ويبلغ طول (Multi-Mission Surface Combatant MMSC) تسعة أقدام ويتضمن حاليا خلايا إطلاق عمودي من طراز Mark 41، ويمكن تعبة كل منها بأربعة صواريخ دفاعية جوية متوسطة المدى من طراز Evolved Sea Sparrow ، بمجموع 32 لديها أيضا قدرة ثانوية مضادة للسفن.

رادار TRS4D الجديد، المتصل بالنظام القتالي COMBATSS21 المعتمد على نظام الدفاع الجوي Aegis الموجود على الطرادات والمقاتلات الأمريكية، يسمح لأجهزة الاستشعار عن بعد ومكافحة الحرائق الاتصال بشكل شبكي مع السفن بطريقة سليمة (ودية).

وهذا يمنح LCS السعودية فرصة لحماية السفن القريبة وتخفيف أضرار صواريخ كروز القادمة من مسافة تصل إلى 30 ميلا، بدلا من أن تكون قادرة فقط على الدفاع عن نفسها بصواريخ Rolling Airframe قصيرة المدي وأسلحة دفاعية قريبة.

ويمكن لخلايا Mark 41 أن تستخدم لإطلاق أنواع أخرى من الصواريخ مثل صواريخ سطح "جوSM-2" بعيدة المدى أو صواريخ "توماهوك كروز"، في حالة اختيار البحرية السعودية الحصول عليها.

وتضيف LCS السعودية أيضا قاذفتين من 4 طلقات محملتين بصواريخ هاربون بلوك 2 Harpoon Block II المضادة للسفن، والتي يبلغ مداها 81 ميلا، ما يسمح لها بالاشتباك مع سفن حربية للعدو وراء الأفق.

وبدون هذه الأسلحة، تتعرض السفن المقاتلة الساحلية للتهديد بشكل قاس حتى من قبل أسطول إيران المتواضع المكون من مقاتلين مزودين بصواريخ تطلق من سطح السفن.

MMSC السعودية أيضا ستكون أبطأ عندما تزيد سرعتها القصوى عن 30 عقدة، وليس 40 عقدة كما هو معروف عن LCS ، لكن زاد مداها بأكثر من 40% إلى أكثر من 5700 ميل.

كلفت السفن الحربية الأربع الصغيرة نسيبا الرياض 6 مليارات دولار، على الرغم من أن العقد يشمل خدمات التدريب وقطع الغيار وأكثر من 750 صاروخا، لكن في الواقع كان من شأن الصفقة المقترحة في البداية أن تكلف 11.25 مليار دولار وأن السفن كانت ستسلح بقوة أكثر بـ16 خلية من طراز Mark 41 ومدفع 76 ملم، وأنابيب للطوربيد، لكن ثبت أن هذا السعر كثير جدا لكي يتم قبوله حتى من قبل السعوديين.

وفي نفس الوقت الذي يتم فيه تسليم LCSs خلال عام 2021 من المقرر أن تستقبل الرياض 5 طرادات من طراز (Avante 2200) بوزن 2.500 طن من شركة بناء السفن الإسبانية "نافانتيا"، وهي مسلحة يشكل مماثل لـMMSC، ولكنها أبطا وتتطلب طاقما أكثر لكن تكلفتها أقل بكثير، حيث لا تتجاوز 2.5 مليار دولار للحزمة الإجمالية.

والتعديلات التي أدخلت على السفن القتالية الساحلية للسعودية تجعلها أكثر قدرة على الدفاع عن نفسها، وعن السفن الصديقة من التهديدات الجوية والسطحية.

ومع ذلك، ستظل البحرية الملكية السعودية بحاجة إلى تدعو أن تحدث الأمور كما توقعت، وأن التصميم المنقح لن يعاني من مشكلات الموثوقية الخطيرة التي تصيب LCS في البحرية الأمريكية والتي لم تنشر حتى الآن LCS في مسرح الخليج العربي وهو الغرض الذي تم تصميمها من أجله.