علاقات » اميركي

أويل برايس: ترامب يدرس كل الخيارات لمعاقبة السعودية على حرب أسعار النفط.. والقادم سيئ جدا

في 2020/04/29

أويل برايس- 

تحت عنوان “يمكن لترامب استخدام الخيار النووي (التهديد) لكي يجعل السعودية تدفع ثمن حرب النفط” قال سايمون واتكينز في مجلة “أويل برايس” إن الرئيس دونالد ترامب يفكر بكل الخيارات المتوفرة لديه من أجل معاقبة السعوديين على حرب أسعار النفط، في وقت أدت فيه انهيار أسعاره إلى إحداث ضرر كبير لصناعة النفط الأمريكية.

 وأضاف أن الرئيس الذي راقب الشهر الماضي الإنخفاض المهين لأسعار نفط غرب تكساس المتوسط ودخولها منطقة السالب، بات يفكر في كل الخيارات المتوفرة لديه حسب مسؤولين بارزين مقربين له تحدثوا إلى “أويل برايس” في الأسبوع الماضي.

وعلق واتكينز أن ما يغضب الولايات المتحدة ليس انخفاض أسعار نفط غرب تكساس قبل نهاية العقود المؤجلة، لحين استئناف دول أوبك+ خفض الإنتاج بكميات كبيرة، ولا الضرر الذي أحدثته حرب الأسعار على صناعة النفط الصخري، بل لأن السعودية بات ينظر إليها في داخل المؤسسة الأمريكية كدولة خانت علاقة صداقة طويلة بين البلدين.

وتفهم مجلة “أويل برايس” أن كل مسؤول بارز في الإدارة يريد الآن أن تدفع السعودية الثمن الباهظ على فعلتها.

وأشار الكاتب إلى العلاقة التي بدأت عام 1945 بين الرئيس فرانكلين روزفلت والملك عبد العزيز على متن البارجة الأمريكية كوينسي في البحيرات العظمى القريبة من قناة السويس.

وعلّم ذلك اللقاء العلاقات منذ ذلك الوقت. وكما فصّل الكاتب في كتابه الجديد عن أسواق النفط العالمية، فقد تم الإتفاق على تلقّي الولايات المتحدة ما تحتاجه من إمدادات النفط طالما ظل هناك نفط في السعودية مقابل ضمان الولايات المتحدة سلامة وأمن العائلة المالكة.

وتم تعديل الاتفاق قليلا منذ صعود صناعة النفط الصخري ومحاولة السعودية تدميرها في حربها عليها ما بين 2014- 2016 حيث نص الآن على استمرار السعودية بإمداد الولايات المتحدة بالنفط الذي تحتاجه والسماح للنفط الصخري بالنمو.

وبالنسبة للولايات المتحدة، فما يهمها ليس خسارة السعودية أمام شركات انتاج النفط الصخري من أجل الحفاظ على أسعاره مرتفعة، بل وخسارتها فرص تصدير أمام الشركات الأمريكية، فهذا هو الثمن الذي يجب على عائلة آل سعود دفعه من أجل ضمان الحماية الأمريكية لأفرادها، وفي المجال السياسي والعسكري والإقتصادي.

ولم يكن ترامب مخطئا عندما ذكر السعوديين في كل وقت كان يشعر أنهم نسوا بنود الاتفاق: “أيها الملك (سلمان) لم تكن لتبقى في السلطة مدة أسبوعين بدون حماية الجيش الأمريكي”.

وكان ترامب يتحدث بمنطق كما يقول الكاتب، لأنه من الإنصاف القول إنه بدون حماية الولايات المتحدة، لكانت إسرائيل وإيران وجماعاتها الوكيلة قد أنهت حكم آل سعود.

وبعيدا عن رفع الدعم عن العائلة المالكة في السعودية، فهناك خيارات أخرى متوفرة للولايات المتحدة كإجراءات مؤقتة، مع أن بعضها أكثر عملية من الأخرى. ففي بداية حرب أسعار النفط قال ترامب: “سأعمل ما بوسعي لحماية عشرات الآلاف من عمال الطاقة وشركاتنا العظيمة”. وأعلن عن خطط لفرض تعرفة جمركية على النفط السعودي المصدر لأمريكا.

فوضع التعرفة على النفط السعودي وليس الروسي سيكون منطقيا من ناحيتين، الأولى، هي أن الولايات المتحدة تستورد 95% من النفط السعودي أكثر مما تستورد من روسيا، وعليه ففرض عقوبات على النفط الروسي لن يؤثر على تخمة الإمدادات الأمريكية بحيث لم يعد هناك مكان لتخزين النفط. كما أن روسيا في وضع اقتصادي أحس من السعوديين وتستطيع التعامل مع صدمة تحصل على مواردها النفطية، بميزانية تقوم على سعر 40 دولارا للبرميل من نفط برنت أكثر من السعودية التي تحتاج إلى 84 دولارا للبرميل كي تتجنب العجز في الميزانية.

الثانية، هي أن السعودية تظل المصدر الرئيسي للنفط الخام الحامض بما في ذلك العربي الثقيل، والمتوفر للولايات المتحدة ويعد ضروريا لإنتاج الديزل، والذي لا يناسبه زيت غرب تكساس المتوسط. ولهذا السبب فمعظم مصافي النفط في الخليج الأمريكي مصممة للتعامل مع الزيت الحامض، واستثمرت بشكل واسع في طرق معالجته وتوسيع البنى التحتية للتعامل مع النفط الخام الثقيل القادم من الشرق الأوسط.

كما أن المصادر التاريخية لهذا النفط لا تستطيع توفير هذه الكمية بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على النفط الفنزويلي ولعدم مصداقية تدفق النفط المكسيكي، أما النفط القادم من كندا فلن يكون متوفرا حتى انجاز خط “كي ستون” المتوقع أن يبدأ العمل به في عام 2023. وفي عام انتخابي، فآخر ما يريده الرئيس ترامب هي زيادة في أسعار الديزل أو نقص فيه يجعل من الإقتصاد الذي ضربه فيروس كورونا في حالة أسوأ.

وهي حقيقة معروفة في الانتخابات الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وهي أن الرئيس ينتخب 11 مرة من 11 عملية انتخابية عندما يكون الوضع في حالة جيدة، ولا يعاني من ركود في عامين من الرئاسة، أما الرئيس الذي يدخل الانتخابات لإعادة انتخابه باقتصاد يعاني من الكساد في نفس الفترة، فاز سبع مرات من سبع.

وربما كان تهديد ترامب بفرض ضرائب على النفط السعودي في محاولة لإقناع السعوديين أنه شخصية زئبقية لا يمكن التهكن بها، وأنه سيفرض العقوبات مهما كانت آثارها الإقتصادية قصيرة المدى. وهو بحاجة لعمل شيء مع قرب وصول 44 مليون برميل من النفط الخام السعودي.

وكان النائب الجمهوري عن نورث داكوتا والذي يقدم النصح للرئيس ترامب في قضايا الطاقة من الداعين لاتخاذ البيت الأبيض تحركات لمنع تفريغ ناقلات النفط العملاقة، فيما هدد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب بالتصويت لمنع الدعم العسكري للسعودية.

ورد ترامب على هذه الدعوات بالقول إنه “سينظر فيها” أي وقف الناقلات القادمة. وفي ضوء المشاعر الحانقة تجاه السعودية داخل الكونغرس، تقول مصادر في الرئاسة الأمريكية إن تهديدا قويا بل شخصيا وتأكيدا للتهديد بتمرير”قانون لا لنفط كارتل الدول المنتجة والمصدرة للنفط” (نوبيك) ويكون موجها مباشرة للملك سلمان وتجاوز ابنه محمد قد يترك أثرا ويقنع السعوديين للموافقة على خفض كبير في انتاج النفط أكبر من ذلك اتفقت عليه السعودية مع الروس. وكما ذكرت المجلة فقد زادت الضغوط على الرئيس ترامب لكي يمرر قانون نوبيك الذي ظل يراوح في أروقة الكونغرس في اللحظة التي أعلنت فيها السعودية حرب أسعار النفط.

ويمنع القانون زيادة الإنتاج أو تحديد أسعاره كما تفعل أوبك وأوبك+ والسعودية. وسيرفع القانون الحصانة عن أوبك في المحاكم الأمريكية كمجموعة أو أي فرد من أفرادها. وهو ما يترك السعودية عرضة للتشريع الأمريكي “مكافحة الإحتكار” ويجعل استثمارات بتريليون دولار أمريكي في الولايات المتحدة وحدها محلا للتحكم الأمريكي.

وعندها ستكون أمريكا قادرة على تجميد أرصدة ووقف استخدام الدولار الأمريكي من السعوديين في أي مكان في العالم، خاصة أن تسعير نفطهم يعتمد على الدولار.

ويسمح القانون بملاحقة شركة النفط السعودية، أرامكو، وأرصدتها وأموالها. وقد يطلب من الشركة المملوكة للدولة تفكيك نفسها إلى شركات أصغر. وكان الكونغرس سيصوت على القانون في شباط/فبراير العام الماضي.

وتم تمرير المشروع في لجنة الشؤون القانونية بالكونغرس، ثم قدمها كل من النائبين الديمقراطيين باتريك ليهي وإيمي كولباتشر، إلى جانب النائبين الجمهوريين تشاك غريسلي ومايك لي إلى مجلس الشيوخ، لكن التصويت توقف بعدما صوت ترامب ضده المشروع وفعل السعوديون ما طلبه منهم والحفاظ على سعر برميل نفط برنت بمستوى 70 دولارا ولكن الخيار لا يزال قائما لتحويله إلى قانون.