علاقات » اميركي

لماذا يحمّل بايدن السعودية مسؤولية ارتفاع أسعار النفط؟

في 2021/11/04

طه العاني - الخليج أونلاين-

تواصل الإدارة الأمريكية كيل اتهاماتها للسعودية ومحاولة إلقاء المسؤولية على عاتق المملكة بشأن ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية.

وألمح الرئيس الأمريكي بايدن خلال كلمته في قمة غلاسكو للمناخ، إلى اتخاذ "إجراءات محتملة لن يتحدث عنها قبل تطبيقها" في حال لم تعمل روسيا والسعودية على خفض أسعار النفط، واعتبرهما على رأس الدول التي تنتهج سياسة إنتاج غير صائبة في أسواق النفط.

اتهام السعودية

وتأتي تصريحات بايدن هذه بعد أيام من ربط الرئيس الأمريكي، في جلسة حوارية لشبكة CNN، ارتفاع أسعار الوقود في الولايات المتحدة مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً إلى مستويات قياسية بالسعودية وقلة العرض من دول أوبك.

وقال بايدن، في جلسة حوارية لشبكة CNN، مساء الخميس 21 أكتوبر، رداً على سؤال عن ارتفاع أسعار الوقود، إنها "مرتبطة بمبادرة سياسة خارجية تتعلق بشيء يتجاوز تكلفة الوقود... وهذا بسبب حجب العرض من قبل أوبك".

وأضاف: "هناك الكثير من المفاوضات، وهناك الكثير من الأشخاص في الشرق الأوسط الذين يريدون التحدث معي، لست متأكداً من أنني سأتحدث معهم. لكن النقطة المهمة هي أن الأمر يتعلق بإنتاج الوقود. ومع ذلك، هناك أشياء يمكننا القيام بها في هذه الأثناء".

وأكد الرئيس الأمريكي أن خفض أسعار الوقود "سيكون أمراً صعباً"، مرجحاً "احتمال مقدرتهم على خفضه، بالاعتماد قليلاً على السعودية وبعض الأشياء الأخرى في المستقبل القريب".

وأشار تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن تصريحات الرئيس بايدن الأخيرة غامضة ومشفرة، ألقى فيها مسؤولية ارتفاع الوقود في محطات البنزين على العلاقات المتوترة مع السعودية. 

وبحسب الصحيفة فإن بايدن يحاول التلميح بأن ارتفاع أسعار النفط بمنزلة رد انتقامي لقراره بعدم التحدث أو الاعتراف بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كنظير له.

 من جانبه رفض البيت الأبيض تقديم المزيد من المعلومات حول تعليقات بايدن، ولم يجب عن أسئلة الصحيفة بشأن الطريقة التي وصلت المقايضة الظاهرة التي ألمح إليها بايدن إلى الإدارة.

ولكن الخبراء في واشنطن قالوا إن تعليقات بايدن تشير- وبدون شك- إلى مطالب السعودية باهتمام شخصي أوسع رغم اللقاءات التي أجريت وعلى مستويات عليا بين المسؤولين الأمريكيين والسعوديين، منها لقاء تم في الرياض بين مستشار الأمن القومي جيك سوليفان وولي العهد محمد بن سلمان، بحسب الغارديان.

الرد السعودي

ولم يتأخر رد المملكة على تصريحات بايدن، حيث جاء على لسان وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي نفى تلك الاتهامات خلال مقابلة مع وكالة بلومبيرغ الأمريكية، وقال: "لن أتطرق لذلك لأنه يتجاوز مسؤولياتي، أنا مختص تقني وأتعامل مع الأمور التقنية، أسعار الوقود مرتفعة لأنها تخلط بالإيثانول الذي ارتفع سعره 10 أضعاف".

وأضاف: "ارتفعت أسعار الوقود بسبب قلة المخزون في الولايات المتحدة، لأن هناك ما بين 2 إلى 2.5 مليون برميل من القدرة الإنتاجية لا تزال معطلة بسبب الإعصار، واستيراد النفط الخام لن يساعد بذلك، ما سيساعد هو جعل الوقود أكثر وفرة".

من جانبه قال الأمير السعودي سطام بن خالد آل سعود، في تغريدة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": إن "رد وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان على تساؤل الصحفي يعكس المهنية والشمولية في الحديث وتحديد النقاط الحقيقية والأساسية لأسباب ارتفاع النفط بعيداً عن تصدير الأزمات أو الخطابات الشعبوية والتهرب من المسؤولية".

تصادم أوبك

ورجح تقرير نشرته بلومبيرغ الشرق، أن يتجه تحالف "أوبك +" إلى صدام مع الولايات المتحدة، بعدما رفض المزيد من الأعضاء دعوة الرئيس بايدن للمجموعة بشأن زيادة إنتاج النفط بشكل أسرع والمساعدة في خفض أسعار البنزين.

واجتمعت منظمة أوبك وحلفاؤها، بقيادة السعودية وروسيا، الخميس الماضي، وسط تصاعد الضغوط من المستهلكين نتيجة لصعود الأسعار عند 85 دولاراً للبرميل تقريباً، وسجل البنزين الأمريكي أعلى مستوى له في سبع سنوات عند 3.70 دولارات للغالون.

ويشير التقرير إلى أن أمريكا والهند واليابان ومستوردين آخرين عمدوا إلى شن حملة لإجبار المجموعة على تخفيف قيود الإمدادات الناتجة عن الوباء العام الماضي بسرعة أكبر.

ويلفت إلى أنه في الوقت الذي رفض فيه بايدن الإفصاح عن رد فعله في حال لم تُغيّر "أوبك +" خطتها، توقَّع المحللون أن تقوم الولايات المتحدة ببيع بعض احتياطيها النفطي الاستراتيجي.

ويأتي الخلاف في الوقت الذي يعقد فيه زعماء العالم محادثات قمة المناخ "كوب 26" بمدينة غلاسكو، وقالت الولايات المتحدة إنها ستضغط من أجل تحقيق المزيد من الإجراءات لمكافحة تغيّر المناخ، في الوقت الذي ستحاول فيه ضمان عدم خروج التعافي الاقتصادي العالمي عن مساره بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.

هزات في أسعار النفط

ويرى الخبير في العلاقات الاقتصادية الدولية، الدكتور همام الشماع، أن بايدن لا يحمّل السعودية مسؤولية ارتفاع أسعار النفط، لكنه يشير بطرف خفي إلى أن المملكة وروسيا عليهما زيادة إنتاجهما إلى مستويات تحول دون ارتفاع أسعار النفط، خصوصاً أن الولايات المتحدة والرئيس الأمريكي يدركون بأن أسعار النفط سوف ترتفع بالقريب العاجل إلى مستويات غير مسبوقة تاريخياً، بسبب السيولة العالية التي تم ضخها في الأسواق لإنعاش الاقتصاد إثر جائحة كورونا.

ويشير، في حديثه مع "الخليج أونلاين"، إلى أن هذه السيولة لن يستطيع الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأوروبية امتصاصها بالسرعة المطلوبة قبل أن يتعافى الاقتصاد، وسوف يتجه جزء كبير منها للمضاربة في أسواق المال، ومنها سوق النفط، وسوق السلع ستكون محل مضاربة كبيرة، ومن ثم أسعار النفط سوف تتعرض لهزات كبيرة.

ويضيف أن الرئيس الأمريكي يستبق الأمور بالإشارة إلى أن روسيا والسعودية عليهما زيادة الإنتاج وإلغاء اتفاق "أوبك بلس" لكي تعود الأسواق إلى الاستقرار عند مستويات مقبولة أمريكياً.

وحول الإجراءات التي يهدد بها بايدن السعودية، يرى الشماع أنها ليست تهديدات بقدر ما أنه يشير إلى أن الولايات المتحدة قد تدعم إنتاج النفط الصخري بشكل أو بآخر وتقدم له المعونات وتسمح بزيادة إنتاج الصخري، بحيث يغطي الإنتاج الزيادة في الطلب.

ويتابع الخبير في العلاقات الاقتصادية الدولية أن هذا تهديد لأن عودة إنتاج النفط الصخري ستعرض أسواق النفط في المدى المتوسط والبعيد إلى مشكلات، بعد أن يتم امتصاص السيولة الفائضة في الأسواق، ومن ثم فهو نوع من العصا التي يلوح بها في المستقبل.

ويؤكد الشماع أن أسعار النفط سوف ترتفع، ولكن هذه التصريحات ستكون بمنزلة اللجام الذي يكبح جماح الأسواق نحو ارتفاعات كبيرة جداً تهدد الاقتصاد أو نمو الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أنه قد يتوقف الارتفاع إلى مستوى 100 دولار.