علاقات » اميركي

نفي رسمي وتسريبات تؤكد.. ماذا ينتظر ترامب قبل زيادة قواته بالسعودية؟

في 2019/12/06

الخليج أونلاين-

عادت المخاوف مجدداً من توترات قد تشهدها منطقة الخليج بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، مع حديث عن إرسال قوات أمريكية جديدة، وإعادة انتشار القوات السابقة في المنطقة.

ولا يزال منسوب احتمالات الحرب بين طهران وواشنطن مستمراً خلال الأشهر الأخيرة، على ضوء ما يجري من تحركات عسكرية للبلدين، والزيارات الأخيرة لقادة أمريكيين، بينهم عسكريون، إلى دول الخليج العربي.

وما زال الخلاف حول كثير من القضايا والملفات العالقة بين الولايات المتحدة وإيران يُلقي بظلاله على منطقة الشرق الأوسط والخليج، مؤثِّراً بذلك في الأمن الإقليمي للمنطقة ككل وفي معادلات عديدة، فيما يعتقد كثيرون أن الولايات المتحدة تستخدم تلك المخاوف لابتزاز السعودية.

قوة عسكرية إلى الخليج

في 5 ديسمبر الجاري، قال مسؤول أمريكي إن وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، يعتزم إرسال 5 آلاف إلى 7 آلاف جندي إضافي إلى الشرق الأوسط لمواجهة إيران.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن المسؤول قوله إن تلك القوات سيتم إرسالها "للرد على هجمات جماعات مرتبطة بإيران ضد مصالح أمريكية خلال الأشهر الأخيرة"، وهو ما أكدته مصادر عسكرية أخرى لوكالتي "رويترز" و"سي إن إن".

من جهة أخرى، وفي جلسة استماع في الكونغرس قال نائب وزير الدفاع، جون رود، إن الولايات المتحدة "تراقب سلوك إيران بقلق"، مضيفاً: "نواصل مراقبة مستوى التهديد، ولدينا القدرة على تكييف وجودنا بسرعة".

كما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمريكيين قولهم: "إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرس توسيع عدد قواتها العسكرية في الشرق الأوسط وذلك بهدف مواجهة إيران"، مشيراً إلى أن الزيادة تصل إلى تعزيز القوات بـ 14.000 جندي إضافي، وعشرات السفن الحربية والمعدات العسكرية اللازمة".

ترامب ينفي

وظهر التضارب الأمريكي في التصريحات بعدما خرج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتغريدة، يوم 6 ديسمبر، ينفي فيها صحة الأنباء التي تحدثت عن نية إدارته إرسال جنود إلى السعودية، في مواجهة التهديدات الإيرانية.

وكتب ترامب: "قصة اليوم أننا سنرسل 12 ألف جندي إلى المملكة العربية السعودية هي قصة كاذبة، أو، بتعبير أدق، أخبار مزيفة".

من جانبه نفى نائب وزير الدفاع الأمريكي، جون رود، تلك المعلومات، كما أن المتحدثة باسم البنتاغون، إليسا فرح، نفت هذا العدد عبر حسابها على "تويتر".

وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بشكل مطرد منذ وصول الرئيس الجمهوري إلى البيت الأبيض، ولا سيما مع انسحاب واشنطن أحادياً من الاتفاق النووي، وفرضها عقوبات اقتصادية شديدة مجدداً على طهران.

ابتزاز للسعودية

يقول المحلل السياسي ناصر الماجد، إن تضارب التصريحات بين البنتاغون وترامب "ينطوي على توجه أمريكي متجدد لابتزاز السعودية والحصول على دفعات جديدة من ثروتها الطائلة التي لم يفرغ ترامب من الحديث العلني الدائم بشأنها مقابل الحماية".

وأضاف، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "بعد أن ظن كثيرون أن ترامب نسي الحديث بشأن ابتزاز السعودية مقابل حمايتها، يبدو أنه يفكر حالياً بابتزاز جديد، خصوصاً مع إعلان واشنطن، أمس، رصدها 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن قيادي بالحرس الثوري الإيراني تورط في محاولة اغتيال وزير الخارجية السعودي الجبير".

وتابع: "المشهد العام الآن يعيد إلى الأذهان تحركات ترامب السابقة في بيع السلاح للسعودية التي يعتبرها الصيد الثمين، فضلاً عن بعض التطورات المتلاحقة التي تجبر السعودية على المزيد من الصفقات العسكرية مع أمريكا، أو دفع المال لحمايتها".

وربط الماجد إعلان وزارة الدفاع الأمريكية والمبعوث الخاص إلى المنطقة، برايان هوك، القبض على أسلحة كانت متوجهة للحوثيين، وبين رصد أمريكا مكافأة للإدلاء بمعلومات حول القيادي الإيراني، بالتسريبات حول إرسال مزيد من الجنود للمنطقة، وقال: "من غير المعقول أن تأتي هذه المعلومات في وقت واحد دون أن يكون مقابلها ثمن ستدفعه السعودية خلال الفترة المقبلة لواشنطن وتدر عليها بمزيداً من المال".

وتابع حديثه لـ"الخليج أونلاين": "المأساة هنا ليست في الجشع والطمع الأمريكي المستمر، فالرأسمالية معروفة بجشعها وطمعها وابتزازها للدول لنهب خيراتها وثرواتها، بل في قادة السعودية الذين فقدوا إرادتهم وكرامتهم، وكل طموحهم أن يحافظوا على عرشهم وخصوصاً محمد بن سلمان، الذي يعتقد أن أمريكا هي الضامن والحامي له، ولذلك يتجاوب مع كل الطلبات الأمريكية، ويلتزم بتنفيذ سياساتها في المنطقة حرفياً".

وحرص دائماً على الطلب من الرياض مزيداً من المال، ونجح في توقيع صفقات بنحو 420 مليار دولار، ومن أحد تصريحات الرئيس الأمريكي المتعلقة بـ "الدفع مقابل الحماية"، كان قوله إن السعودية وافقت على أن تدفع مقابل كل ما سنرسله من قوات لمساعدتها، بحسب ما أوردته وكالة "رويترز" (11 أكتوبر)، وذلك بعد ساعات من إعلان واشنطن عزمها إرسال ثلاثة آلاف عسكري إلى جانب أسلحة للمملكة.

مصادرة أسلحة إيرانية

ولعل حديث الماجد عن الأسلحة الإيرانية التي ضبطتها واشنطن، هي التي أعلنت عنها الدفاع الأمريكية في 4 ديسمبر 2019، حيث ذكرت أن بارجة تابعة للبحرية الأمريكية صادرت أجزاء متطورة من صواريخ يعتقد بأنها تعود لإيران من قارب أوقفته في بحر العرب.

وأكدت الوزارة أن بارجة أمريكية عثرت، في 25 نوفمبر، على "مكونات صواريخ متقدمة" على متن سفينة غير معلومة الهوية، وأن تحقيقاً أولياً يشير إلى أن الأجزاء مصدرها إيراني.

وذكر مسؤولون أمريكيون، وفقاً لـ"الفرنسية"، أن مدمرة الصواريخ الموجهة فورست شيرمان احتجزت قارباً صغيراً، الأسبوع الماضي، قبل أن تعتليه مفرزة من خفر السواحل وتعثر على أجزاء الصواريخ.

وأضاف المسؤولون أن طاقم القارب الصغير نُقل إلى خفر السواحل اليمني، وأن أجزاء الصواريخ في حيازة الولايات المتحدة حالياً، بعدما كانت متوجهة للحوثيين.

ويوم 6 ديسمبر الجاري، عرضت الإدارة الأمريكية مكافأة بقيمة 15 مليون دولار لقاء معلومات عن مسؤول بالحرس الثوري الإيراني في اليمن، قائلة إن "إيران لا تسعى لمصلحة اليمنيين".

وأوضح برايان هوك، المبعوث الأمريكي الخاص لإيران أن المسؤول في الحرس الثوري الإيرني الموجود في اليمن، ويدعى عبد الرضا شهلات، تورط في محاولة اغتيال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، ومخططات أخرى ضد واشنطن والمنطقة، منها نقل أسلحة لمليشيات الحوثي.

وجود أمريكي سابق

وتعتقد الولايات المتحدة أن الوجود العسكري لقواتها في قاعدة الأمير سلطان بالسعودية، والعديد في قطر، والأسطول الخامس في البحرين، وقواعد أخرى، يكفي لجعل هذه الدول أكثر أمناً وأكثر قدرة على مواجهة التهديدات الإيرانية "المفترضة".

وعززت الولايات المتحدة وجودها العسكري منذ تصاعدت حدة التوترات بالمنطقة منتصف العام الجاري، بنحو 14 ألف جندي إضافي للسعودية، ولأول مرة منذ انسحابها مطلع الألفية الثانية.

وللولايات المتحدة وجود عسكري في المنطقة وحاملة طائرات، بالإضافة إلى تعزيز قواتها في السعودية بجنود إضافيين ومعدات قتالية.

ولا يزال نحو 60 ألف جندي أمريكي يتمركزون في منطقة الخليج العربي، بما في ذلك البحرين مقر قيادة الأسطول البحري الأمريكي الخامس، وفي قاعدة العديد في دولة قطر التي تعد الأكبر في الشرق الأوسط.

وازدادت حدة التوترات في المنطقة في الأشهر الأخيرة بعد إعادة العقوبات الأمريكية على إيران في مايو الماضي وما تلاها من هجمات على ناقلات النفط وهجمات أخرى على منشآت نفطية في العمق السعودي، نفت إيران مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة عنها، بالإضافة إلى إسقاط طائرة الاستطلاع الأمريكية التي اعترفت إيران بمسؤوليتها؛ لكونها كانت تحلق في مجالها الجوي، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة.

وبعدما تلقت السعودية صفعة من واشنطن، التي كانت ترغب الرياض بشن حرب على إيران بعد تلك الهجمات التي تعرضت لها، لجأت إلى تحركات لإنهاء الحرب في اليمن، وفتح محادثات مع الحوثيين، لتخفيف الضغط عليها.

كما أن مشاركة منتخبات السعودية والإمارات والبحرين في بطولة خليجي 24 بقطر، ومؤشرات أخرى أهمها "تراجع" ثقة السعودية بالتزام الولايات المتحدة في الدفاع عنها، كل ذلك يؤكد أن السعودية باتت تقترب كثيراً من التخلص من الملفات العالقة في سياساتها الخارجية، ومنها "احتمالات" فتح حوار مباشر مع إيران لتسوية الخلافات بينهما، والهروب من الابتزاز الأمريكي لها.