الخليج أونلاين-
بتهمة التآمر الأجنبي والضغط على السياسات الخارجية الأمريكية لحساب دولة الإمارات، أُلقي القبض على رئيس لجنة تنصيب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2017 توماس باراك، إلى جانب مجموعة من الأسماء الأخرى المتهمة في القضية.
تتهم السلطات القضائية الأمريكية الملياردير توماس باراك، أحد المقربين بشدة من ترامب، باستغلال نفوذه، وآخرين، قبل وخلال تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة بهدف خدمة مصالح الإمارات، دون الإعلان عن كونهم من جماعات الضغط، في وقتٍ تشير المعلومات إلى 4 شروط صارمة للإفراج عن باراك، وسط مخاوف من مغادرته البلاد بشكل غير نظامي.
وخلال السنوات الماضية، ظهرت الإمارات للعالم بأنها حليف الولايات المتحدة الذي لا غنى عنه في الشرق الأوسط، وشريك في الحرب على الإرهاب، فيما تمكن نفوذها في واشنطن من منع استهدافها في مجال حقوق الإنسان، ما يطرح تساؤلات حول تداعيات الاعتقالات التي حدثت مؤخراً.
اعتقالات واتهامات للإمارات
في 22 يوليو 2021، اعتقلت السلطات الأمريكية مواطنَين أمريكيَّين، أحدهما الملياردير توماس باراك مستشار ترامب؛ وذلك على خلفية اتهامهما بالعمل لحساب حكومة الإمارات، في قضيةٍ متورط فيها أيضاً مواطن إماراتي على خلفية التهمة نفسها.
وأعدت وزارة العدل الأمريكية لائحة اتهامات ضد باراك (74 عاماً)، وماثيو غرايمز (27 عاماً)، وراشد سلطان الشحي، المعروف براشد المالك (43 عاماً)، وهو مواطن إماراتي، حيث يواجه الثلاثة اتهامات بـ"العمل والتآمر للعمل كعملاء للإمارات العربية المتحدة، ما بين أبريل 2016 وأبريل 2018".
ونقل بيان لوزارة العدل عن مارك ليسكو، من قسم الأمن القومي بوزارة العدل، أن المتهمين الثلاثة عمِلوا، بتوجيه من مسؤولين إماراتيين، للتأثير على الانتخابات الرئاسية عام 2016.
واستفاد المتهمون مراراً من علاقة باراك بترامب، كما استفادوا من مسؤولين رفيعي المستوى في الحملة الانتخابية والحكومة، ووسائل الإعلام الأمريكية، لتعزيز أهداف سياسة حكومة أجنبية دون الكشف عن ولاءاتهم الحقيقية، بحسب ليسكو.
ويواجه باراك تهمة "عرقلة العدالة والإدلاء ببيانات كاذبة متعددة خلال مقابلة أجريت في 20 يونيو 2019، مع وكلاء إنفاذ القانون الفيدرالي"، فيما قالت المدعية العامة عن المنطقة الشرقية من نيويورك، جاكلين كاسوليس، في البيان: إن "المتهمين انخرطوا في مؤامرة لتعزيز مصالح دولة الإمارات بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة".
وأوضح المسؤول في مكتب نيويورك الميداني التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ويليام جونيور، أن القضية تتعلق بـ"محاولات سرية للتأثير على كبار المسؤولين في الولايات المتحدة".
الإفراج بكفالة
وفقاً لوسائل إعلام أمريكية، توصل محامو توم باراك إلى اتفاق مع فريق الادعاء يقضي بالإفراج عنه إلى حين بدء إجراءات محاكمته بتهمة العمل بشكل غير شرعي لمصلحة الإمارات.
ويفرض الاتفاق شروطاً عدة على باراك، منها أن يسلم جواز سفره، وأن يلزم مكان إقامته ويرتدي سواراً للمراقبة عبر الـ"جي بي إس" (GPS).
كما ينص الاتفاق على حجز المحكمة سندات بقيمة 250 مليون دولار عائدة لباراك، بالإضافة إلى 5 ملايين دولار نقداً، على أن تُصادر في حال امتناعه عن المثول أمام المحكمة.
وكان ممثلون عن فريق الادعاء رفضوا الإفراج عن باراك خشية أن يغادر البلاد بشكل غير نظامي، بالنظر لثروته الضخمة، ووجود طائرات خاصة تحت تصرفه، وتاريخه في السفر الدولي.
لا تأثير كبير
يرى الباحث السياسي سيف المثنى أن "اللوبي الإماراتي في واشنطن يعتبر من أقوى اللوبيات بعد اللوبي الإسرائيلي والإيراني"، مشيراً إلى أن باراك "لعب كحلقة الوصل بين ترامب وحكام الإمارات والسعودية".
ولفت إلى أن المستشار السابق لترامب ربطته علاقات صداقة قديمة وقوية مع سفير دولة الإمارات العربية لدى واشنطن يوسف العتيبة.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أكد أن الإمارات "استعانت بجماعات ضغط داخل واشنطن وضخت ملايين الدولارات، للدفع بالسياسات الخارجية الأمريكية لدعمها، سواء إعلامياً أو سياسياً".
ويضيف: "تمكن نفوذ الإمارات في واشنطن من منع استهدافها في مجال حقوق الإنسان، حيث شكل مسؤولون إماراتيون جزءاً من الدائرة المقربة من الرئيس الأمريكي السابق، وكان يطلق على السفير الإماراتي يوسف العتبية لقب (أقوى سفير في واشنطن)، وكانت تجمعه علاقات وثيقة مع صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر".
وفيما يتعلق بتأثير ذلك في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يرى أنها "تشبه التدخلات الروسية في الانتخابات، والتي كانت إلى حدٍّ ما أشد خطراً من التدخلات الإماراتية".
ولذلك يعتقد المثنى أنه "من غير المحتمل، في حالة محاكمة باراك، لو ذهبت بعيداً، أن تجيب عن الأسئلة المهمة حول المال الإماراتي وأثره في سياسة ترامب، ولكنها قد تجيب عن بعض الأسئلة كما حدث بالتدخلات الروسية".
ويلفت أيضاً إلى بعض أعضاء الكونغرس الذين قال إنهم "يعملون مع وكلاء أجانب لصالح أبوظبي من أجل الدعم العسكري الأمريكي للإمارات، بالإضافة إلى أن خبراء في شؤون الشرق الأوسط وبعضهم في مراكز الفكر التي تمولها الإمارات يرددون صدى العبارات التي تخدم اللوبي الإماراتي".
ويرى أن ما حدث مؤخراً، ومجيء جو بايدن أيضاً، لن يؤثر كثيراً في الإمارات، موضحاً: "حتى وإن أصبحت سياسة بايدن أكثر صرامة مع الإمارات، فستظل هذه الدولة بمدنها الحداثية مبهرة للغرب، كما أن علاقاتها المتشعبة مع اللوبيات في واشنطن، لا سيما اليمينية، والأهم تحالفها المتصاعد مع "إسرائيل"، سبب رئيسي في تخفيف الضغط عنها".
الإمارات والسياسات الأمريكية
كانت دولة الإمارات قد استعانت بجماعات ضغط داخل واشنطن وضخت ملايين الدولارات، للدفع بالسياسات الخارجية الأمريكية لدعمها، سواء إعلامياً أو سياسياً، وفقاً لـ"بي بي سي".
علاوة على ذلك كان العتيبة ينشر مقالات في كبريات الصحف والمجلات الأمريكية المرموقة مثل "وول ستريت جورنال" و"فورين بولسي" تعكس موقف بلاده من مختلف القضايا وللدفاع عن سياساتها.
وتُعتبر أبوظبي من أهم المشاركين في الاقتصاد الأمريكي، وتشير تقارير إلى أن قيمة المحفظة التي تمتلكها أبوظبي في الولايات المتحدة تتراوح بين 250 و500 مليار دولار.
ووفقاً للبيانات التكميلية لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب الصادر في 2018، فإنه أبلغ عما يزيد على 3168 ناشطاً سياسياً يعمل لحساب الإمارات قادراً على التأثير في وكالة أو مسؤول في الحكومة الأمريكية أو أي قطاع من الجمهور، في ما يتعلق بالسياسات الداخلية أو الخارجية لواشنطن عبر شركات تعمل لحساب الإمارات.