الخليج أونلاين-
بعد تكثيف جماعة الحوثيين اليمنية لهجماتها ضد الإمارات، منذ منتصف يناير الماضي، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إرسال ترسانة عسكرية ضخمة لأبوظبي لدعمها في مواجهة التهديد الحوثي الجديد.
وجاء دعم واشنطن العسكري للإمارات بعد تأكيد من وزارة الخارجية الأمريكية التزامها بالشراكة مع الدولة الخليجية والتعاون الأمني والدفاعي معها، في محاولة للحفاظ على حليف استراتيجي لها بالمنطقة وحمايتها من نيران الحوثيين المتصاعدة، والتي تهدد سمعة أبوظبي الأمنية، وهو ما قد يؤدي لانهيار اقتصادها.
ترسانة عسكرية متطورة
وفي 25 يناير الماضي، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، في مؤتمر صحفي: إن واشنطن "ملتزمة بالدفاع عن أمن شركائها السعوديين والإماراتيين".
وأضاف أن الولايات المتحدة تعمل مع السعوديين والإماراتيين لتزويدهم بما يحتاجون للدفاع عن أنفسهم، مشدداً على أن واشنطن "ستعمل كل ما في وسعها لوقف تدفق الأسلحة والأموال للحوثيين ومحاسبة قادة الجماعة".
وسبق ذلك مباحثات هاتفية أجراها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستين، حول التنسيق الدفاعي بين البلدين، حسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام".
نتائج هذه المباحثات ظهرت في 2 فبراير الجاري، عندما أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي، في بيان، أن الولايات المتحدة قررت إرسال مساعدات عسكرية إلى الإمارات لتوفير دعم إضافي ضد هجمات الحوثي.
وذكر أن واشنطن سترسل طائرات مقاتلة ومدمرة تحمل صواريخ موجهة مع استمرار التعاون الوثيق في مجال المعلومات الاستخبارية.
وأشار إلى نشر واشنطن طائرات مقاتلة من الجيل الخامس "لمساعدة الإمارات في مواجهة التهديد الحوثي".
كما أعلن قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال فرانك ماكينزي، في 8 فبراير الجاري، من أبوظبي، أن بلاده زودت الإمارات "بواحد من أفضل رادارات المراقبة في العالم".
وحسب موقع "ستريبس" الأمريكي الذي يهتم بالشؤون العسكرية، قال ماكينزي: "أعتقد أنه وقت مقلق للغاية بالنسبة لدولة الإمارات، إنهم يبحثون عن الدعم ونحن هنا لمساعدتهم بتقديم هذا الدعم".
وشدد ماكينزي على أن مقاتلات "إف-22" ستزود الإمارات "بواحد من أفضل رادارات المراقبة في العالم"، القادرة على تحديد الأهداف، ومنها صواريخ كروز الهجومية البرية، والطائرات المسيرة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة وشركاءها يعملون على تطوير تقنيات دفاعية من شأنها التصدي لهجمات الطائرات المسيرة قبل إطلاقها.
سلسلة هجمات نادرة
وجاء هذا الدعم بعد سلسلة هجمات شنتها جماعة الحوثيين من مناطق سيطرتها باليمن ضد أبوظبي ومدينة دبي، هي الأبرز خلال 8 سنوات من الحرب في اليمن.
بداية هذه الهجمات كانت في 17 يناير 2022، عندما أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، في تغريدة عبر "تويتر"، أن قوات الجماعة استهدفت مطاري دبي وأبوظبي ومصفاة النفط بمنطقة المصفح بالعاصمة.
كما وقع هجوم ثانٍ، في 24 يناير 2022، وقال سريع آنذاك في تغريدة له: إن "القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع للجماعة نفذ عملية عسكرية واسعة استهدفت العمقين السعودي والإماراتي".
وأضاف سريع أن "العملية استهدفت قاعدة الظفرة الجوية، وأهدافاً حساسة أخرى بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، بعدد كبير من الصواريخ الباليستية".
وتابع سريع: "تم استهداف مواقع حيوية ومهمة في إمارة دبي بعدد كبير من الطائرات المسيرة".
وفي اليوم قبل الأخير من يناير، جددت جماعة الحوثي الهجوم ضد الإمارات، فيما ظهر أنه استهداف ممنهج يهدف لتشويه سمعة الإمارات الأمنية.
وحسب قناة "المسيرة" التابعة للحوثي، قال المتحدث العسكري باسم الجماعة، في بيان: إن قواتهم "قصفت أهدافاً نوعية وهامة في أبوظبي بعدد من الصواريخ الباليستية، وأهدافاً حساسة في دبي بعدد من المسيرات من طراز صماد 3".
وأضاف سريع: إن "الإمارات ستظل غير آمنة طالما استمرت أدوات العدو الإسرائيلي في أبوظبي ودبي بشن العدوان على شعبنا وبلدنا".
وطلب من "المواطنين والمقيمين والشركات في الإمارات الابتعاد عن المقرات والمنشآت الحيوية؛ لكونها عرضة للاستهداف خلال الفترة المقبلة".
وكانت الإمارات قد أعلنت مقتل 3 أشخاص وإصابة 6 آخرين في الهجوم الأول، فيما قالت في بيانات أخرى إن دفاعاتها الأرضية تمكنت من التصدي لبقية الهجمات بشكل كامل، دون وقوع أي خسائر.
هل ستنجح الدفعات الأمريكية؟
ولم تعلن هجمات حوثية جديدة ضد الإمارات حتى 9 فبراير 2022، لكن السؤال المطروح هل تنجح الترسانة العسكرية الأمريكية المتطورة التي وصلت إلى الإمارات في التصدي لهذه الصواريخ أو منعها بشكل كامل إذا تكررت؟
الباحث الأمني محمد شكري يجيب عن ذلك قائلاً: "يبدو من حجم المساعدات العسكرية الأمريكية للإمارات أن الولايات المتحدة معنية بقوة بالتصدي ووقف أي هجمات حوثية جديدة ضد أراضي الدولة الخليجية".
وأضاف شكري في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "الإمارات وبقية دول الخليج العربي حلفاء استراتيجيون للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولا تريد واشنطن المساس بأمنهم بأي شكل من الأشكال؛ لأن لذلك تداعيات اقتصادية وسياسية كبيرة على هذه الدول، خاصة الإمارات، التي تعتمد قوتها الاقتصادية على الاستقرار الذي تعيشه".
وتابع: "التقنيات والأسلحة الأمريكية التي وصلت إلى الإمارات لن تكون الأخيرة، وسترسل الولايات المتحدة المزيد، خاصة في حال تزايد التهديد الحوثي، كما أن البيت الأبيض يعمل بشكل جدي لمحاولة إنهاء الحرب سلمياً".
ورأى أن الأسلحة والتقنيات الدفاعية الأمريكية ربما تنجح إلى حد كبير في التصدي لأي هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة تستهدف الإمارات، لكن في المجال الدفاعي لا يوجد سلاح مضاد ينجح في عمله بنسبة 100%.
وذكر أنه في حال تكرار الهجمات من قبل جماعة الحوثي قد تنجح صواريخ أو طائرات انتحارية مسيرة في الوصول إلى أهدافها، لكن ذلك سيكون بشكل محدود نظراً لتطور التقنيات الدفاعية الأمريكية، إضافة إلى امتلاك الإمارات أنظمة دفاع ناجعة عملت على امتلاكها خلال السنوات الماضية باعتبارها واحدة من الدول الأكثر تسلحاً على مستوى العالم، إضافة إلى المملكة العربية السعودية.
إلا أن الباحث الأمني قال لـ"الخليج أونلاين: "لا يبدو أن أهداف الحوثيين ترتبط بشكل أساسي بإيقاع خسائر مادية أو بشرية على الأرض الإماراتية بقدر ما هي محاولة جادة لهز سمعتها الأمنية، ومن ثم فإن التسبب بخسائر اقتصادية كبيرة لها سيكون وقعه على الدولة أكبر من أي خسائر مادية أو بشرية مهما كان حجمها صغيراً أو كبيراً".
واعتبر شكري أن التحدي الأبرز أمام الإمارات وحليفتها الولايات المتحدة سيكون "وقف الهجمات من منبعها وليس التصدي لها، وهذا لا يمكن التوصل إليه إلا عبر الحلول السياسية التي توقف الحرب أو على الأقل تخفف حالة التصعيد القائمة".