سلمى حداد - الخليج أونلاين-
موجة تضخم هائلة تضرب الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، بدأت تمتد أذرعها بقوة إلى دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن كانت بدايتها من الولايات المتحدة الأمريكية والصين والاتحاد الأوروبي.
هذه الارتفاعات القياسية في التضخم تأتي وسط تأثيرات لجائحة كورونا وسلالاته المتحورة وتعطل سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الشحن البحري، إضافة لارتفاع أسعار النفط لمعدلات تصلها لأول مرة منذ سنوات طويلة.
ويعكس معدل التضخم (الرقم الذي يقيس تكلفة الحصول على الخدمات والسلع الرئيسية للمستهلكين) تحركات الأسعار، ويرصد معدلات الغلاء في الأسواق المختلفة.
وفي 27 يناير الماضي، أصدر مركز الإحصاء الخليجي تقريراً ذكر فيه أن متوسط معدلات التضخم لأسعار المستهلك في دول الخليج بلغ 1.9% في شهر نوفمبر 2021.
وأظهرت بيانات منفردة لدول مجلس التعاون الخليجي ارتفاع معدلات التضخم في معظمها بديسمبر الماضي على أساس سنوي.
الكويت
أحدث هذه البيانات صدرت عن الكويت في 9 فبراير 2022، حيث أظهرت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء في البلاد ارتفاع نسبة التضخم إلى 4.3% في ديسمبر الماضي، على أساس سنوي.
وحسب البيانات فإن الأرقام القياسية لأسعار المستهلك (التضخم)، ارتفعت في البلاد إلى 4.3% في ديسمبر الماضي، على خلفية ارتفاع أسعار 12 مجموعة من السلع.
وذكرت البيانات أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك زاد على أساس شهري بنسبة 0.73% في ديسمبر، ليصل إلى النقطة 123.7.
ووفق البيانات، ارتفعت أسعار 12 مجموعة على أساس سنوي، أبرزها مجموعة التعليم بنسبة 18.95%، ثم "الأغذية والمشروبات" بنسبة 7.2%، تلتها "الكساء وملبوسات القدم" بنسبة 5.66%، وارتفعت مجموعة النقل بنسبة 4.54%، والترفيه 3.67%.
الإمارات
وفي 2 فبراير 2022، أظهرت بيانات صادرة عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء ارتفاع معدل تضخم أسعار المستهلك السنوي في الإمارات 2.5% في ديسمبر الماضي، ليستمر في الصعود للشهر الخامس على التوالي.
ووفق البيانات سجل التضخم 108.62 نقاط في ديسمبر الماضي، مقارنة بـ 105.97 في الشهر المماثل من 2020.
وبحسب البيانات، جاء ارتفاع التضخم السنوي بسبب صعود 9 مجموعات بصدارة "الأغذية والمشروبات" بنحو 3.71%، ثم التبغ 0.65%، والملابس والأحذية 0.51%.
في المقابل، انخفضت مجموعة "السكن والمياه والكهرباء والغاز" 2.57%، والتعليم 0.20%، والسلع والخدمات المتنوعة 1.02%.
وعلى أساس شهري، زاد التضخم في الإمارات 0.02% في ديسمبر الماضي، من النقطة 108.6 في نوفمبر 2021.
قطر
أما في قطر فقد أعلنت وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، في تقرير أصدرته في 16 يناير 2022، ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك (التضخم) خلال ديسمبر الماضي إلى 6.47% على أساس سنوي، قياساً بـ 6.09% في الشهر السابق له.
وذكرت الوزارة أن معدل التضخم بلغ 102.14 نقطة في ديسمبر، مقارنة مع 95.93 نقطة في ديسمبر 2020.
وأوضحت البيانات أن النمو السنوي بالأسعار جاء نتيجة زيادة أسعار 9 مجموعات، أبرزها الترفيه بـ37.31%، ثم النقل بنسبة 11.28%، و"الغذاء والمشروبات" بـ 6.73%.
كما زادت مجموعة "الأثاث والأجهزة المنزلية" بنسبة 3.64%، ومجموعة السلع والخدمات الأخرى 2.57%، والفنادق والمطاعم 2.11%.
في المقابل، انخفضت أسعار مجموعتين هما "السكن والماء والكهرباء" بنسبة 2.71%، و"الصحة" بـ1.39%، فيما لم يحدث تغيير بمجموعة التبغ.
وعلى أساس شهري ارتفع التضخم بنسبة 0.65% في ديسمبر، قياساً على زيادة 1.33% في نوفمبر السابق له.
السعودية
وفي المملكة العربية السعودية كشفت بيانات رسمية نقلتها صحيفة "الاقتصادية" المحلية، في 14 يناير 2022، ارتفاع معدل التضخم في المملكة خلال ديسمبر الماضي بنسبة 1.2% إلى 6.5%، على أساس سنوي مقارنة بالشهر نفسه من العام 2020، وبنسبة 0.1% على أساس شهري مقارنة مع نوفمبر السابق له.
وحسب الصحيفة فإن معدل التضخم في ديسمبر على أساس سنوي يعد الأعلى خلال ستة أشهر، أي منذ يونيو 2021 الماضي عندما بلغ 6.2%.
وارتفع التضخم في ديسمبر الماضي بشكل رئيس من ارتفاع أسعار النقل بنسبة 7.2%، نتيجة ارتفاع أسعار البنزين 50%، وزيادة أسعار الأغذية والمشروبات 1.1%.
على الجانب الآخر، انخفض قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى 1.6% بسبب تراجع إيجارات المساكن 1.94%.
والتضخم في ديسمبر هو الارتفاع الـ24 على التوالي، حيث شهدت معدلاته ارتفاعاً متتالياً منذ يناير 2020 .
سلطنة عمان والبحرين
وتماشياً مع بقية دول الخليج العربي، ارتفع معدل التضخم لأسعار المستهلكين في سلطنة عُمان خلال شهر نوفمبر 2021 بنسبة 3.65% على أساس سنوي مقارنة مع الشهر المماثل له في العام 2020، حسب المركز الوطني للإحصاء العماني.
ويُعزى ارتفاع مؤشر التضخم إلى ارتفاع أسعار المجموعات الرئيسية كمجموعة النقل بنسبة 11.04%، ومجموعة التعليم بنسبة 5.10%، ومجموعة السلع الشخصية والخدمات المتنوعة بنسبة 3.18%، ومجموعة التبغ بنسبة 2.98%.
كما ارتفعت أسعار مجموعة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 2.76%، ومجموعة الثقافة والترفيه بنسبة 2.64%.
ولم تصدر معدلات جديدة للتضخم في البحرين، إلا أن توقعات المملكة كانت أن يصل معدل التضخم في العام 2021 إلى 1.5%.
معدلات آمنة
وفي قراءته لمعدلات التضخم في دول الخليج العربي، يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش: إن "ارتفاع معدلات التضخم يقلق صانعي السياسة النقدية نظراً لتأثيرها على ارتفاع الأسعار والكلف المعيشية".
وأضاف عايش، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "معدلات التضخم بالدول الخليجية إلى حد ما أقل مما هي بالولايات المتحدة ودول أوروبا لكنها مقلقة لجهة الارتفاع فيها خصوصاً أن الدول الخليجية بشكل عام هي مستورد رئيسي للسلع والاحتياجات".
وتابع: "تصل نسبة الاستيراد في دول الخليج، خاصة من المواد الغذائية، إلى حوالي 80% أو 90% من احتياجاتها، وهذا يؤدي إلى أن تشعر هذه الدول بوطأة قوية لارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم حال كانت كبيرة".
إلا أن "عايش" استدرك أن "معدلات التضخم بالدول الخليجية تظل إلى حد ما ضمن الحدود الآمنة".
مواجهة ارتفاع الأسعار
ورأى أنه في حال ارتفعت معدلات التضخم ارتفاعاً كبيراً في دول الخليج فإنها يمكنها في بعض الحالات أن تعوض، سواء الموظفين أو المواطنين، عن هذا الارتفاع بالأسعار عن طريق زيادة الرواتب أو تقديم حزم معونات نقدية للمواطنين".
وأضاف الخبير الاقتصادي مستدركاً: "لكن إذا تواصل ارتفاع معدلات التضخم بشكل يخرج عن السيطرة فإن دول الخليج ستدخل تدريجياً بإراداتها أو اضطرارياً ضمن سياسة نقدية ستتبنى أن يتحمل فيها الناس جزءاً من العبء الاقتصادي".
وأشار إلى أن ذلك سيدفعها أيضاً إلى أن تزيد من تنوع اقتصادها ومصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، باعتباره يمثل لمعظم دول الخليج ما نسبته 70% من إيراداتها المالية العامة.
وأضاف: "يتحول الاقتصاد الخليجي في هذه الحالة إلى أكثر قدرة على مواجهة الحالات الاقتصادية والنقدية المالية المختلفة بقوة أكبر ومزيج من الأفكار والسياسيات الاقتصادية الداخلية التي تقلل من الآثار السلبية لمعدلات التضخم أو غيرها من المشكلات".
وحول تأثير ارتفاع أسعار النفط على التضخم في دول الخليج، أوضح الخبير الاقتصادي أن "الدول الخليجية استفادت من ارتفاع أسعار الخام لكنها أصبحت مضطرة لإنفاق جزء أكبر من هذه العائدات على السلع التي تستوردها واحتياجاتها الخارجية، وذلك لأن موجة التضخم شملت العالم كله".
وتابع: "تأثير ارتفاع أسعار النفط بالدفع نحو ارتفاع معدلات التضخم العالمية يمكن تصنيفه بأنه محايد أو قليل التأثير على الأسواق الخليجية بشكل خاص".
وأجمل حديثه بالقول: "هذه المتغيرات التي يعيشها الاقتصاد الدولي تستدعي من دول الخليج العربي اعتماد سياسات اقتصادية جديدة تأخذ في الحسبان أن العالم يتغير، وأن سياسات ما قبل جائحة كورونا لم تعد آمنة لمرحلة ما بعد كورونا".
ورأى عايش أن على دول الخليج العمل لتكون قادرة على القيام بما يتناسب والحالة الاقتصادية والنقدية العالمية الجديدة من أجل أن تسيطر أكثر على أوضاعها المعيشية وضمن ذلك ضبط معدلات التضخم.