علاقات » اميركي

كارثة دبلوماسية تنتظر السعودية.. ماذا لو فاز الديمقراطيون بالبيت الأبيض؟

في 2019/11/27

بروس ريدل - بروكينغز-

شهد الأسبوع الماضي عاصفة سياسية واسعة، مع جلسات الاستماع، والجدل بين المرشحين الديمقراطيين للرئاسة، واتهام رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" بالفساد. ووسط هذا الضجيج، كان من السهل تفويت جزء رئيسي من النقاش، وهو تعليقات نائب الرئيس السابق "جو بايدن" غير العادية حول المملكة العربية السعودية.

وقال "بايدن" إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تجعل المملكة "تدفع ثمن" مقتل "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في إسطنبول قبل أكثر من عام. ومن المرجح أن يتم معاملة المملكة كدولة "منبوذة" إذا فاز "بايدن" بالرئاسة.

ووعد "بايدن" بإنهاء مبيعات الأسلحة للسعوديين، وأشار إلى الحرب السعودية في اليمن باعتبارها كارثة إنسانية واتهم المملكة بقتل الأطفال. ولم يرد أي من المرشحين الآخرين في النقاش على ما جاء في كلمة "بايدن" أو يبدي أي دفاع عن السعودية.

وتعد تصريحات "بايدن" بيانا مهما عن حالة علاقات الولايات الم

تحدة مع المملكة. ويعود تاريخ تلك الشراكة الوثيقة مع المملكة العربية السعودية إلى عام 1943، عندما استضاف الرئيس الأمريكي "فرانكلين روزفلت" اثنين من الملوك السعوديين المستقبليين، الأميرين "فيصل" و"خالد"، في البيت الأبيض، لافتتاح أقدم علاقة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وقد أكد كل رئيس منذ ذلك الحين أهمية هذه العلاقة. وحتى بعد الحظر السعودي على مبيعات النفط للولايات المتحدة في عام 1973، سافر الرئيس "ريتشارد نيكسون" إلى المملكة للإشادة بالملك "فيصل" والعلاقة بين البلدين.

وزار الرئيس "باراك أوباما" المملكة أربع مرات كرئيس، على الرغم من بعض البرودة في العلاقة في أعقاب الربيع العربي. وباعت إدارة "أوباما" المزيد من الأسلحة إلى المملكة أكثر من أي من إدارة أخرى، بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار. ودعم "أوباما"، ونائبه "بايدن"، الحرب السعودية في اليمن دبلوماسيا وعسكريا. وجاء الدعم على الرغم من عدم وجود استراتيجية سعودية للوصول إلى نهاية من شأنها أن تحقق الاستقرار في البلاد. وبدلا من ذلك، أصبح اليمن مستنقعا بالنسبة للسعوديين، حيث يكلف المملكة أكثر من 25 مليار دولار سنويا.

وتأتي تعليقات "بايدن" بعد زيارة رئيسة مجلس النواب "نانسي بيلوسي" غير العادية إلى الأردن في أعقاب الهجوم الإيراني على منشآت النفط السعودية المهمة في "بقيق" في سبتمبر/أيلول. وقالت "بيلوسي" إن الولايات المتحدة ليس لديها التزام بالدفاع عن المملكة. ووعدت بالتصويت ضد مبيعات الأسلحة للسعوديين. وأدانت بشدة القتل الوحشي لـ "خاشقجي" وتقطيع جثته.

غير مسبوق

ويعد قيام اثنين من كبار الديمقراطيين بإدانة القيادة السعودية علانيةً، في وقت تتعرض فيه المملكة لهجوم من إيران، أمرا غير مسبوق. ويأتي النقد من الوسط المعتدل للحزب. ويدخل المزيد من الديمقراطيين من المنتميم لتيار يسار الوسط، مثل عضوة الكونجرس "إلهان عمر"، في زمرة المنتقدين للمملكة أيضا؛ حيث قالت "عمر" إن العلاقة مع المملكة "غير أخلاقية" و"سخيفة"، وهي تشبه أن تطلب من لص "حماية متجرك". ودعت "إلهان عمر" بدورها إلى قطع شحنات الأسلحة إلى المملكة.

وتشير التصريحات الصارمة التي لم يسبق لها مثيل ضد أقدم شريك للولايات المتحدة في الشرق الأوسط إلى أن أزمة وجودية في العلاقة قد تكون على بعد نحو عام واحد فقط، إذا فاز الديمقراطيون بالبيت الأبيض.

وشهدت العلاقات السعودية الأمريكية صعودا وهبوطا على مر العقود، بما في ذلك خلافات حظر النفط والتوترات حول دور المواطنين السعوديين في هجمات 11 سبتمبر/أيلول. لكن تلك التوترات كانت مبنية دائما على قضايا سياسية، ولكن في هذه المرة، يبدو السبب الجذري للخلافات شخصيا، حيث يرتبط بولي العهد وسلوكه الخطير والمتهور.

ووقفت إدارة "ترامب" إلى جانب رجلها، متجاهلةً مقتل كاتب العمود في صحيفة "واشنطن بوست"، وأعادت نشر القوات الأمريكية المقاتلة في المملكة بعد غيابها لمدة 15 عاما. لكنها كانت مترددة في استخدام القوة ضد إيران. وقال الرئيس بصراحة إن هجوم "بقيق" كان على السعودية، وليس الولايات المتحدة.

وبعد صدمة هجوم "بقيق"، الذي كشف بوضوح مدى هشاشة دفاعات البنية التحتية النفطية السعودية، يحاول السعوديون تحسين صورتهم الملوثة.

وقد تقلصت الغارات الجوية للقوات السعودية في اليمن بنسبة 80% هذا الشهر. وتجري المملكة محادثات مع المتمردين الحوثيين بوساطة الأردن وعمان والمملكة المتحدة. وتأمل الأمم المتحدة أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية للحرب في العام المقبل. وتسعى السعودية إلى تخفيف حصار قطر أيضت، لكنها هذه التغييرات يمكن عكسها بسهولة.

من الواضح أن مستقبل العلاقة السعودية الأمريكية أًصبح اليوم موضع شك أكبر من أي وقت مضى. وفي حين فقدت المملكة الدعم من الحزبين، فإن شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل قد يشهد تحولا تاريخيا في تلك العلاقة.