القدس العربي-
كشفت وسائل إعلام غربية كثيرة قضية القرصنة التي تعرض لها هاتف جيف بيزوس، مالك مؤسسة «أمازون»، التي تعتبر أكبر شركة تسوق في العالم، وعلاقة وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بهذه القرصنة، وقد تكون لها تداعيات على بن سلمان، الذي لم ينجح حتى الآن من التعافي من الاتهامات الأممية له بعلاقته المباشرة بعملية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي.
توضّح القضية، بداية، أن وليّ العهد السعودي مرتبط بشكل مباشر بكل الأعمال المخابراتية التي كان يمكنه عزوها إلى شبكة المقرّبين به، أو إلى أعضاء أقل قيمة في سلّم الهرميّة السعودية، وهو ما يعيد التأكيد على مصداقية الاتهامات الأخرى الكبرى، بما فيها قضية خاشقجي طبعا.
يوضّح الكشف الجديد أيضا أن إرادة التجسّس على بيزوس وغيره من ملوك التكنولوجيا والأعمال ونجوم السينما والتلفزيون الأمريكيين كانت حاضرة خلال رحلة الترويج والعلاقات العامة لوليّ العهد السعودي إلى أمريكا عام 2018، والتي تبادل فيها الأمير السعودي أرقام الهواتف مع تلك الثلّة من المشاهير.
يظهر الكشف رابطا بين طريقة الهواة الهوليوودية التي خططت فيها خليّة العمل التي يقودها مستشارو بن سلمان لاغتيال خاشقجي، وتشابهها مع اسلوب استخدام الهاتف الشخصيّ لوليّ العهد في إرسال فيديو يحتوي فيروسا لاختراق حساب بيزوس واستخراج معلومات كبيرة منه في غضون ساعات، ثم في الاستخدام الانتقامي لتلك المعلومات عبر كشف صحيفة أمريكية فضائح عن علاقة عاطفية لبيزوس وعرضت رسائل نصية لعشيقته أرسلت بعد اختراق الهاتف بأيام.
تعيد هذه الحادثة أيضا التصويب على الغطاء السياسيّ الذي يوفره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوليّ العهد السعودي والذي قد يفسّر ربما شعور «الحصانة» الذي يتصرّف بن سلمان على أساسه.
وإذا أضفنا تبادل الدعم السياسي بين الرياض وتل أبيب، ودخول إسرائيل بنيامين نتنياهو إلى هذا الحلف، نكون أكثر قدرة على تفسير منظومة السلوك التي تتحكم بولي العهد ومجموعة المستشارين الحاكمة في المملكة حيث تعبّر علاقات القوّة والسيطرة (والوهم) عن نفسها على طريقة أبطال الجاسوسية السينمائية ولكنها تنتهي إلى اختلاط وصفات الأكشن بأفلام الرعب والكوميديا.
العنصر الإسرائيلي كان حاضرا أيضا في ما ذكرته التقارير عن استخدام شبكة وليّ العهد التجسسية لبرامج قرصنة من شركات إسرائيلية، ولكن التطور كان من استخدام هذه البرمجيات لقرصنة هواتف وأجهزة حاسوب لمعارضين سعوديين، إلى الاغتيالات وعمليات الخطف وصولاً إلى استخدامها ضد جيف بيزوس.
الأمر الذي لم يتحسّب له الأمير السعودي وشركاؤه أن ثمن التجسس على معارضين أمر، والتجسس على أحد ملوك التكنولوجيا العالمية (إضافة إلى كونه صاحب أشهر صحيفة سياسية أمريكية) هو أمر آخر، وأن حصانة جيمس بوند السعودي في التجسس والاغتيال لها حدود حتى لو كان المتهم بوزن ولي العهد السعودي.