طه العاني - الخليج أونلاين-
شهدت الأيام الأخيرة هجمات مستمرة للحوثيين باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة على دولة الإمارات والسعودية، حيث قالت وزارة الدفاع الإماراتية، اليوم الاثنين 24 يناير 2022، إنها اعترضت صاروخين باليستيين أطلقهما الحوثيون على العاصمة أبوظبي، فيما أكد التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن تدمير صاروخ باليستي أطلقته المليشيا اليمنية باتجاه مدينة ظهران الجنوب بالمملكة.
كما شن الحوثيون هجوماً، في 17 يناير 2022، على أبوظبي بصواريخ وطائرات مسيرة، وأسفر عن سقوط 3 قتلى، هذا ويجدد الحوثيون تهديداتهم بتنفيذ هجمات أخرى في الإمارات، داعين المدنيين إلى الابتعاد عن المنشآت الحيوية.
استهداف قاعدة إماراتية
وأعلن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، أنه تم استهداف قاعدة الظفرة الجوية التي تضم قوات عسكرية أمريكية، وأهداف أخرى حساسة في عاصمة الإمارات أبوظبي، بعدد من صواريخ "ذو الفقار".
وأضاف في بيان مصوّر نشر على حسابه في "تويتر" أن العملية التي أطلقوا عليها اسم "إعصار اليمن-2"، شملت أيضاً قصف مواقع حيوية في إمارة دبي بطائرات "صماد-3" المسيّرة.
وأضاف سريع أن هذه العمليات جاءت رداً على تصعيد ما وصفه بـ"العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي"، وأنها حققت أهدافها بدقة، مؤكداً جهوزية مسلحي الحوثيين لتوسيع عملياتها خلال الفترة القادمة، والرد على التصعيد بالتصعيد.
ودعا سريع الشركات الأجنبية العاملة في الإمارات إلى مغادرتها، قائلاً: إنها "أصبحت بلداً غير آمن"، وإنها أصبحت هدفاً مستمراً للهجمات الحوثية.
بدورها أكدت قيادة القوات الجوية الأمريكية بالشرق الأوسط أن قواتها قد احتمت في الملاجئ بقاعدة الظفرة، خلال هجوم الصواريخ الحوثية الذي استهدف القاعدة.
ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن قيادة القوات الجوية الأمريكية بقاعدة الظفرة قولها بأنها "تعاملت مع تهديدات هجوم أبوظبي"، لكنها لم توضح ما إذا كان اعتراض صواريخ الحوثيين تم من داخل قاعدة الظفرة، إلا أنها حذرت رعاياها في الإمارات.
توضيح إماراتي
وفي صباح يوم الاثنين، نشرت وزارة الدفاع الإماراتية عملية استهداف منصة إطلاق صواريخ باليستية في مدينة الجوف اليمنية، وذلك بعد إطلاقها صاروخين على العاصمة أبوظبي.
وقالت الوزارة: إن "قيادة العمليات المشتركة بالوزارة تعلن عن نجاح طائرة F16، الساعة 0410 بتوقيت اليمن، في تدمير منصة إطلاق الصواريخ الباليستية في مديرية الحزم بالجوف فور إطلاقها صاروخين بالستيين على أبوظبي".
ولفتت الدفاع الإماراتية، في بيان مقتضب على حسابها الرسمي في "تويتر"، إلى أنه "تم اعتراض الصاروخين بنجاح من قبل دفاعاتها الجوية".
وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، فإن الوزارة أكدت أنه لم ينجم عن الهجوم أي خسائر بشرية، مشيرة إلى أن بقايا صواريخ الحوثيين التي تم اعتراضها وتدميرها سقطت في مناطق متفرقة حول أبوظبي.
قاعدة الظفرة
تعد قاعدة "الظفرة" في الإمارات أحد أهم القواعد العسكرية في المنطقة، حيث تحتضن الفرقة الجوية الأمريكية 380، وسرب الاستطلاع 99، الذي يعد المسؤول عن توفير المعلومات الاستخبارية الحرجة لأعلى مستويات القيادة في العاصمة واشنطن، كما يقدر وجود بين 3500 و3800 جندي أمريكي في القاعدة.
وتعد الظفرة القاعدة العسكرية الوحيدة -خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية- التي تضم أنواعاً متطورة من الطائرات الحربية، حيث تتضمن القاعدة أكثر من 60 طائرة متنوعة، منها سرب من مقاتلات "إف-15 إس"، وطائرات "إف-22"، وطائرات استطلاع "لوكهيد يو-2"، وطائرات أواكس، وطائرات متنوعة مخصصة بتزويد الوقود للطائرات.
وفي نوفمبر 2020، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية وصول طائرات من طراز F16 تابعة للقوات الجوية إلى قاعدة الظفرة الإماراتية؛ بهدف "تحسين قدرة القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية لردع العدوان وتعزيز الأمن والاستقرار".
وتعد قاعدة الظفرة، التي تقع على بعد نحو 32 كيلومتراً جنوبي أبوظبي، المقر الرئيس للقوات الأمريكية في دول المنطقة، وشاركت في عمليات الإجلاء من أفغانستان بعد الأحداث الأخيرة.
وازدادت أهمية القاعدة تزامناً مع ارتفاع عمليات القوات الجوية الأمريكية ضد تنظيم "داعش"، خلال السنوات الأخيرة، بعدما كان دورها مقتصراً على إعادة تزويد المقاتلات الأمريكية بالوقود، لكنها أصبحت نقطة انطلاق المقاتلات الأمريكية إلى العراق وسوريا وحتى أفغانستان.
وتخصص الولايات المتحدة ثلث الطائرات في قاعدة الظفرة لعمليات التجسس والمراقبة في العراق وسوريا وأفغانستان، ومع دخول سلاح الجو الروسي إلى الحرب في سوريا، في سبتمبر 2015، كانت إحدى مهمات سرب الاستطلاع 99 الموجود في الظفرة منع الاشتباك ووقوع الحوادث بين الطائرات الأمريكية والروسية.
كما يشار إلى أنه رغم اعتبار قاعدة الظفرة مكان الولايات المتحدة الرئيس في الإمارات، فإن قوات الجيش الأمريكي توجد كذلك في ميناء "جبل علي" الذي تستخدمه البحرية الأمريكية، كما توجد قاعدة جوية ومستودعات متعددة لأغراض الدعم اللوجستي.
رسائل إيرانية
ويقول الخبير العسكري عبد الله غانم القحطاني إن الحوثيين يستهدفون جميع الدول الخليجية ومصالحها بأمر من إيران، وآخرها استهداف مطار أبوظبي ومنابع الطاقة في السعودية والإمارات، وقاعدة الظفرة العسكرية، لافتاً إلى أن "ذلك طبيعي؛ لأنهم جماعة إرهابية مأمورة، ويسعون للضغط لإيقاف عمليات التحالف ضد الإرهاب".
ويبين في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن قاعدة الظفرة تكمن أهميتها في أنها قاعدة عسكرية تستخدمها القوات المسلحة الإماراتية، وكذلك منظومة مجلس التعاون الخليجي، في تمارين عسكرية مشتركة، وأيضاً في تمارين أخرى مع دول العالم.
ويضيف القحطاني أن "إرهاب الحوثيين يستهدف المطارات المدنية قبل العسكرية، ويستهدف الإنسان المدني قبل العسكري، وأن الدلائل والمؤشرات والأحداث أثبتت ذلك"، مشيراً إلى الاستهداف المتكرر لمطار أبها المدني الذي توجد فيه شركات الطيران ويعج بالمسافرين.
ويرى الخبير العسكري أن لإيران رسائل من خلال الاستهدافات الأخيرة في الإمارات، والتي أمرت الحوثي بمهاجمتها وأعطته الإحداثيات والمعلومات الاستخبارية، لافتاً إلى أن "ذلك يدل على أن إيران ليس لديها صديق، وأنها تحاول عبثاً في هذه المرحلة إقناع الإمارات بتوقفها عن محاربة الإرهاب في اليمن والتصدي للحوثيين، وبأن تكون في جانب محايد مما تفعله طهران من إرهاب في المنطقة".
ويؤكد أن الإمارات "دولة تحارب الإرهاب، وهي حليف للسعودية في ذلك، وقد أثبتت الأحداث الحالية أن الإمارات تتعرض للإرهاب ذاته من إيران ومليشياتها في المنطقة، مثل الاعتداء على المنصات البترولية وعلى مطار أبوظبي، وعلى قاعدة الظفرة مؤخراً، إن صح الاستهداف".
وحول مستقبل الهجمات، يعتقد القحطاني أن الفترة المقبلة قد تشهد مزيداً من الهجمات الحوثية، وأن إيران قد تخطط لما هو أكبر؛ لأنها لن تتنازل عن اليمن، وتعتقد أنها ستفعل كل شيء من أجل إقناع السعودية والإمارات بأن توقف حربها ضد مليشيا الحوثي الإرهابية في صنعاء.