علاقات » اميركي

ماذا يعني وقف الدعم العسكري الأمريكي للعمليات الهجومية في اليمن؟

في 2021/02/06

أنيل شلين - ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة الخليج الجديد

أعلنت إدارة الرئيس "جو بايدن"، الخميس، أنها ستنهي الدعم الأمريكي للأعمال العسكرية الهجومية للسعودية في اليمن.

كما عين "بايدن" مبعوثا خاصا لليمن هو "تيموثي ليندركينج" الذي عمل سابقا نائبا لمساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط.

ويمثل الإعلان استجابة جزئية لسنوات من الجهود التي بذلها ناشطون وأعضاء من الحزبين في الكونجرس.

ومع ذلك، لم يتضح بعد ما الذي ستترتب عليه السياسة الجديدة.

ولا تعتبر الولايات المتحدة متواطئة فقط في دعم الضربات الجوية السعودية، ولكن أيضًا في فرض الحصار الذي عرّض ملايين اليمنيين لخطر المجاعة.

ولكن المشكلة الآن من الذي سيحدد ما إذا كان العمل هجوميا، الولايات المتحدة أم السعودية؟ وكيف سيتم تعريف ذلك؟ يجادل السعوديون، على سبيل المثال، بأن جهودهم الحربية كلها دفاعية.

قد يرى فريق "بايدن" أن سحب الدعم الأمريكي للعمل العسكري الهجومي يفي بالتزامه المعلن.

ومع ذلك، فإن هذه الخطوة غير كافية لمعالجة تواطؤ ومسؤولية الولايات المتحدة في الكارثة التي يعيشها اليمن.

يجب على "بايدن" الإصرار على انسحاب السعودية والإمارات بالكامل من اليمن وإنهاء دعمهما للفصائل المتحاربة.

ونظراً لتوفر الموارد الخارجية الداعمة للأطراف المتناحرة في اليمن، فلن تنتهي الحرب في أي وقت قريب، وطالما ظلت الولايات المتحدة هي القوة العسكرية البارزة والمورد الرئيسي للأسلحة في المنطقة، فإن أمريكا ستبقى مسؤولة عن تدمير اليمن.

يدرك اليمنيون ذلك، حتى لو لم يكن الكثير من الأمريكيين لا يدركون ذلك، يُعرف الصراع الحالي بالحرب السعودية الأمريكية في اليمن.

ويشار إلى حصار الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون بالحصار الأمريكي، وفي هذا السياق تم ترويج حملة إلكترونية باللغة العربية ابتداءً من منتصف ديسمبر/كانون الأول 2020 تحت هاشتاج "نعم لنهاية الحصار الأمريكي لليمن".

تنتهي الحروب الأهلية عادةً عندما تنفد موارد الأطراف المتحاربة أو عندما يهزم أحد الطرفين الآخر بشكل حاسم، ومن غير المحتمل أن تحدث أي من هذه النتائج في اليمن دون اتخاذ إجراء حاسم من الولايات المتحدة.

قطع التمويل الأجنبي

يدعم السعوديون حكومة الرئيس "عبدربه منصور منصور هادي" المعترف بها دوليًا ولكنها ضعيفة ومنفية، وبالرغم من أن الإمارات انضمت في عام 2015 إلى التحالف الذي تقوده السعودية لدعم حكومة "هادي" أيضًا، لكنها تحركت في النهاية لدعم "المجلس الانتقالي الجنوبي".

ويعد "المجلس الانتقالي الجنوبي" تحالفا مكونا من القوى الانفصالية التي تضغط من أجل استقلال جنوب اليمن، الذي كان دولة ذات سيادة قبل توحيد اليمن في عام 1990.

وبينما تريد حكومة "هادي" إعادة السيطرة على اليمن كله، فإن هذا الهدف لا يتوافق مع هدف "المجلس الانتقالي الجنوبي"، ما يعني أن السعوديين والإماراتيين يدعمون الآن أطرافًا متعارضة، بالرغم من تعهدهم بالعمل معًا بموجب اتفاقية الرياض لعام 2019.

يدعم الإيرانيون ميليشيا "الحوثيين" التي تتمركز في شمال اليمن والذين كانوا موجودين ويعلنون عداءهم للسعودية قبل الدعم الإيراني، بالرغم أن الميليشيا تطورت وأصبحت أكثر قوة بعد الشراكة المتزايدة مع إيران.

بالنسبة لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" فإن صواريخ الحوثيين تهدد سلامة بلاده، وبالرغم أن التهديد اقتصر في البداية على المناطق القريبة من الحدود، فقد أطلق الحوثيون صواريخ في عمق السعودية، بل هددوا العاصمة الرياض، على بعد أكثر من 600 ميل من الحدود مع اليمن.

يمكن أن تحاول السعودية تحييد الحوثيين من خلال الاستثمار في التنمية من أجل تقويض رواية الحوثيين عن مظالم الهوية وبالتالي تحد من قدرة الحوثيين على حشد الدعم من الفقراء.

في عام 2018، قُدرت تكلفة الحرب بـ100 مليار دولار، وقد تضاعف الرقم الآن؛ بينما سيكلف الاستثمار في شمال اليمن أقل من ذلك الرقم بكثير.

ومع ذلك، سيتعين على السعودية مقاومة اندفاعها المعتاد لاستخدام الدعم كوسيلة لنشر "الوهابية"، كانت مقاومة الجهود السعودية لنشر "الوهابية" واحدة من أولى دوافع الحوثيين، حيث إن العديد من أعضاء الحركة هم من الشيعة الزيديين.

سيتطلب الانتقال من الغارات الجوية إلى المساعدات أن يعترف "بن سلمان" بالهزيمة، وهو إذلال يبدو أن الأمير الشاب غير مستعد لتحمله، وقد يخشى "بن سلمان" أن يؤدي إنهاء الحرب على اليمن إلى جعله يبدو ضعيفًا.

وبالرغم من التقارير المتكررة التي تفيد بأن السعوديين حريصون على إنهاء حربهم الفاشلة، خاصة بعد وقف إطلاق النار من جانب واحد في أبريل/نيسان 2020، فإن تكلفة الحملة العسكرية لم تصبح بعد باهظة.

اتبع ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" استراتيجية ذكية في اليمن، فبعد أن الوجود العسكري في اليمن أصبح عبئا على الصورة العامة لدولة الإمارات، سحب "بن زايد" معظم قوات بلاده في أواخر عام 2019.

ومع ذلك، تواصل الإمارات احتلال ميناء بلحاف في محافظة شبوة الجنوبية، ما يمنع إعادة افتتاح مشروع الغاز الطبيعي المسال الوحيد في اليمن، كما تحتفظ الإمارات بالسيطرة على مطار الريان في حضرموت، حيث تستخدمه كسجن ومجمع للتعذيب.

في غضون ذلك، تواصل الإمارات دعم "المجلس الانتقالي الجنوبي" حيث يعتبر مشروع استقلال الجنوب الموالي للإماراتيين مناسبا لأجندة "بن زايد"، وقد سعت الإمارات بشكل كبير لتوسيع تواجدها العسكري الإقليمي، حيث أقامت قواعد في إريتريا وليبيا، وكذلك في جزيرة سقطرى اليمنية، في محاولة لتجاوز أراضيها المحدودة في الخليج العربي.

يحتاج "بايدن" إلى جعل "بن سلمان" و"بن زايد" يفهمان أن عليهما الاختيار بين البقاء متورطين في الحرب في اليمن، أو الحفاظ على علاقة عمل جيدة مع الولايات المتحدة، وأنه لا يمكنهما الحصول على الأمرين معا.

وفي الوقت نفسه، يساهم العداء الأمريكي والسعودي المستمر في تصميم إيران على توطيد علاقاتها مع خصومهما من خلال إقامة شراكات أوثق مع حركة الحوثي.

ومن غير المرجح أن يؤثر تصنيف إدارة "ترامب" للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية عليهم لأنهم معزولون بالفعل، وبالرغم من الاستثناءات المتعلقة بالمساعدات والغذاء، تُظهر الحالة الإيرانية والسورية أن الاستثناءات الإنسانية لا تفعل شيئًا يذكر لمنع العقوبات من زيادة إفقار السكان المحليين، بينما تفشل هذه العقوبات عمومًا في إجبار الحكام على تغيير سلوكهم.

يوضح مثال ليبيا كيف يمكن لتدفق الموارد الإضافية أن يغير التوازن في حرب أهلية وصلت إلى حالة انسداد، وبالرغم أن الجنرال "خليفة حفتر" كان يحظى بدعم الإمارات ومصر وفرنسا وروسيا، لكنه هُزم في نهاية المطاف بعد تصعيد تركيا دعمها لحكومة طرابلس.

تقدم سوريا درسًا مماثلاً، حيث سمحت وحشية نظام "الأسد"، بدعم إيراني وروسي، لحكومته بإعادة سيطرة النظام علي معظم الأراضي، وأصبح اليمن، مثل ليبيا وسوريا، ساحة يتصارع فيها جيرانه الأقوياء من أجل تحقيق رؤاهم للهيمنة الإقليمية.

إن حقيقة عدم نجاح أي قوة أجنبية بعد في إخضاع اليمن بالقوة ليس بسبب عدم المحاولة ولكن بسبب طبيعته الجبلية، ومثل أفغانستان، اشتهر اليمن بالفعل بأنه مقبرة للأحلام الإمبراطورية حيث فشلت السعودية في سحق الحوثيين عبر القوة النارية والتمويل الهائل، ويبدو أن تحقيق نصر عسكري حاسم لأي طرف بعيد الاحتمال.

كيف تنتهى الحرب؟

يعد إنهاء الدعم الأمريكي للضربات الجوية السعودية على اليمن خطوة أولى مهمة لإدارة "بايدن" ولكن لن يكون ذلك كافيا، إذا حاول "بايدن" الخروج من قضية اليمن ببساطة عن طريق إنهاء التدخل الأمريكي، فلن يوقف ذلك نزيف مئات الآلاف من اليمنيين الذين ماتوا بالفعل ويموتون.

وبدلاً من ذلك، يجب على "بايدن" مطالبة السعوديين والإماراتيين بالانسحاب الكامل من اليمن وإنهاء دعمهم للفصائل هناك، ويجب أن تنضم إدارة "بايدن" أيضًا إلى الاتفاق النووي دون فرض شروط إضافية، من أجل التحرك نحو علاقة وظيفية مع إيران في أسرع وقت ممكن، لم يعد هناك وقت نضيعه.