الخليج أونلاين-
يأتي إبرام السعودية والولايات المتحدة خطة لتعزيز التعاون الدفاعي بينهما في وقت تعيش فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب أزمات داخلية وعزلة دولية في أيامها الأخيرة المتبقية.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، الاثنين 11 يناير 2021، توقيع خطة مع السعودية لـ"تعزيز مجالات التعاون الدفاعي الجديدة والقائمة حالياً".
جاء ذلك خلال لقاء أنتوني تاتا، القائم بأعمال نائب وزير الدفاع الأمريكي لشؤون السياسات، مع الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، في الرياض، الخميس الماضي.
وبحسب ما ذكرته وزارة الدفاع الأمريكية فإن تاتا أكد كذلك قلق الولايات المتحدة من تهديدات الحوثيين في اليمن، وهجماتهم المستمرة على السعودية.
وعلى الرغم من أن اللقاء عُقد قبل أيام، فإن الوزارة الأمريكية لم تكشف عنه إلا بعد صدور قرار الخارجية الأمريكية القاضي بإعلان جماعة الحوثي منظمة إرهابية.
وجاء في بيان وزير الخارجية مايك بومبيو أن "التصنيف يهدف إلى محاسبة (الحوثيين) على أعمالهم الإرهابية، ومن ضمنها الهجمات العابرة للحدود (هجمات ضد السعودية) التي تهدد السكان المدنيين والبنية التحتية والشحن التجاري".
وكان نائب وزير الدفاع السعودي قال، الخميس، في تغريدة، إنه التقى المسؤول الأمريكي وبحثا التعاون "بين بلدينا وسعينا المشترك لتعزيزه؛ صوناً للاستقرار في المنطقة، وذلك انطلاقاً من الشراكة الراسخة والتاريخية بين البلدين الصديقين".
التقيت اليوم بالسيد انثوني تاتا وكيل وزارة الدفاع الأمريكي للسياسات، بحثنا التعاون بين بلدينا وسعينا المشترك لتعزيزه صوناً للاستقرار في المنطقة، وذلك انطلاقاً من الشراكة الراسخة والتاريخية بين البلدين الصديقين. pic.twitter.com/3dVbwgTLu3
— Khalid bin Salman خالد بن سلمان (@kbsalsaud) January 7, 2021
ومنذ مارس 2015، ينفذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية عمليات عسكرية باليمن، دعماً للقوات الموالية للحكومة في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.
وفي مقابل ذلك تشن جماعة الحوثي هجمات مكثفة بصواريخ وطائرات مسيّرة ومقذوفات باتجاه الأراضي السعودية، كما استهدفت سفناً تجارية ونفطية في البحر الأحمر.
أيام ترامب
واختلفت علاقات ترامب مع دول الخليج بشكل لافت عما كانت عليه إبان مع سلفه باراك أوباما الذي كان بايدن نائبه، والذي أثار بإبرامه اتفاقاً مع إيران حول ملفها النووي مخاوف السعودية وجيرانها.
وفي عهد ترامب نشرت الولايات المتحدة، في عام 2019، قوات في السعودية للدفاع عن المصالح الأمريكية في مواجهة "التهديدات الإيران"، بموافقة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
وكانت الرياض كثفت من تحركاتها الدبلوماسية والاستراتيجية مع واشنطن، خلال الأسابيع الأخيرة من ولاية ترامب.
ففي أكتوبر الماضي، أعلنت الولايات المتحدة والسعودية تشكيل 5 مجموعات عمل ثنائية لتعزيز التعاون بين البلدين، لا سيما في مجالات الأمن والتعاون الدفاعي ومحاربة الإرهاب.
جاء ذلك في بيان مشترك صدر عن حكومتي الولايات المتحدة والسعودية، في ختام اجتماع للحوار الاستراتيجي الأمريكي السعودي، عقد في 14 أكتوبر الماضي، في واشنطن.
وتشمل هذه المجموعات: مجموعة عمل للشراكة للأمنية والاستخبارية، ومجموعة عمل لخطة التعاون الدفاعي، ومجموعة عمل المصالح الاقتصادية والطاقة المشتركة، ومجموعة عمل ثنائية للتعليم والتعاون الثقافي، ومجموعة عمل للتعاون في مجال الأمن السيبراني.
بايدن والمملكة
يقول محللون إن المملكة تشعر بالقلق من أن تسعى إدارة بايدن لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب، وتخفّف العقوبات على عدوتها إيران، وتتبع سياسة متشددة تجاه الرياض التي وطد الرئيس الجمهوري علاقته معها.
وسبق أن شدد العاهل السعودي في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى، في نوفمبر الماضي، أن "المملكة تؤكد خطورة مشروع النظام الإيراني الإقليمي وتدخله في الدول ودعمه للإرهاب، والتطرف وتأجيج نيران الطائفية من خلال أذرعه المختلفة".
وفيما يتعلق بالسياسات المحتملة للولايات المتحدة مع السعودية في الفترة المقبلة يرى محللون أن "بايدن لديه آراء سلبية تجاه إدارة المملكة، ومن الممكن أن تنعكس هذه الآراء على السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط".
وكان بايدن قد انتقد السعودية خلال حملته الانتخابية، وقال: إنها "تخرج عن أعراف المجتمع الدولي؛ بسبب ما تطبّقه من سياسات وما تتبناه من معايير"، لكن الرياض، وعلى لسان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، رد على هذه التصريحات، في نوفمبر الماضي، بأنه "واثق من أن الإدارة الأمريكية المقبلة برئاسة جو بايدن ستنتهج سياسات تساعد على الاستقرار الإقليمي، وأن أي مناقشات معها ستؤدي إلى تعاون قوي".
يقول عبد الرحمن السراج، المحلل المختص بالشؤون الأمريكية، إن الاتفاق السعودي-الأمريكي يأتي في آخر أيام إدارة ترامب لتحصيل أكبر عدد من المكاسب بالنسبة للرياض في مجال الاتفاقات الدفاعية.
وأضاف السراج في تصريح لـ"الخليج أونلاين" أن الرياض "تتوقع أن يكون هناك تغيير في سياسة بايدن تجاه الرياض، بناء على كلام الرئيس الأمريكي المنتخب، الذي قال (إنه لن يبيع مزيداً من الأسلحة للسعودية لمواصلة حربها في اليمن)، خاصة أن مشاركة الحرب في اليمن باتت إشكالية كبيرة لدى أعضاء من الكونغرس".
وبين السراج أن "الكونغرس مرر قراراً لوقف الدعم العسكري للرياض في حربها في اليمن، ولكن إدارة ترامب تجاهلت ذلك بحجة مواجهة النفوذ الإيراني في الخليج، وهو ما يبدو أن بايدن سوف يتجاهله".
لكن في المقابل يعتقد الكاتب والمحلل السعودي عبد الرحمن الراشد أن جو بايدن سيكون الرئيس الأمريكي الأقرب للرياض وليس العكس، مرجعاً ذلك إلى المصالح العليا والتاريخ الطويل بين البلدين.
ويوضح الراشد في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط" نشر في ديسمبر الماضي، أن "رجلاً في عمر وتجربة جو بايدن له سجل يجعلنا نتنبأ بموضوعية أنه سيكون الرئيس الأمريكي الأقرب -وليس العكس- للمملكة"، موضحاً أن "الكلام نفسه قيل مع وصول دونالد ترامب للرئاسة؛ بأنه يحمل أجندة معادية للرياض، وكما توقعنا، فإن المصالح العليا والتاريخ الطويل سرعان ما فرضا نفسيهما وتكررت العلاقة الجيدة مع الرئيس ترامب".
ويقول الكاتب السعودي في هذا الصدد: "لا أقول إن الرياض محظوظة بالرؤساء في المرات الماضية؛ بل هي تحصد نتيجة أهميتها ودورها وموقعها".