الخليج أونلاين-
في ظل توتر متصاعد مع إيران بشأن سلامة الملاحة البحرية في منطقة الخليج ومضيق هرمز، تنشر الولايات المتحدة الأمريكية الآلاف من قواتها في دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، في ما تقول عنه واشنطن إنه يأتي في إطار "الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة".
وتزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بصورة حادة منذ أن شددت الولايات المتحدة العقوبات التي أعادت فرضها على طهران بصورة فردية بعد الانسحاب من الاتفاق النووي الذي تم التوصل له عام 2015.
ويستخدم الجيش الأمريكي مجموعة من الموانئ والقواعد الجوية في الصحراء الغربية للسعودية، خصوصاً بعد عودة القوات الأمريكية في منتصف عام 2019 إلى المملكة بعد موافقة الرياض رسمياً.
قواعد جديدة
يكشف القائد العسكري الأمريكي الأعلى في المنطقة، الجنرال فرانك ماكنزي، في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، عما تقوم به القوات الأمريكية مؤخراً من تطوير خيارات عديدة لاستخدامها في حالة حدوث صراع مع إيران.
وخلال تفقده 3 مواقع لقواته في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية، أكد ماكينزي أنه "ينبغي التفكير في مواقع أخرى بعيدة لإدخال القوات إلى مسرح العمليات العسكرية"، وفقاً لما نشرته الصحيفة في 25 يناير 2021.
وقال ماكينزي: "على مدار العام الماضي أو أكثر، أجرى الجيش عدة عمليات تجريبية تدريبية في المواقع لنقل المعدات من وإلى المنطقة".
وأوضح أنه تم نقل القوات والأصول الجوية والأسلحة عبر الموانئ والقواعد "لإثبات كيفية استخدام المواقع لنشر القوات العسكرية مع أقل احتمال للتعرض للصواريخ الباليستية الإيرانية".
ولفت إلى أن القواعد الجديدة التي أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية "لا تُستخدم في تعزيز الحرب مع إيران"، مشيراً إلى أن الجيش الأمريكي يستخدم مجموعة من الموانئ والقواعد الجوية في الصحراء الغربية السعودية، ويطور خيارات عديدة لاستخدامها في حالة حدوث صراع مع إيران.
ولم يُعلن سابقاً عن استخدام تلك القواعد، بينما يبحث كبار القادة العسكريين عن بدائل لنقل القوات والعتاد بأمان عبر المنطقة لتقليل تعرضهم للصواريخ الباليستية الإيرانية.
عودة القوات الأمريكية
بدأت عودة القوات الأمريكية إلى السعودية رسمياً في يونيو 2019، بعدما أعلنت وزارة الدفاع (البنتاغون) أنه يجري نشر قوات في المملكة للدفاع عن مصالح واشنطن في مواجهة "تهديدات ناشئة جدية".
كان الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز قد وافق على "استضافة قوات أمريكية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة"، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
وجاء الإعلان السعودي، في إطار تحرك مشترك يستهدف تعزيز الأمن الإقليمي بعد تصاعد التوترات في المنطقة، وفقاً لتصريحات صادرة يومها عن وزارة الدفاع السعودية.
ولم تتواجد قوات أمريكية في السعودية بشكل رسمي منذ عام 2003 الذي انسحبت فيه هذه القوات بعد غزو العراق، حيث كان الوجود الأمريكي في المملكة قد بدأ مع عملية عاصفة الصحراء في 1991 عام غزو العراق الكويت.
تعهد أمريكي
يتحدث الباحث في الشأن الإيراني والمنطقة، إسلام المنسي، عن أن القوات الأمريكية كانت موجودة في المنطقة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، لكن ذلك لم يوقف "هجمات على المنشآت النفطية السعودية، كما حدث في سبتمبر 2019، ولم تحرك تلك القوات ساكناً".
ويعتقد أنه منذ بدء عهد الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، "كان هناك محاولة منه لإرسال رسالة لحلفاء واشنطن في العالم، مفادها بأن الولايات المتحدة ستقف بجانب حلفائها بكل مكان في الخليج وغيرها من المناطق".
وأوضح، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن من بين تلك الرسائل "التعهد بأن الرياض لن تكون وحدها في مواجهة الخطر الإيراني، وأنه لو وقعت أي هجمات فسيكون هناك تحرك إيجابي للدفاع عنها".
ويؤكد أن هذا التحرك الأمريكي "لا يبدو أنه أحادي، بل هناك تنسيق أكبر مع الحلفاء الأوروبيين في مسائل عديدة، وفي مقدمتها تقديم الحماية العسكرية للحلفاء".
وأضاف: "لذلك أعتقد أنه من خلال المواقف الرسمية المعلنة خلال الأيام الماضية، بعد الهجوم الذي استهدف العاصمة السعودية الرياض وتم صده، هناك حالة من التضامن الغربي مع المملكة، وحالة من إعلان التزام الدفاع عنها في حالة وجود أي هجمات من إيران أو المليشيات التابعة لها".
هجوم الرياض
وبدا لافتاً أن واشنطن رغم تغير إداراتها، فإنها عازمة على الوقوف مع حلفائها من خلال إعلانها، في تصريح للخارجية الأمريكية في الـ24 من يناير 2021، إدانتها للهجوم الذي تعرضت له العاصمة السعودية، في 23 يناير.
وفي بيان للخارجية على موقعها الإلكتروني، تعهدت بأنها ستساعد حليفتها الرياض في التصدي للهجمات على أراضيها، ومحاسبة من يحاول تقويض استقرارها.
وأضافت: إن "الولايات المتحدة تدين بشدة الهجوم الأخير على الرياض، ونقوم بدورنا بجمع مزيد من المعلومات فيما يبدو أنها محاولة لاستهداف المدنيين".
وكان التحالف العربي الذي تقوده السعودية أعلن، في 23 يناير، "اعتراض وتدمير هدف جوي معادٍ كان متوجهاً إلى الرياض".
قوية واستراتيجية
يعتبر المحلل السياسي محمد الريمي أن التصريح الأخير لواشنطن، والزيارة التي قام بها الجنرال فرانك ماكنزي، هي "محاولة لإظهار أن العلاقة بين الرياض وواشنطن ما تزال علاقة قوية واستراتيجية رغم التصريحات السابقة لبايدن قبيل انتخابه".
وأضاف لـ"الخليج أونلاين": "السعودية الآن هي أكثر منطقة في الخليج تأثرت من حرب اليمن، إزاء الهجمات والتهديدات المتواصلة من قبل مليشيا الحوثيين للمملكة، ووجود قوات أمريكية وتوسعها قد يقلل الاستهدافات؛ خشية رد قوي من واشنطن، خصوصاً بعد تصنيفهم كمليشيا إرهابية".
وتابع: "مع عودة القوات في العام 2019، كان الجميع يعتقد أنها مجرد عامل رمزي لا أكثر بوجود نحو 500 جندي، لكن ما تم كشفه مؤخراً من استخدام قواعد وموانئ، يؤكد أن واشنطن تريد أن توسع حضورها في السعودية، خصوصاً مع زيادة التوتر مع طهران مؤخراً".