علاقات » اميركي

الاتفاق النووي وحرب أوكرانيا.. اختبار جديد لدبلوماسية الوساطة القطرية

في 2022/03/05

كريستيان أوليركسن- منتدى الخليج الدولي- ترجمة الخليج الدولي-

زار الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" الدوحة في 21 فبراير/شباط الماضي والتقى الأمير "تميم بن حمد آل ثاني". وخلال الزيارة التي استمرت يومين، وقع الزعيمان 14 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بين إيران وقطر، وشاركا معا في القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز.

وكانت هذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها "رئيسي" إلى عاصمة خليجية عربية وثاني زيارة خارجية له منذ توليه منصبه في أغسطس/آب 2021. (زار روسيا في 19 يناير/كانون الثاني الماضي).

وعلى خلفية الصراع في أوكرانيا والتوقعات المتزايدة بأن يتوصل المفاوضون في فيينا قريبًا إلى تفاهم حول الاتفاق النووي الإيراني، فمن المرجح أن تكون اعتبارات الطاقة والدبلوماسية والجغرافيا السياسية قد سيطرت على جدول أعمال الزعيم الإيراني ومضيفيه القطريين.

وجاءت زيارة "رئيسي" بعد 3 أسابيع من زيارة الأمير "تميم" إلى واشنطن وهي الزيارة التي تعد الأولى من نوعها لزعيم خليجي منذ أن تولى الرئيس "جو بايدن" منصبه قبل عام. وقد تطرقت محادثات الأمير "تميم" مع "بايدن" إلى القضايا نفسها - مسائل الأمن الإقليمي والدبلوماسية، فضلاً عن تدفقات الطاقة العالمية - التي كانت مطروحة على الطاولة خلال اجتماعات "رئيسي" مع المسؤولين القطريين في الدوحة.

وفي حين أن قطر ليست طرفًا في محادثات فيينا، فإن أي اتفاق جديد سيحتاج إلى تأمين مشاركة أكبر من الدول الإقليمية مما كان عليه الحال مع الاتفاقية الأصلية في 2015. وفي أبريل/نيسان 2021، دعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي "نايف الحجرف" المفاوضين في فيينا إلى معالجة مخاوف دول الخليج العربي في أي اتفاقية جديدة محتملة مع إيران.

وأصبح المجال مفتوحا أمام القطريين للعمل من خلال مجلس التعاون الخليجي بعد المصالحة الخليجية التي تم الإعلان عنها قمة العلا في يناير/كانون الثاني 2021. ومن المتوقع أن تنسق الدوحة مع شركائها في الخليج للتوصل لإجماع حول طرق معالجة المخاوف الإقليمية من إيران وكذلك المخاوف الخاصة بالاتفاق النووي في حد ذاته.

ويعد افتتاح البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني لمدرج جديد في جزيرة طنب الكبرى، التي استولت عليها إيران من رأس الخيمة في عام 1971، قبل عدة أيام من زيارة "رئيسي" إلى الدوحة، مثالًا بارزًا على القضايا المتعددة التي لا تزال دون حل في علاقات دول الخليج مع إيران.

ومع القدرة على الاجتماع (بشكل منفصل) مع أعلى مستوى من صانعي القرار الأمريكيين والإيرانيين، تستطيع قطر تبادل الرسائل والحفاظ على قنوات الحوار بين الأطراف التي ترفض التواصل المباشر. ولطالما كان ذلك أحد المبادئ الأساسية للدبلوماسية والوساطة لدى قطر، وهو ما حقق نتائج إيجابية في أفغانستان عندما أقام ممثلو الولايات المتحدة وطالبان اتصالًا مباشرًا في عام 2018 بعد سنوات من العمل عبر قطر.

وأظهرت قطر قدراتها الدبلوماسية والإدارية خلال المفاوضات الأفغانية والانسحاب الفوضوي للقوات الأمريكية من كابول في أغسطس/آب 2021. وأوضح تفاعل قطر مع الولايات المتحدة وأفغانستان أن صانعي السياسة القطريين يمكن أن يلعبوا دورا إيجابيا حيال القضايا الجيوسياسية في المنطقة.

كان أحد طلبات الرئيس "بايدن" من الشيخ "تميم" خلال اجتماعهما في البيت الأبيض في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، أن تساعد قطر في تأمين إمدادات طاقة مستقرة لأوروبا في حالة اندلاع حرب روسية مع أوكرانيا. وقد استغل الشيخ "تميم" منتدى الدول المصدرة للغاز في الدوحة ليصرح بأن الدول الأعضاء في المجموعة، بما في ذلك روسيا، "تعمل جاهدة لضمان إمداد موثوق من الغاز الطبيعي إلى الأسواق العالمية".

وفي أعقاب الغزو الروسي وفرض الغرب عقوبات انتقامية قاسية على موسكو، يمكن لأطراف ثالثة مثل قطر أن تلعب دورًا وسيطًا، على الأقل في قضايا الطاقة.

ونظرًا لأن الكثير من دول العالم تستعد لإعادة فتح أبوابها بعد عامين من الوباء والانتقال إلى حقبة ما بعد الوباء، فإن تصعيد التوترات إلى مستوى الصراع العسكري الذي تشارك فيه إحدى القوى النووية في العالم يعد تطورًا غير مرحب به بالنسبة لقطر التي تستعد لاستضافة كأس العالم في وقت لاحق من هذا العام.

وستخفف العودة إلى اتفاق نووي مع إيران بعض المخاطر الجيوسياسية وتوفر فرصة للبناء اعلى مبادرات التهدئة في المنطقة بعد عقد من المواجهة التي أعقبت الربيع العربي.

وفي المرحلة الأخيرة من صياغة اتفاق بين إيران والولايات المتحدة والمرحلة الأولى من "الحرب الساخنة" في أوروبا، يمكن أن يتجاوز التواصل الدبلوماسي عملية سد الفجوات بين الأطراف المعنية وقد تكون المساحة المفتوحة لقطر أكثر شمولاً من المبادرات الإقليمية السابقة.

وقد تكون الفترة القادمة بمثابة الاختبار التالي لجهود الوساطة في قطر وقدرتها على دعم علاقات العمل والحفاظ عليها خلال أوقات الأزمات.