علاقات » اميركي

معهد أمريكي: سياسات الإمارات أصبحت تهديدا لمصالح واشنطن في الشرق الأوسط

في 2021/01/29

آمد خان- ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة الخليج الجديد-

في واشنطن، غالبًا ما يُشار إلى ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" كقائد نموذجي في منطقة معقدة ومضطربة، حيث تنفق بلاده ببذخ في جميع أنحاء أروقة السلطة في الولايات المتحدة لتصوير نفسها على أنها ركيزة للاستقرار والتقدم، لكن تصرفات الإمارات خلال السنوات الأربع الماضية تكشف عن واقع مختلف أكثر إثارة للقلق.

بدعم من الرئيس السابق "دونالد ترامب" ووزير الخارجية السابق "مايك بومبيو"، أظهر السلوك الضار لـ"محمد بن زايد" حقيقية السياسة الخارجية لدولة الإمارات، والتي تقوض المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وعد الرئيس "بايدن" بمراجعة علاقة الولايات المتحدة بالأنظمة الاستبدادية مثل الإمارات، وسيتعين عليه الصمود في وجه هجوم الإمارات وإسرائيل وجماعات الضغط  لكن مجرد عكس خطوات "ترامب" الفظيعة لن يكون كافياً، يجب على الإدارة الجديدة أن تضع حداً للدعم الدبلوماسي ومبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات.

في ليبيا، تصرفت الإمارات بشكل مخالف للسياسة الأمريكية وخرقت بإصرار حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة من خلال تمويل وتسليح أمير الحرب المنشق "خليفة حفتر" في حملته ضد الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا في طرابلس.

ولم تدعم الإمارات قوات "حفتر" خلال هجومه على طرابلس فحسب، بل قامت أيضًا بتمويل مرتزقة من مجموعة "فاجنر" المدعومة من الكرملين في ليبيا.

كما أنشأت الإمارات قاعدة عسكرية خاصة بها في البلاد، ونشرت طائرات بدون طيار لشن غارات جوية غير قانونية أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين.

ويستمر الصراع الليبي في جزء كبير منه بسبب تدخل أطراف أجنبية مثل الإمارات وروسيا، ويعيش البلد في حالة فوضى حيث قتل ونزح آلاف الليبيين.

كان دور الإمارات في اليمن أكثر قتامة، فبالرغم من إعلانها سحب قواتها، تظل الإمارات طرفًا في الحرب المستعصية التي تتسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ما يترك ملايين اليمنيين على شفا المجاعة، وقد فرضت الإمارات، بالتنسيق مع السعودية، حصارًا على اليمن في محاولة لمحاربة قوات الحوثيين.

وفي إطار مساعيها المضللة، نفذت الإمارات هجمات متعمدة وعشوائية على المدنيين، وكذلك المستشفيات والمدارس والجامعات والمناطق السكنية، وحولتها إلى أنقاض.

كما أدارت مراكز اعتقال سرية يوجد حولها تقارير موثقة عن تعذيب وقتل المحتجزين، ودعمت المرتزقة المتهمين بنقل أسلحة وعتاد أمريكي إلى الميليشيات المرتبطة بالقاعدة في اليمن.

علاوة على ذلك، تورطت شخصيات مقربة من "بن زايد" في حملة لاغتيال قادة سياسيين يمنيين، ومن المفارقات أنه في الوقت الذي تزعم فيه الإمارات أن الغرض من حربها كان إعادة الرئيس "هادي" إلى السلطة، فإنها تدعم الآن الانفصاليين الجنوبيين في حربهم ضد "هادي" في الجزء الوحيد من البلاد الذي يتمتع فيه بالسلطة.

وحتى في أماكن أبعد، فإن تواطأت الإمارات مع الصين في الاعتقال الجماعي وقمع مسلمي الإيجور، وهو الأمر الذي يقوض أيضًا مصالح الولايات المتحدة ومكانتها على نطاق واسع.

وقد قامت السلطات الإماراتية بترحيل الإيجور إلى الصين حيث واجهوا عواقب وخيمة عند عودتهم، وبينما أدانت إدارة "ترامب" هذه الممارسات الصينية كان عليها أن تحث شركاءها المسلمين، مثل الإمارات، على فعل الشيء نفسه.

وتسارعت ممارسات الإمارات المزعزعة للاستقرار طوال فترة رئاسة "ترامب"، والتي سمحت لـ"بن زايد" وحليفه المقرب، ولي عهد السعودية، "محمد بن سلمان" بصياغة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وقد أحاط "ترامب" و"بن زايد" نفسيهما بشخصيات سيئة السمعة عملت على صناعة السياسات بشكل متمركز حول المصالح والأهواء الشخصية.

ساهم "محمد بن زايد" في تلميع "محمد بن سلمان"، الذي كان آنذاك وليا لولي العهد، وعمل على ضمان دعمه من صانعي السياسات في الولايات المتحدة، وبعد فترة وجيزة، اعتقل "بن سلمان" المئات من الناشطين ورجال الأعمال ودبر عملية اغتيال الصحفي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية بإسطنبول، ولاحقا، قام باعتقال ولي العهد السابق "محمد بن نايف" والذي تربطه علاقات عميقة بالمخابرات الأمريكية.

وفي هذا السياق، فإن طاقم الشخصيات الأمريكية الفاسدة المتحالفة مع "بن زايد" ليس أقل دناءة، ومن بين هؤلاء "جورج نادر" الذي أدين بممارسة الجنس مع الأطفال، والذي عمل كقناة خلفية مع مؤسس شركة "بلاك ووتر"، "إريك برينس"، بين إدارة "ترامب" قبل توليها السلطة، و"فلاديمير بوتين" و"بن زايد".

ومن بين هذه الشخصيات الفاسدة نائب رئيس الشؤون المالية في اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري" إليوت برويدي"، الذي تورط في عدد لا يحصى من الفضائح، وقد أصدر "ترامب" عفوا عن "برويدي" في آخر يوم له في منصبه.

وبدلاً من الضغط على "بن زايد"، دعم "ترامب" باستمرار أسوأ سياسات الإمارات، وفي يومه الأخير في منصبه، قدم "ترامب" هدية وداع للإمارات، من خلال صفقة بيع 50 طائرة مقاتلة من طراز "إف-35" ورفع التعريفات الجمركية على واردات الألمنيوم من الإمارات.

هناك الآن فرصة للتغيير، فقد قال "بايدن" في فعالية في حملته في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي: "سنوقف احتضان الطغاة والبلطجية، وهو ما فعله هذا الرئيس، وسنحتضن حلفاءنا مرة أخرى".

يجب أن نرى أثر هذا الخطاب على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. 

ولدى الولايات المتحدة مصلحة كبيرة في الوصول إلى شرق أوسط سلمي وآمن، ووضع حد للدعم الأمريكي للحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان، والحفاظ على ممرات شحن مفتوحة في مضيق هرمز، والحماية من هجوم آخر من نوع 11 سبتمبر/أيلول، وتجنب حرب كارثية أخرى.

يجب أن يتحرك "بايدن" لإنهاء مبيعات الأسلحة التي تعتبر الوقود الرئيسي لتدخلات الإمارات الكارثية، وإنهاء الدعم الدبلوماسي للسياسات المتهورة لـ"بن زايد".

ويجب أن تتعلم إدارة "بايدن" من أخطاء السنوات العشرين الماضية أن المقايضة الخاطئة بين الأمن وحقوق الإنسان هي تسوية مدمرة للذات تجعل الولايات المتحدة أقل أمانًا وتؤدي إلى حدوث كوارث إنسانية في الشرق الأوسط.